تضمَّنت تفاصيل عميقة للإرث الثقافي العُماني

"الكتاب والأدباء" تعرض وتناقش 3 أفلام قصيرة لمزنة المسافر

 

مسقط - الرُّؤية

أقامتْ الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء -مُمثلة بلجنة التراث غير المادي- بمقرها بمرتفعات المطار، أمسية فنية حول توظيف التراث في السينما، للمخرجة مزنة المسافر؛ تضمنت عروضًا لثلاثة أفلام قصيرة تتربط بواقع الحياة الاجتماعية والتفاصيل اليومية للحياة العُمانية في مسارات ثقافية متنوعة.

كما تضمَّنتْ الأمسية قراءة نقدية للكاتب والشاعر سماء عيسى، الذي أشار إلى أنَّ أفلام المخرجة العُمانية مزنة المسافر تتضمن تفاصيل عميقة. موضحا أهمية تجربتها وقربها حتى من هذه التفاصيل التي قد تكون مغيبة ومنسية في بعض الأحيان، فقد أوجدت في المقابل تجربة سينمائية متدفقة وهي تخطو خطوة واثقة نحو إضاءة ما هو حقيقي وجوهري في حياتنا.

وقال عيسى إنَّ ما تقدمه مزنة عبر الفلكور أو التراث الشعبي عموما؛ سواء كان البلوشي أو البدوي أو الإفريقي، إنما هو إيمان بوحدة التنوُّع الذي به نستطيع أن نعيش ونثري تجاربنا الإبداعية. فالأفلام الثلاثة التي تقدمها مزنة -حسب رأي سماء عيسى- جميعها تذهب إلى اليوميات محتفية بالتفاصيل مبتعدة عن عموميات الطرح لأن الجزئيات تستطيع الذهاب إلى الكليات.

أوَّل هذه الأفلام بعنوان "دانة وأنا ورحلتنا مع الماعز"، والذي يأتي موغلا في الحياة البدوية مُقدِّما تصورا لشغب الحياة وبساطتها في آن واحد، يقدم الطفلة دانة وأمها، وعلاقتهما بالمحيط البدوي ويومياته، ومن خلال هذا الفيلم تقترب الأم من دانة لتخبرها -وبأسلوب عفوي- ما يتوجب عليها القيام به في البيت وحظيرة الماعز من أعمال حياتية لا تنفصل عن الحياة التراثية والإنسانية للبدوي أينما كان، وهنا تقدم المخرجة الشكل البدوي بخصوصيته المعروفة لدى الجميع وما تقدمه المرأة في هذا الجانب، خاصة تلك التي تحاول إنجاز أسس حياتها بنفسها، فهي المربية والمعلمة والموجهة وقد تكون الطبيبة في بعض الظروف، كما تسلط المخرجة الضوء في هذا الفيلم على حياة المرأة البدوية التي قد تقترب من الزوال والتواري.

أمَّا فيلم "بشك"، فهو يقدِّم الحياة البلوشية في ولاية مطرح، ويحاول الاقتراب من الهجرة التي طرأت من مطرح إلى السيب (الخوض تحديدا)، ويقدم صور تواصل فريدة بين أسرة بلوشية وتفاصيل حياتها اليومية، من خلال أفراحها المتعددة، سواء كان ذلك عن طريق التسوق أو ما يصاحب العرس البلوشي ومظاهره الجميلة الضاربة في جذور هذه الحياة، ورغم التطور والتحضر في مطرح إلا أن مزنة المسافر تقدم من خلال هذا الفيلم الإرث الثقافي لهذا الكيان الإنساني وعلاقته بماضيه وتواصله مع المستقبل الحاضر، كما تحاول إظهار اللغة البلوشية بشكل واسع في هذا الفيلم والتي لا تخلو هي الأخرى من المفردات العربية شبه المكسَّرة التي تقوم على إيجاد جو من الحوار الشفاف مع الآخرين.

هنا.. تحاول المخرجة عرض الواقع الثقافي للمجتمع البلوشي بصور شتى، تختار المواقع بعناية فائقة وتركز على الجوانب المهة في الحياة الخاصة بهذا المجتمع.

كما قدمت المخرجة فيلم "تشولو" وهو ضمن الأفلام الدرامية العائلية الذي يشق طريقه نحو إفريقيا إلى زنجبار خصوصا، متضمناً صورا متداخلة للفتى عبدالله البالغ من العمر 11 عاماً، الذي يلتقي أخاه ناصر؛ فهو يستهدف البيئة بشكل خاص متخذا منها مكانا موسعا للتصوير، حيث الطبيعة في إفريقيا والبحر، والخصوصية الدائمة لهذه البيئة، تصور المخرجة مزنة المسافر الفتى عبدالله الآتي من عُمان والذي تكون بشرته فاتحة نوعا ما وأخاه ناصر أو "تشولو" اللقب الموازي لاسم ناصر في السواحلية.

يحاول الفيلم أنْ يُوجِد العلاقة المثالية، ويجسِّر التواصل بين الأهل ممن يقطنون في عُمان وأولئك الذين لا يزالون في زنجبار، كما يسلط الضوء على بعض النقاط المهمة في حياة هؤلاء، وكيف من الممكن أن يكونوا تحت ظل أسرة واحدة بعيدا عن الظروف الجغرافية وهوامش المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك