وطني ليس للمساومة

 

علي بن سالم كفيتان

سعيتُ بكل ما أوتيت من إمكانية لامتصاص صدمتي لكن نفسي لم تكن لتحتمل كل تلك التُّرهات التي سوَّقها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي، قلت في نفسي الرد عليها قد يمنحها بريقاً جديدًا لكن ومع ذلك هناك شيء يجول في خاطري ولم أستطع النوم بعد أن أطلعت على بعض تلك الكتابات والتغريدات الشاذة، والتفاعل الخبيث معها فهناك من يُنادي بأمور لم نعهدها من قبل، ويكشف عن خُطط وهمية للنيل من وحدتنا الوطنية، إنّه أمر يقود الى الألم والسخرية معاً.

ظفار هي رمز الكرامة والصمود العُماني في وجه العبث والفوضى والتشرذم فمنها انطلقت النهضة العُمانية الحديثة بقيادة مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-، وفيها أغمدت سيوف الاختلاف إلى غير رجعة، فهبَّ كل من فيها من باديتها الطاهرة بكرم أهلها وشجاعتهم إلى الريف الذي منح تضحيات لا تنسى لترسيخ الدولة العصرية إلى المدينة بأهلها الذين شكلوا حاضنة التغيير وروح التسامح، الجميع كان ولا يزال على خطى القائد ولن يلتفتوا لصيحات الطيور المُهاجرة بالأمس الى دفء الحرية الغربية.

إنَّ التحدي الأكبر الذي واجهه الرجل الذي منح كل حياته لعُمان هو الحفاظ على الوحدة الجغرافية للبلاد ورسم هوية لشعب ضاع وتشتت في أطراف الدنيا؛ حيث كنُّا نعمل في كل دول الخليج والبعض هاجر للشام والعراق ومنهم إلى الهند والباكستان وإيران وغيرها من الأصقاع. ولا شك أنّ التاريخ يظل حاضرا وشاهداً على منجزات القادة ولا أعتقد بأنّ أحدا سيذكره ذلك التاريخ كما سيذكر جلالة السلطان قابوس بن سعيد- أطال الله في عمره- فهو من لملم شتات الإنسان في جبال وسهول وصحاري وقرى عُمان بأكملها فالجميع له مكانة في قلب القائد مهما مضت السنون وزار المرض ونحن على يقين بأنّ دعواتنا سيقبلها الله لشفاء السلطان من باب إيماننا المُطلق به عزّ وجلَّ.

إنَّ بناء عُمان الحديثة لم يكن سهلاً حتى نسمح للبعض بالتطبيل على وحدتها الجغرافية والتدخل في تقسيماتها الإدارية، لقد كانت الفاتورة غالية أيُّها العابثون، فقد ضحى الكثير بأرواحهم لصيانة وحدة تراب الوطن، وجاعت بطون آخرين، وفقد الكثيرون أغلى النَّاس عليهم مهما كان المُعتقد ومهما كانت الآيدلوجية والمذهب لم يحاربوا من أجل هدف بسيط بل من أجلكم يا من تمتطون اليوم السيارات المُكيفة على الشوارع الواسعة وتستمتعون بالزهور على أطراف الطرقات العامة ولم تعلموا أنَّ دماءهم الطاهرة هي التي جعلتكم اليوم تشعرون بالعزة والإباء ربما نسيتم أو تناسيتم أيها الراحلون لزعيق القنوات وأضواء الاختلاف ولكننا في ظفار لم ولن ننسى تضحياتكم وستظل هي النور الذي نهتدي به لبناء عُمان الحديثة تحت القيادة الحكيمة لمولانا صاحب الجلالة وأسرته الكريمة.

لقد نزف الوطن ثرواته في بداية العهد من أجل الوحدة الوطنية وخاض صراعات لا هوادة فيها وتحالفات لا غنى عنها، وفي الجانب المُقابل لابد من بعث الطمأنينة في نفوس الجميع بأنَّ الهدف هو العيش الكريم، فالعالم الخارجي كان ينظر وهو مُنقسم على نفسه تجاه ما يجري ولقد أثبت هذا الرجل العظيم جلالة السلطان المُعظم أنّه رجل الحرب السلام، ففي المعارك كان السلطان في الخطوط الأمامية ومن جانب آخر فتح ذراعيه للسلام ومنح العفو والصفح الجميل وظل هذا النهج هو ديدن حكومته الرشيدة فمهما عظمت الأخطاء فإنَّ عفو جلالة السلطان قابوس يعلوها.

في عُمان حرية الرأي مكفولة بموجب القانون ولا داعي للهجرة إلى الخارج لأن التغيير يأتي عبر الحوار الهادئ في الداخل ولا توجد مُحرمات للحديث عن التنمية والتطوير والتحديث والمحاسبة حسب علمنا سوى ثلاثة مُحددات هي المساس بذات القائد، وإذكاء روح الخلافات العقائدية والمذهبية، وتخريب مكتسبات الوطن التي سالت من أجلها الدماء وأنفقت عليها المليارات من ثروات عُمان.

استودعتكم الله موعدنا يتجدد معكم بإذن الله.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.                                                                                         

alikafetan@gmail.com