"نهار يزهر خلف الغيم" .. ديوان جديد لمحمد الحضرمي

 

مسقط - العمانية  

صدر للكاتب والشاعر محمد بن سليمان الحضرمي ديوان شعري جديد بعنوان نهار يزهر خلف الغيم، وذلك عن وزارة التراث والثقافة بالتعاون مع دار الانتشار العربي ببيروت، متضمناً 62 نصاً شعرياً تفاوت إيقاعها بين النثر والتفعيلة، والقصائد الطويلة والمقطعات والشذرات، مفعماً بحس الطفولة، متأثراً بحياته في القرية العمانية، بكل ما تزخر به من مفردات وصور وجماليات، يتضح ذلك من خلال إهدائه الذي وجهه «إلى منابت زهر الطفولة، النامي في سهل الروح»، لغة الكاتب في المجموعة حالمة تميل إلى الغنائية، والمتصفح للديوان الذي يقع في 167 صفحةً من الحجم الصغير، يلاحظ احتفاء الشاعر بالحياة في القرية، حيث زرع فيها أحلامه، ونثر خطواته في الدروب، وحيث الطرقات مضمَّخة بروائح الطفولة والحب والبراءة، كما لو كانت القرية طفلة وديعة.

كما يحتفي الشاعر في نصوصه ببعض المشاهدات والمعالم، فقد كتب نصا يرثي فيه شجرة، كانت بمثابة دوحة ظليلة تتوسط القرية، كانت أغصانها أشبه بأيادي ملاك أخضر، لكن القحط حولها إلى كائن مجذوم حتى أبادها.

ويكتب نصًا في جبل يلوح بقممه من بعيد، الجبل الأصم الشامخ، يحاوره الشاعر وكأنه صديق، يعرف أسرار الحياة، منذ أن غمرت المياه العالم في الطوفان السحيق، وحتى اليوم، الجبل ذاكرة المكان الموغل في القدم، والنابت في الأرض كشجرة متحجرة.

كما يكتب نصاً في الليل، هذا الشبح الأسود، الذي يزور العالم كل يوم، فيرى نفسه شبحا يتوارى في الظلام، ويرى الحجارة أشبه بأضرحة قبور. وبحس شعري يجيل الشاعر نظره إلى الأنحاء فيرى في الجبال قباب حجرية، تلك هي مدافن الألف الثالث قبل الميلاد، والتي تتناثر في أكثر من مكان بعمان، مدن «بات»، و«العين» و«زكيت» و«منح»، وغيرها كثير، فيحاور تلك الأعشاش الحجرية التي تلوح من بعيد، مستنطقا تلك المدن المهجورة، والمدافن المطمورة التي لا يُرى منها سوى مشاهد مبعثرة.

والمجموعة الشعرية الجديدة للحضرمي مليئة بالالتفاتات الإنسانية للحياة والمخلوقات، وحتى الكائنات متناهية الصغر كالنمل الذي يبني له ممالك تحت الأرض، يكتب فيه الشاعر نصًا شعريًا، ينبش فيه تلك الممالك المشيدة تحت الأرض، والتي لا يتسلل إليها الضوء، مثلما يكتب عن السلحفاة التي تزحف بتؤدة في الشاطئ، ويصف حالها وهي حين تودع بيضها، وتودع صغارها الذين لا تلقاهم في الحياة، وعن العقعق المهاجر، والزهرة المتفتحة في ميسمها، كما تزهر الأحلام، أو كما يزهر النهار خلف الغيم، وعن النوارس المهاجرة، والأطفال في مهادهم، والبيوت الغائصة في الذاكرة، ويصفها بأنّها مدن العشق المهجورة، وعن وردة الروح التي لا تذبل، المغروسة في تلافيف الفؤاد، والنوافذ المشرعة للضوء، والعتبات التي وقف الشعراء عندها وقالوا كلاما، وعن المدن النائية.

  الجدير بالذكر أنه سبق أن صدر للكاتب محمد الحضرمي كتاب «منازل لا تنسى» عن النادي والثقافي بالتعاون مع مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة ، وهي مجموعة من نصوصه السردية والمقالية، كما أصدر سابقاً مجموعة شعرية بعنوان «في السهل يشدو اليمام» 2009م، ومجموعة سردية بعنوان «أسرار صغيرة».

 

تعليق عبر الفيس بوك