فايزة سويلم الكلبانية
تُعتبر الجهود الرامية لتوفير فرص العمل للباحثين عنها من أهم القضايا التي تحقق الاستقرار الاجتماعي، ولقد بذلت الحكومة العديد من هذه الجهود لاسيما بعد عام 2011 بما يضمن توفير الوظائف للشباب العُماني الراغب في الالتحاق بسوق العمل وبدء مرحلة جديدة في حياته العملية، بعد أن تخرج وأنهى مسيرته التعليمية.
وكان من بين التحديات التي واجهت- ولا تزال- تواجه الحكومة قلة فرص العمل المطروحة، في ظل رغبة الكثير من الشباب في الالتحاق بالوظيفة الحكومية، رغم ما يوفره العمل في القطاع الخاص من مزايا لا تتوافر في القطاع الحكومي.
ويبدو أنَّ أزمة شح الوظائف تتكرر حاليًا، فأعداد الخريجين تتزايد مع نهاية كل فصل دراسي، حيث ترفد المؤسسات التعليمية سوق العمل بالآلاف من الخريجين الآملين في الحصول على فرصة عمل تكفي احتياجاتهم وتساعدهم في تأسيس أسرة وبناء مستقبل واعد.
****
اليوم نعود إلى ذات المرحلة التي بدأنا معها في تحسين بيئة الأعمال والحياة الاجتماعية جراء تكدس أعداد الباحثين عن عمل والذي يزداد سنة بعد الأخرى، حيث تُشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة لسجل القوى العاملة لعام 2016 إلى أنَّ عدد الباحثين عن عمل النشطين حاليًا يصل إلى نحو 42 ألف عُماني وأن 75 بالمائة من هؤلاء دون 29 عامًا، كما أنَّ 67 بالمائة من الإناث، ويصل متوسط انتظار الوظيفة إلى نحو 3.5 سنة.
ولا زال البعض من هؤلاء عاقدًا الآمال على مُخرجات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) لبدء تطبيق عددٍ من المُبادرات التي نتجت عن مرحلة المختبرات والتي أوضحت أنَّ التأثير المتوقع هو توفير 30 ألف وظيفة أو تحصيل رسوم بحوالي 200 مليون ريال سنويًا وتخصيصها للتدريب بحلول عام 2020، مع العلم بأنَّه تمَّ وقف الإعانة الشهرية منذ فترة زمنية طويلة والتي قدرت بــ150 ريالاً لعدد من الباحثين عن عمل حتى يتم توظيفهم بعد عام 2011، على وعد من وزارة القوى العاملة بأن يتم استبدال المبلغ الشهري بفرص تدريبية، لكن إلى اليوم لم نحصل على تطبيق وتنفيذ واضح من قبل الجهات المُختصة يلبي رغبات واحتياجات الباحثين عن عمل والمنتظرين في ظل انقطاع المبلغ الشهري عمن تمّ صرفه لهم سلفًا فاليوم بقي غالبية الباحثين بدون (150 ريالاً ولا فرصة تدريبية)..؟!! فمن المسؤول؟!
****
في ظل تراجع أسعار النَّفط والتي ترتب عليها مُساهمة المواطن في مواجهة عجز الميزانية العامة للدولة ليكون المواطن - كما يبدو- المتحمل الأول لتبعات تغطية عجز الميزانية العامة، نتيجة لما ينتج من زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية وأسعار الخدمات والرسوم وأسعار الوقود.
لو قيل لنا بصريح العبارة وبكل شفافية فرضت على المواطن ضريبة دخل لتغطية عجز الميزانية وقدرها كذا لكان أفضل مما يفرض علينا اليوم وكل جهة تفرض علينا قراراً شئنا أم أبينا لابد لنا من التجاوب والتأقلم عليه ونحن صامتون، بدءًا من ارتفاع أسعار الخدمات والرسوم والمخالفات وزيادة التضخم مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وفواتير الكهرباء والمياه وتسعيرة النفط غير الثابتة، ونزيد على ذلك ما يترتب على موظفي القطاع الخاص من خفض في الرواتب أو تسريح البعض من الموظفين ليتمكن صاحب العمل هو الآخر من الصمود أمام المُتغيرات في السوق.
لا زلنا نعقد آمالاً أخرى على مُخرجات برنامج "تنفيذ" ومترقبين بصحبة بصيص من الثقة والأمل بأنَّ القادم على عُمان وأهلها أجمل.
****
خلال استضافة معالي الشيخ عبد الله بن ناصر البكري، وزير القوى العاملة، في الجلسة الاعتيادية السادسة لدور الانعقاد السنوي الثاني للمجلس (2017-2016) من الفترة الثامنة للمجلس (2015/2019)، تم الاتفاق على أن يتم تنظيم معرض للوظائف، بالتعاون بين مجلس الشورى، ووزارة القوى العاملة، وهيئة سجل القوى العاملة والقطاع الخاص؛ حيث يتم استدعاء الباحثين عن عمل، كي يتم طرح فرص العمل لهم، بحيث نخرج بنتائج ويتم توظيف واستيعاب عدد من الباحثين عن عمل في مواقع وظيفية مُعتمدة وليس كما نجد اليوم من "معارض الوظائف" والتي يتم تنظيمها والصرف عليها بدون أي فائدة للباحثين عن عمل الزائرين للمعرض سوى زيادة التعقيد والإحباطات.
حقيقة هذه المعارض تقوم على تعريف كل شركة وجهة مشاركة بنفسها وخدماتها وأنشطتها ويضيع الهدف وسط هذه الأمور التي تأبى أن تتغير، وكأنّه معرض لجذب استثمارات من مُستمرين لا يملكون سوى مؤهلاتهم وآمالهم حيث جاءوا باحثين عمن يأخذ بأيديهم بكرسي شاغر يكون مصدرًا للرزق وبداية لمشوار عملي.
ومن هنا يمكن القول إنَّ معالجة تحديات سوق العمل تتطلب تكثيف الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع للحد من الآثار غير الإيجابية.