الحرب على الإرهاب

 

 

يَبْدُو أنَّ ما يُسمَّى بتنظيم "داعش" الإرهابي لن يتوقَّف عن سَفْك الدماء قريبًا؛ فلا يزال ذلك التنظيم المُجْرِم يتبنَّى العمليات الإرهابية والعدائية ضد الجميع، دون تمييز على أساس من ديانة أو عرق، وهو ما يُؤكِّد أنَّ الإرهاب لا يعرف ديناً أو يقوم على مَنْطق، بل هو مَحْض تطرُّف وجنون فكري، ممزُوج بشهوة قتل حيوانية، لا تريد الخير لكائن من كان.

هذا التنظيم -ورغم الحملة العسكرية التي تقودها جيوش الدول ضده في عدد من الأقطار، لاسيما في نقطة تمركزه بالعراق وسوريا، محل دولته المزعومة- يعود ويستيقظ كطائر الرخ الأسطوري؛ فلا أجهزة الاستخبارات ولا مجلس الأمن ولا الجيوش قادرة على وأد هذا النبت الخبيث، وذلك السرطان الإرهابي الذي أَخَذ يتمدَّد في أنحاء شتى من العالم. يظنُّ البعضُ في فترة من الفترات أن التنظيم يُعاني الضعف والتشتت، مع تصاعد المعارك ضده في الموصل أو حلب أو غيرها من المدن، لكن الواقع يُظهر أنَّ التنظيم يُواصل التخطيط المحكم لضرب أهدافه التي يرصدها، حتى في أكثر دول العالم أخذا للحيطة الأمنية والعسكرية.

المعاركُ الدائرة رَحَاها في الموصل وحلب والخسائر الفادحة التي يتعرَّض لها ذلك التنظيم من المؤكد أنَّها أصابتها بحالة من السعار الإرهابي، وأرغمته على الذهاب إلى بلدان أشيع عنها أنها تدعم المسلحين في سوريا والعراق؛ فعادت مُجدَّدا العمليات الانتحارية والأحزمة الناسفة والقصف العشوائي وعمليات القتل عبر الدهس بالشاحنات...وغيرها الكثير من أساليب القتل المروعة والجبانة.

ومن المحتمل أنْ يكون هدف التنظيم الآن هو التأكيد على أنه لم يمُت، ورغبته الحثيثة في إيصال رساله إلى أتباعه من المتطرِّفين والإرهابيين بأنَّ التنظيم "باق ويتمدَّد" كما يزعمون. لذلك؛ لزم على جميع الدول التي تشارك في حربها على هذا الإرهاب الدموي أنْ تَبْحَث أولاً عن العلة والمرض وراء انتشار نار التطرف والقتل بين من يقتنعون بالأفكار السوداء.

فما أحوج العالم الآن إلى حملة دولية للتوعية بمخاطر الفكر المتطرف، والتحذير من مغبَّة عدم الأخذ بأيدي الشباب، ودفعهم نحو العمل الجاد الذي يبني الأوطان ويعمرها، حتى لا يسقطوا فريسة سهلة في براثن هؤلاء الآثمين، مِمَّن ينتسبون زُوْرًا وبهتانا إلى بني البشر عامة، وإلى جموع المسلمين خاصة.

تعليق عبر الفيس بوك