"سبقٌ صحفي"

المؤلف الصغير

 

 

منار الهنائيَّة

يقع منزل ألبرت مقابل أحد الأزقة في لندن، كان ألبرت يعيش حياةً متواضعةً كغيره في تلك البلاد، كان يحصل على قوت يومه من عمله، كان عمله شاقا، لكنه كان يحب مهنته تلك؛ فبفضل كونه صحفيا يمكنه أن يعرف أخبار العالم دون أن يجهد نفسه في شراء الصحف و المجلات.

أقيمت في لندن مسابقة للصحفيين؛ يجمع فيها الصحفيون أخبارا جديدة ومميزة، والذي سيفوز بالمسابقة سيحصل على عشرة آلاف دولار، وسرعان ما انتشر الخبر حتى وصل إلى ألبرت، لقد تحمَّس ألبرت للاشتراك في المسابقة وقد صار يتخيل نفسه فائزا في تلك المسابقة، فالمبلغ الذي سيفوز به الفائز أضعاف راتب ألبرت الذي يحصل عليه شهريا من عمله.

هرع الصحفيون في أرجاء البلاد للبحث عن أخبار جديدة وكان من بينهم ألبرت، لكنه وجد صعوبة في إيجاد خبر مثير يتفوق به على الصحفيين أمثاله. أخذ ألبرت يمشي في الشوارع وبين الأزقة وبين المنازل، ثم جلس ليستريح بجانب مكب للنفايات، وبينما هو كذلك لمح آلة غريبة بين النفايات، لم تبدو الآلة معطلة لكن بدا عليها بعض علامات القدم، أخرج ألبرت الآلة وبدأ يتفحصها، ثم وجد على الآلة رسالة كتب عليها: "مني إلى من يقرؤها"، فتح ألبرت الرسالة من دون تفكير وقرأ ما فيها، حيث كتب في الرسالة: "أنا عالم ومكتشف متجول ولدت في لندن، توفي والدي، ثم تربيت على يد جدتي حتى صرت في العشرين من عمري، توُفيت جدتي بعد أن بلغت سبعة وثمانين عاما من عمرها، ومن يومها صرت أتجول في أرجاء بريطانيا، أبحث عن عمل حتى وجدت عملًا في إحدى المزارع عملت فيها كسائس للأحصنة والخيول، ثم جمعت المال الذي كنت أحصل عليه من قوت يومي لأسافر به إلى بلدان أخرى، سافرت إلى الهند وهناك تعلمت اللغة الهندية، ومن ثم اتجهت مسافرًا إلى شبه الجزيرة العربية وهناك تعلمت اللغة العربية وتعلمت أيضًا إلقاء الشعر وكنت بارعًا فيه، وقد تعلمت من العرب الحدادة وصرت حدادًا مشهورًا، ثم انتقلت إلى مصر وقد صار عمري خمسين عامًا، وهناك اكتشفت قدرتي على ابتكار الآلات فقد انتفع الناس باختراعاتي بل الكثير من الناس. وفي أحد الأيام في مصر، سقط نيزك في نهر النيل؛ مما أدى لحدوث هزة أرضية قوية، فتهدمت أغلب المباني وحدثت إصابات بليغة للناس في مصر، ومن حسن حظي لم أصَب بأي أذى. وبعد يومين من الحادثة غطست في النهر، ثم أخرجت جزءًا من ذلك النيزك، وقد خرجت من مصر وعدت إلى شبه الجزيرة العربية.

 كان الناس على طبيعة حالهم، وفجأة بدا الناس وكأنهم في العصور الحجرية الوسطى، يلبسون جلود الحيوانات وينقبون عن المعادن، بدا الأمر وكأنني عدت بالزمن إلى الوراء، أخرجت ذلك الجزء من النيزك من حقيبتي، وتيقنت أن هذا الحجر هو السبب.

لم أعرف كيف أتحكم في ذلك الحجر العجيب، فبنيت لنفسي منزلًا بعيدًا عن الناس، ثم بدأت أمارس مهاراتي في الحدادة لأصنع شيئًا أستطيع به أن أتحكم في هذا الحجر. بعد أيام توصَّلت إلى حل لهذا الحجر، فقد صنعت آلة حديدية ووضعت ذلك الحجر في قلب هذه الآلة، واستطعت أن أعود للزمن الذي أنتمي إليه، ثم سافرت إلى وطني لندن، وقد صار عمري واحدا وستين عامًا. وقد كتبت هذه الرسالة لأنني أحسست باقتراب ودنو أجلي ونهايتي. متمنيًا أن ينتفع أحد بهذه الرسالة، وقد تركت هذه الآلة التي أطلقت عليها اسم آلة الزمن؛ لينتفع بها أحد من بعدي راجيًا عدم وقوعها في الأيدي الخاطئة".

انبهر ألبرت بما وجد، وقرَّر أن يحتفظ بهذه الآلة، ثم حمل آلة الزمن واتجه بها مسرعًا نحو منزله. أراد ألبرت أن يجرب آلة الزمن وأن يجوب بها مختلف العصور من المستقبل والماضي، ولأن ألبرت يحب الحضارة المصرية، فقد عاد بالزمن إلى الوراء في مصر، كما زار الصين وشبه الجزيرة العربية، وقد ذهب أيضًا إلى عصر الديناصور وشاهد مختلف الديناصورات كترايسيرا وتيريكس وتيراسوروس... عاش ألبرت أجمل لحظات حياته في ذلك اليوم.

نظر ألبرت إلى الرسالة التي وجدها مع آلة الزمن، وقرر أن يشارك بها كسبق صحفي في المسابقة متيقنًا الفوز بالجائزة.

وبعد أسبوع...،

وقف المذيع على خشبة المسرح معلنًا عن الفائز، كانت المفاجأة بأن ألبرت هو الفائز، فصفق الجمهور بحرارة لألبرت.

عند عودة ألبرد إلى منزله لم يصدق ما حدث، فقد حصل على عشرة آلاف دولار. أصبح ألبرت أشهر الصحفيين في لندن بفضل آلة الزمن، فقد استطاع معرفة حياة البلدان الأخرى السابقة، وقد تحول من شخص عادي إلى أشهر شخص في بلاده بفضل سبقه الصحفي، فلا يجب أن نستهين بالأشياء من حولنا حتى لو كانت بسيطة ففي يوم من الأيام قد تصبح مشهورًا بفضل شيء ما، وتتناقل الأجيال والأعوام اسمك.

تعليق عبر الفيس بوك