فايزة الكلبانيَّة
منذ أن وطأت قدماي أرض "مطار الدقم"، وخرجنا قاصدين الطريق إلى فندق "كراون بلازا" حيث محل إقامتنا، قفزت إلى مخيلتي تلك الصورة التي وجدت عليها المنطقة قبل ما يقارب الـ6 سنوات، خلال زيارتي الأولى لها في العام 2011؛ فاليوم أنا هنا بعد رحلة طيران لم تستغرق سوى ساعة واحدة، بينما كانت الزيارة الأولى على متن حافلة شقت طريقها لست ساعات تقريباً.. اليوم أجد ملامح التمدُّن والعمران في كل مكان، وقبلها لم ألمح عمودًا واحدًا للإنارة على جنبات الطريق.. اليوم أنا في طريقي لكراون بلازا، المجاور لفندق بارك إن، فيما لم يكن على نفس الأرض سوى فندق واحد وهو "فندق المدينة".
وبَيْن هذه وتلك، بدأتْ أحدِّث نفسي بأنَّ مظاهر التمدن والحياة الأخاذة، وما أوجدته من حياة واعدة للدقم، هل ضَمِنت الأولوية لأبناء تلك الولاية في الاستفادة من هذه المشاريع؟ هل خلقت لهم فرص عمل وتوظيف حقيقية؟ وماذا عن فرص التأهيل والتدريب؟ وكم مؤسسة صغيرة ومتوسطة تشارك بأنشطتها بعقود عمل ضمن حزمة المشاريع الموجودة؟!.. إنها جُملة من ملامح المسؤولية الاجتماعية التي من المفترض أن تكتمل، بالتوازي مع ملامح العمران والنماء في المنطقة، لمواصلة عملية التطوير.
****
استقبلتْ الدقم، على مدى ثلاثة أيام، وفدًا صحفيًّا من المشاركين في ملتقى المراسل الصحفي الرابع، والذي تنظِّمه جمعية الصحفيين العمانية هذا العام بالتعاون مع هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم؛ بهدف إطلاع الوفد على سير العمل بالمنطقة، ليعمل على نقل الصورة لأهم المشاريع والإنجازات المتحقَّقة على أرض الواقع، ومتابعة مستجداتها. وأنَّ الدقم اليوم باتت واجهة تستقطب مُختلف الاستثمارات في مختلف القطاعات، وهي كمنطقة حرة باتت موردًا يُعوَّل عليه لدعم خطط وإستراتيجيات التنويع الاقتصادي، حيث يبلغ حجم المصاريف المستثمرة حتى 2020 ما يعادل 2.4 مليار، 95% منه مخصص للبنية الأساسية كالميناء والمطار والطرق والحوض الجاف والفنادق...وغيرها من البُنى الضرورية لإقامة هذه المشروعات. كما ضَخَّت الحكومة في المنطقة أكثر من 1.7 مليار ريال عُماني في مجالات مختلفة، لتتحقق الآمال المعقودة على المنطقة.
الآن.. حان الدور علينا نحن الصحفيين والإعلاميين لدعم هذا المنجز القائم على أرض تلك الولاية.. فهل نحن جاهزون؟!
*****
يفرضُ التطوُّر المتلاحق في حجم المشاريع القائمة في تلك المنطقة، أن تحمل الرؤى المستقبلية مزيدًا من الأمل في أن تتضاعف الجهود والاستثمارات -المحلية والأجنبية- وأن تتسارع خطى الاستفادة التنموية مما تحقق، لنشهد على أرض عُمان منطقة تضارع مشروع "المدينة الصينية"، تحجز مكانها بارزًا على خارطة الاقتصاد والتجارة العالميين في أسرع وقت. مع منح المستثمرين الجادين تسهيلات في الإجراءات والتراخيص وخطط التنفيذ، لضمان الاستفادة القصوى.
****
حديثنا مع المهندس عصام المخيني مدير أول للصحة والسلامة المهنية بالحوض الجاف، ضمن جولتنا للحوض والميناء، كان مبشراً جدًّا؛ حيث أكد لنا أنه وحتى نهاية يناير الماضي، استقبل الحوض 442 سفينة سواءً منها العابرة للمحيطات والعملاقة والتي لها تأثير في صناعة النقل البحري، إضافة لسفن على قائمة الانتظار، وأنَّ العملية التسويقية قائمة على التوسع لبحث أسواق جديدة أخرى. حيث يعتبر مشروع الحوض الجاف أحد القطاعات النوعية الجديدة في السلطنة، جنبًا إلى جنب مع حجم المشاريع بالمنطقة ومعالمها التنموية كميناء الدقم، وحديقة الصخور، والمنطقة العمالية، والمصفاة...وغيرها.
فشكرًا لكل القائمين على إنجاز تنمية المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
****
بدأ أمس التشغيل المبدئي لقرية النهضة، كأضخم مشروع سكني بمنطقة الدقم مُخصَّص للعاملين في الشركات العاملة هناك، بسعة 16 ألف سرير، ليساند مشروع "واجهة الدقم". وننتظر اليوم الانتهاء من مشروع "السكة الحديد" -المقرر أن يُحدث نقلة نوعية في تنشيط الحركه التجاريه هناك- لتكتمل للدقم كافة السبل المهيِّئة لاستقبال المستثمرين، كرافد واعد للتنمية.
****
أجواء مناخية مثالية تغلف "الدُّقم" بالجاذبية، وتفتح المجال أمام حديث جاد لاستثمارات أكبر في قطاع السياحة والمنتجعات ومراكز التسوق، وتعظيم إمكاناتها لتسهيل وصول الراغبين في الاستجمام إليها؛ سواء من داخل السلطنة أو خارجها.. لكن الأمر لا يزال بحاجة للتسويق والترويج لجذب الاستثمارات وتنشيط السياحة فيها.
ومن جهتنا كأبناء لهذا الوطن الغالي، علينا مساندة الحكومة والقطاع الخاص في تلك المهمة، ولو بشكل عفوي من خلال مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.. فلنفعِّل حساباتنا لأجل تنمية عُماننا.
Faiza@alroya.info