أحبك رغم اختلافنا

 

 

مدرين المكتومية

لكل منِّا رأي قد لا يتفق مع آراء الآخرين، ولكن هذا لا يعني أنَّ ما نذهب إليه صحيح فربما يكون صحيحاً من وجهة نظرنا الشخصية ولكنه خاطئ في نظر الآخرين، فالاختلاف في الرأي لا يُفسد للودِّ قضية. فالاختلاف في الرأي في قضية لا يعني دائماً أنَّ هناك شرخاً أو تفرقة في المجتمع حيث تتباين وجهات نظر كل منِّا بحسب ثقافته وسعة اطلاعه وآيدلوجيته.

كما أنَّ الاختلاف يُعد أدباً بموجبه نحترم آراء الآخرين، فليس من لوازمه أن نتطاول أو نتعامل بقلة ذوق أو نستهين برأي أحدهم، فلكل شخصٍ مساحته وإدراكه وحدود تعامله وتفكيره، وليس بالضرورة أن نكون نسخاً طبق الأصل من رأي الآخرين. كما أنَّ الاختلاف في الرأي دليل على عافية المُجتمع وحراكه العقلي، فكل ما كانت هناك اختلافات كانت هناك حوارات قائمة، وطالما كانت الحوارات مفتوحة سيكون هناك مجتمع حي، ينبض بالتغيير وينشد التجديد، ويخلق مساحة من الوعي لدى فئات المجتمع متعددة المفاهيم.

وجميعنًا يُدرك أنَّ الاختلاف ومن ثم التحاور يعززان التَّعايش في المُجتمع، هذا التعايش هو ما يجعلني أتقبَّل فكر نجلاء، وأناقش مُحمد، وأتقبل فكرة السفر واللقاء بمجتمعاتٍ أخرى، قد تربطني بهم غرف السكنات، والفصول الدراسية، بالإضافة إلى التعايش مع زملاء عمل، وتقاسم طاولات العشاء في المطاعم مع آخرين، كل ذلك يندرج تحت مفهوم التعايش الذي لربما يكون أحد عناصره الأساسية الاختلاف.

 فكما نعلم جميعنا فإنّ هناك شيء ما يُثيرغريزة المرء لاكتشاف ما يدور في خلج من حوله سواء كانت هذه الأشياء سلبية أم إيجابية وهذا ما يُسمى بغريزة معرفة اختلافات الآخرين، ولذلك نلحظ انجذاب الكثيرين للتَّعرف على أشخاص بعينهم. ليس هذا فقط فالاختلاف وقبول الآخر يعُد نوعاً من أنواع الديمقراطية، التي تُساهم في ترابط المجتمع باختلافاته، فإن وجدت الديمقراطية ستكون هناك مواضيع كثيرة مفتوحة للحوار والاستماع لرأي الآخر حولها مما يحدث حراكا نوعيا في شتى المجالات والمواضيع التي دائمًا ما تكون في منضدة التَّحاور والتَّفاكر.

فحين أتحدَّث عن الاختلاف فأنا أتحدَّث عن مظهر من مظاهر الحُرية التي تجعل كل شخص حُر في خياراته ورأيه ولكنه لا ينسى أبداً أن تكون تلك الحرية في حدود بحيث تنتهي عند بداية حرية الآخرين، ولا تتسبب في جرح ومساس بمشاعر الغير، ففي النهاية جميعنا بشر مهما أمتلكنا من قوة وسلطة، وعلينا ألا نستخدمها للنيل من أحدهم، بقدر ما نكون مرحبين بالآخر. "فلا يعني أنني اختلف معك اليوم أني أكرهك، بل يعني أن توجهاتك لك وتوجهاتي لي، وشكراً على رأيك لكنه يتنافى مع رأيي" ... ولنعلم جميعاً أنَّ الاختلاف والتَّشاور يمكن أن يحل كثيراً من القضايا والأزمات، وإلا لما رأينا مشاورات على مستوى دول وقيادات، بل إنّ مثل هذه المشاورات والاختلافات تخلق نوعاً من المودة والألفة وتساهم في الحصول على أكثر من حل وكأننا نقدم عصفاً ذهنياً لموضوع ما نُريد أن نحصل فيه على أعلى العلامات، وأفضل النتائج.

أخيراً الاختلاف بيني وبينك مظهر من مظاهر التَّقدم، وهو أمر ليس كما يعتقد البعض فوق العادة، بل هو أمر طبيعي جداً لأنه يُعد حرية تعبير وإرادة، وإذا ما أردنا أن نصل لمرحلة مُتقدمة من تقبل الآخر، علينا أن نُدرك معنى الاختلاف، ونصل لتطبيق تلك المقولة البسيطة "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ".

 

madreen@alroya.info