القطاعان العام والخاص.. الفرص والتحديات

 

 

فايزة الكلبانيَّة

 

في الحياة يُقال إنَّه "اذا داومت على ما كُنت تقوم به دوما، فسوف تحقق ما كنت تحققه دوما". ومن هُنا، فإنَّ البعضَ يعتقد بأنَّ صناعة التميز والنجاحات مسألة سهلة، ولكن عندما نأتي لأرض الواقع وتجارب الأشياء نكتشف أنَّ طريق التميز والنجاح محفوف بالتحديات والمخاطر والصدمات وليس بالسهل المتاح، إنما هو بحاجة لعزيمة وتحدٍّ ومثابرة للوصول للقمة.

والمنافسة أو التباين بين الموظف الذي يعمل في القطاع الحكومي وموظف القطاع الخاص، تُمثِّل أحد أبرز الأمثلة التي قد تكون نموذجا من واقع الحياة ليدل على أنَّ التميز بحاجة لتضحيات وسعي دؤوب، وهذا ينطبق على البعض وليس الجميع؛ فأنا لا أؤمن بمبدأ التعميم؛ فاليوم القطاع الحكومي يعوِّل على القطاع الخاص الدور الكبير في المساهمة بتنفيذ المشاريع القادمة وخلق الاستدامة في ظل وجود تجاذبات حقيقية طال الحديث عنها بين القطاعين، ولكننا ما زلنا عاقدين الآمال على تكاتف وتلاحم الجهود بعد الجلوس على طاولة "تنفيذ"؛ للوصول إلى القمة والأهداف المرجوَّة، مُناشدا القطاع الخاص شريكَه الحكومي بالمزيد من التبسيط والتسهيلات.. وهنا أسرد بعضاً من مناظرات التحدي بين القطاعين لأجل البقاء.

بطبيعة الحال، للموظفين بالقطاع الحكومي والخاص -وكذلك الباحثون عن عمل- نظرتان متناقضتان تجاه مسار عملهم؛ فالبعض يرى أنَّ القطاع الحكومي يمتاز بما يُعرف بـ"الاستقرار الوظيفي"؛ حيث تكون الوظيفة مضمونة بشكل تام، بينما يفتقر القطاع الخاص بشكل عام لمثل هكذا ميزة؛ لذا يسعى أغلبهم إلى البحث عن أي وظيفة بـ"العام"، فيما نجد في المقابل فئة أخرى من الموظفين قد يهجرون وظيفتهم بـ"الحكومي"، بحثا عن التميز وعن ذاتهم والتطور -والمادة أحيانا- ليجدوا لأنفسهم مقعدا مع موظفي القطاع الخاص.

كما نجد أن فرص التطور في العمل وتعزيز المهارات لدى القطاع العام الحكومي محدودة كما يصفها البعض، بينما فرص التطور والإبداع في العمل لدى القطاع الخاص متعددة ومفتوحة، خاصة لأصحاب الاختصاصات المميزة، ولا أبالغ إذا قلت بأنَّ مجالات الإبداع والتمييز للعاملين لدى القطاع الحكومي قليلة، وهذا تحصيل حاصل للروتين اليومي بالعمل، على عكس العمل لدى القطاع الخاص الذي يخلق الحركة والتميز والتطور نتيجة لضغوطات العمل اليومية؛ سواء لطول ساعات العمل المتواصلة صباحا ومساء، أو من يعمل لفترتين صباحية ومسائية، فهناك تنوع أكثر بمجالات العمل، ونجد أن الأعباء الملقاة على عاتق موظف القطاع الخاص تدفعه قَصْرًا للخروج عن الروتين اليومي للعمل، مع الأخذ بالاعتبار أن عدد ساعات العمل الأسبوعية في معظم الدوائر الحكومية تكون حتى الثانية ظهرا، إلا القليل ممن تمتد فترة دوامهم لأكثر من ذلك. ناهيك عن الراتب التقاعدي الذي لن يحصل عليه موظف القطاع الخاص إلا بعد مرور سنوات طويلة من الخدمة.

وهنا.. يبقى السؤال: ألا يتوجَّب أن تكون مجالات الإبداع والتميز والإنتاجية لدى موظفي القطاع الحكومي هي الأكثر نتيجة لهذه المفارقات من الراحة والرفاهية، ولكن هذا الجو من الرفاهية جعل البعض يتقاعس عن الإنتاجية وتطوير الذات، لدرجة أنَّه طبيعي أن تدخل على قسم لمراجعة أية معاملة كما نتابع كثرة الشكاوى من المراجعين، وتجد أحد الموظفين إجازة، والآخر مستأذنا...وغيرها من الظروف الطارئة التي لا تنتهي. وقد نجد نفس الأوضاع لدى البعض من العاملين بالخاص كذلك.

أمَّا القطاع الخاص، فيعتمد على دعم نفسه بنفسه سواء رب العمل أو الموظف، لاسيما فيما يمر به القطاع الخاص من ظروف في ظل أزمة النفط وتبعاتها، والذي لا يزال يعوَّل عليه الكثير في الخطط التنموية القادمة والتي أساسها مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع، وفي الوقت ذاته تجدهم في حراك ديناميكي متجدد يفكرون ويخططون وينفذون ويسعون للعطاء والتميز وزيادة عوائدهم، كل ذلك لأنَّ هناك آلافَ الأسباب التي تؤدِّي لإفلاس الشركة وخسارة الموظف لعمله ومورد رزقه، لكننا لم نسمع يوما عن إفلاس القطاع العام حتى ولو كنا في أزمة مع انخفاض أسعار النفط، فالبدائل متاحة.

Faiza@alroya.info