معلمي أنت الأول والأخير

 

 

خالد بن علي الخوالدي

 

يُمثِّل الاحتفال بيوم المُعلم العُماني الذي يُوافق الرابع والعشرين من شهر فبراير من كل عام، محطة هامة في حياة المُعلم العُماني، لابد أن نقف عندها جميعًا وقفة صادقة، ونراجع حساباتنا بداية من وزارة التربية والتعليم مروراً بالمُديريات التعليمية والإدارات المدرسية، ووصولا إلى مجالس الآباء والأمهات مرورًا بالأسرة والمعلم نفسه، فالعملية التعليمية عملية تكاملية وتقع مسؤوليتها علينا جميعًا، وحتى أكون صادقاً مع نفسي ومعكم فهناك إيجابيات عديدة في العملية التعليمية والتربوية إلا أنَّ هناك تحديات ما تزال تقف حجر عثرة أمام تحقيق ما نطمح إليه وسأقف مع بعضها باختصار من خلال هذه الوقفات.

 

الوقفة الأولى مع وزارة التربية والتعليم ومُديرياتها بمُختلف المحافظات حيث تقع عليهم مسؤولية مُباشرة عن الوضع التعليمي والتربوي ووضع المُعلم كمحور أساسي في العملية التربوية والتعليمية، فالمعلم أصبح في هذه الأيام سوبر مان وعليه مسؤوليات كبيرة يعجز بعض الأحيان عن احتمالها فإلي جانب نصاب الحصص المُرتفع عليه كذلك مُتابعة الأنشطة الطلابية والحافلات المدرسية والمقصف المدرسي والمُسابقات الطلابية المُختلفة وهي كثيرة ومُتعددة يُمكن فقط أن نذكر مثالاً عليها بمُسابقة النظافة والصحة في البيئة المدرسية والتي تغير مسارها الذي خطَّه مولانا المُعظم فبدل أن تكون النظافة قيمة حولتها الوزارة المُوقرة لتصبح وجاهة ومن يضيع وقته في الفشرة يفوز في المُسابقة، والمُعلم السوبرمان في نفس الوقت ترقياته توقفت ويُطالب بترقيات 2010 ونحن الآن في 2017 وما زال عددٌ من المُعلمين والمعلمات سيدخلون عامهم السابع وهم بعيدون عن مُحافظاتهم ولم ينعموا بالراحة والاطمئنان والأمان الأسري وغيرها من الجوانب التي يُعاني منها المعلم والتي تحتاج إلى وقفات تصحيحية.

 

الوقفة الثانية مع مجلس الآباء والأمهات والأصح في نظري أن يُطلق عليه مجلس أولياء الأمور، وهذا المجلس شكلي وليس له تشريعات قانونية ولا صلاحيات تخول له أن يشكل موقفاً مؤثراً في العملية التعليمية والتربوية وإذا ما استمر وضعه بهذه الحال، فعلى أعضائه ألا يجتمعوا فاجتماعهم مضيعة للوقت ولا يضيف أي جدوى في مسيرة العملية التعليمية إلا إذا كان دوره فقط من باب أنَّ عندنا مجلس لأولياء الأمور نطلعه على ما يدور في الحقل المدرسي وكفى، وفي هذه الوقفة لابد أن نؤكد على دور عملية التواصل بين البيت والمدرسة لما لها من أهمية بالغة في مُتابعة مستوى الأبناء الأخلاقي والتعليمي وهذه الحلقة يشوبها ضعف ولابد أن تُعزز من خلال إدارك أولياء الأمور لها.

 

والوقفة الثالثة مع المُعلم نفسه الذي أدعوه أن يُحرر نفسه من التبعية التي تجعله سوبرمان وينتبه إلى تأدية رسالته العظيمة وهذا لن يتحقق إلا إذا كان للمُعلمين جمعية يتفقون من خلالها على ما ينفعهم ويضرهم، فأغلب المهن والوظائف لها نقابات وجمعيات تدافع عن حقوقها وحقوق مُنتسبيها فالمحامون لهم جمعيتهم والصحفيون كذلك والكتاب والأدباء لهم جمعيتهم والمهندسون أيضًا والعمال لهم نقاباتهم بل إن بعض الشركات يوجد بها نقابات لعُمالها إلا المعلمون فلا جمعية تجمعهم ولا نقابة تدافع عن حقوقهم ولا هم أنفسهم يتحركون ليكون لهم كيان ووجود يستطيعون من خلاله المطالبة بحقوقهم وتكون اللسان الناطق باسمهم لدى الوزارة، معرفاً بما يعانيه المعلم والأسرة التعليمية بدل الاستغاثات والنداءات والعويل والتمتمات بينهم وبين أنفسهم بأن واقعهم مرير ويحتاج إلى تصحيح، وقبل هذا وذاك لابد أن يحترم بعض المعلمين ذواتهم فيبتعدوا عن مواقع الريبة والشك ويرتقوا بأنفسهم أخلاقياً وسلوكياً ويقدموا صورة طيبة تليق بمكانة المعلم فيعم الاحترام لهم في كل طريق يسلكوه ويكون لهم التقدير والشكر والثناء على كل نافذة خير يفتحونها.

 

وأخيرًا يطيب لي بهذه المناسبة أن أتقدم بالتهنئة العطرة لجميع التربويين عمومًا وللمعلمين والمُعلمات على وجه الخصوص بمناسبة الذكرى السنوية ليوم المعلم مستشرفين من خلالهم المُستقبل بعيون كلها أمل لتحقيق الإنجاز الذي يمكن المعلم من الوصول إلى أفضل المستويات له ولمجتمعه ودولته فنحن نعقد آمالاً كبيرة على جهوده وإخلاصه وتفانيه وبدونه نحن جميعاً لا قيمة لنا فهو الأول والأخير، ودمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com