محمد الذهلي.. زد رصيدك

 

 

 

أحمد بن سيف الهنائي

قبل مدةٍ التقيته، جمعنا عملٌ قصيرُ جدًا، لم يتجاوز ساعةً من نهار، عندها استطعت قراءة شخصية محمد الذهلي، فهو لا يترك لك الفرصة لتسبر أغواره، وتكتشف خباياه، هو واضحٌ وبسيطٌ جدًا، لذلك وإن أقسم لك أيماناً مُغلظة بأنه ممثلٌ بارع، لن تتمالك نفسك من الضحك، ذلك أنّه لا يمتلك خصيصة المواربة وتقمص الأدوار، شيئان يفضحانه سريعاً: صدقه وطيب سجيته.

في الحقيقة، لا يهمني كثيراً أن يفوز بدرع المُسابقة التي يجتهد فيها كثيراً، أعني الحدث التفاعلي المُباشر "زد رصيدك"، التنافس قيمة مضافة في حياة الإنسان في أي مجالٍ محمودٍ كان، ولكن ما يهمني أكثر هو استمراره في التجربة، يحتاج لأن يكتسب خبرة الحياة، وينفتح على مُختلف المشارب، فالوطن بحاجة ماسة إلى تنشئة القادة، وهذا الدور الذي بات يتشكل بجلاءٍ في شخصيته.

لم يختلف الذهلي كثيراً عن "أغلب" الشخصيات العمانية التي ظهرت في مختلف المسابقات في الفضائيات الخليجية، سواءً في الأدب أو الفن أو حتى الطبخ، هم جميعهم يشكلون "كيمياء" الإنسان العُماني بحسن سمته وجمال خلقه وطيب معدنه، لكن محمد تمكن من جمع كل الخصال التي تفرد بها أولئك الفتية في مسابقاتهم المُختلفة.

في لحظاتٍ كثيرة، تفوق محمد على نفسه، وأدرك جيداً أنَّه يمر بضغوطٍ نفسيةٍ هائلة، حتى وإن بدا هادئاً وادعاً، لأنَّ سقف طموحاته لا حدود له، وفي أحيانٍ كثيرة تتقافز في داخله "جملة" من التطلعات التي يحدث نفسه بها -لا بأس ذلك رائع، فشخصيته آخذةٌ في التشكل إلى المسارات التي يحب ونحب-، لذا تحول إلى تنفيذ الخطط القصيرة جداً، التي تسير في موازاةٍ مدهشة مع خططه الطويلة.

جميعنا أحببنا الشخصية العُمانية التي يقدمها محمد، في تهذيبه الرفيع، وخلقه الجميل، وتواضعه الجم، وإصراره على بلوغ الهدف، وتحقيق الأجندة التي رسمها بدقة ومثالية رائعة، تمسكه بالقيم والمبادئ التي تربّى عليها، ويعتقدها دينًا ومنهاجاً، يبهج النفس حقاً، كما أنّه يتفاعل اجتماعياً بطريقةٍ ذكيةٍ للغاية، والعجيب أنها تأتي عفويةً دون تكلفٍ أو تصنع.

حالة النظام والالتزام والدقة التي يسير عليها هذا الشاب، تجعل منه أنموذجاً يسيل له لُعاب المؤسسات التي تبحث عن مواصفاتٍ فُصلت عليه تفصيلاً، وهذه نقطة ضوءٍ بالغة التأثير، عليه أن ينتبه لها، وأن يُحيط بها إحاطة السوار بالمعصم، فالعيون تترصده، وهو في طريقه إلى سوق العمل، في تخصصٍ يفتح الشهية، أعني الإعلام والعلاقات العامة، في الشركات الكبرى التي تؤمن بهذه القدرات والكفاءات، وتعتبرها شيكاً على بياض.

ما أخشاه، أن ينصب اهتمام محمد على كسب الدرع، وينسى الأهم من ذلك، لا أعنى كمال الأخلاق فهو خير من يمتلكها، إنما أعني التسويق لنفسه كعنصرٍ جاذبٍ في سوق العمل، فالفرصة الآن سانحة في تسويقٍ ضخم عبر نطاقٍ عريض وبتكلفةٍ هوائية.

يقف اليوم، قسمٌ عريضٌ من شباب البلد، متابعاً بحرصٍ وعنايةٍ واهتمامٍ بالغ لمجريات المسابقة، مصفقين له بحرارة، معتبرين أنّه الشخصية الأبرز، والأكثر نجاحاً في رسم صورةٍ جميلة عن الشخصية العُمانية الصادقة والمحبة للآخر والداعمة للسلام والجمال والنقاء، مُثمنين نجاحاته في الوفاء بكل العهود التي قطعها على نفسه، وترك انطباعاً حميمياً في قلوب والديه، وهما اليوم يعرفان محمد أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

فقط؛ أقول بصدق، إنّه أقنعني على المستوى الشخصي، أكثر من أي شخصٍ آخر في المُسابقة، وآمل أن تتحقق أحلامه، وأن يجعل العمل أعظم خطاب، كعادته الأنيقة.

 

Oman1995@hotmail.com