آفاق جديدة للدور العماني في القرن الإفريقي بعد إسدال الستار على المؤتمر الدولي الخامس

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

مشاركة واسعة في الفعاليات واهتمام من الباحثين والعلماء

أهم التوصيات: تعزيز دراسة اللغة العربية في القرن الأفريقي وإبراز دور تجار عمان في نشر الإسلام والحضارة

موروني(جزر القمر) – مدرين المكتومية

آفاق جديدة للدور العماني في القرن الأفريقي وتأكيد على تنامي هذا الدور من أهم دلائل النجاح الكبير الذي حققه المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عُمان بدول القرن الأفريقي"، والذي استمر على مدار ثلاثة أيام بالعاصمة القمرية موروني، والذي عقد خلال الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر الجاري بمقر البرلمان الاتحادي، حيث شهدت الفعاليات تظاهرة ثقافية وعلمية كبيرة ومشاركة واهتماما واسعا من عدد كبير من الباحثين والعلماء، وترجمة للجهود التي بذلتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتَّعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة، لإنجاز هذا المؤتمر الهام، إضافة إلى اتخاذ خطوات واسعة نحو توثيق ودعم التواجد العماني في أفريقيا، وتلك الملتقيات العلمية التاريخية الهامة التي بدأت بأول لقاءٍ علمي في مدينة إسطنبول بتركيا، ثم زنجبار، وثالثاً بروندي، ثم فرنسا، حتى جزر القمر.

 اختتم المؤتمر تحت رعاية معالي سالم محمد عبد الرحمن وزير الشباب والعمل والاندماج المهني والثقافة والرياضة، بعد تقديم 46 ورقة بحثية ثرية ومتنوعة، وقد انتهى بعدة توصيات لا تقل أهمية منها تعزيز دراسة اللغة العربية في دول القرن الأفريقي عامة وجزر القمر خاصة، وإبراز العلاقة التاريخية الاستثنائية بين اللغة العربية واللغات الأخرى، والاهتمام بالبحث العلمي المشترك بين دول القرن الأفريقي والسلطنة وتخصيص المزيد من المنح الدراسية للطلاب الراغبين في مواصلة دراسة التاريخ والحضارة بين جمهورية القمر المتحدة والسلطنة، إضافة إلى إبراز دور تجار عُمان في نشر الإسلام والحضارة والتراث الإسلامي بدول القرن الأفريقي، إلى جانب ترجمة المصادر الفرنسية والإنجليزية الخاصة بتاريخ جزر القمر إلى اللغة العربية، وتضمين موضوعات التاريخ المشترك في المناهج الدراسية.

أوصى المشاركون أيضاً بإعداد دراسات متخصصة في استقصاء وحصر القبائل والأسر العمانية المتواجدة في دول القرن الأفريقي وإنشاء كرسي باسم جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم للدراسات التاريخية والحضارية العمانية مع دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة في جامعة جزر القمر وافتتاح سفارة عمانية في جمهورية القمر المتحدة، ومثلها في عمان، لدعم التعاون وتطوير أواصر الأخوة بين الشعبين، وطباعة الأوراق العلمية للمؤتمر إلى اللغات العربية والقمرية والفرنسية والإنجليزية، ونشرها بسلسلة البحوث والدراسات التي تصدرها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، وإصدار دورية علمية محكمة سنوية تختص بنشر الدراسات والبحوث التي تتناول التاريخ المشترك بين دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة وسلطنة عُمان.

وتأكيداً على نجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في حفل الختام :" سعدنا بهذه النخب المتميزة من العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي وطلاب العلم والمعرفة مما كان له النتائج الإيجابية لسير أعمال المؤتمر بما احتوته أوراق العمل من بحوث ودراسات ثرية وقيمة استجابة لمتطلبات وغايات وأهداف ومحاور المؤتمر فضلاً عن الحوارات والمداخلات والمناقشات التي أسهمت في إثراء الموضوعات ".

ووجه سعادته التحية إلى فخامة الرئيس عثمان غزالي لرعايته وعنايته بتحقيق الأهداف المرجوة للمؤتمر وتحية ثناء وإجلال للمقام السامي لمولانا جلالة السلطان قابوس المعظم –حفظه الله ورعاه - الذي أسدى توجيهاته السامية لانعقاد المؤتمر في جزر القمر فكان لهذه التوجيهات وقع خاص لنا جميعاً عملنا من خلال اللجنة الرئيسية المشتركة بكل جد وإخلاص لنصل في هذه الساعات الطيبة المباركة إلى اختتام أعمال المؤتمر الذي كشف عن العديد من المجالات والموضوعات لحجم العلاقات الطيبة وعمق التواصل الحضاري ".

 قطفنا ثماراً يانعة

من جانبه قدم الأستاذ الدكتور عيسى بن محمد السليماني، كلمة الباحثين، وقال:" أيام جميلة قطفنا منها ثمارا يانعة، بحثت عن الماضي وربطتها بالواقع والمستقبل بين أحضان هذه الجزر الزاهرة، والزاهيةُ بعقول العلم والمعرفة، التي وفدت من كل مكان لتلتقي هنا، هنا جزر القمر، ولتنفث بعدا علميا عميقا في محاور عدة، تنوعت بين أبعادها: السياسية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، والوثائق والمخطوطات.

ووجه الشكر إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لما قامت به، وتقوم به من توثيق للتاريخ العماني الإنساني؛ وقال :" والأدل على ذلك، ما انعقد من مؤتمرات علمية، وما ارتبط بها من معارض، عرضت الوثائق والمخطوطات في أماكن مُتعددة، وفي دول اختلفت أبعادها الزمانية والمكانية، والتي كانت لها علاقات مُمتدة مع عُمان في مُعظم قارات العالم.

 فأول لقاءٍ علمي كان في مدينة إسطنبول بتركيا، وتبعه المؤتمر الثاني بزنجبار، وجاء المؤتمر الثالث ببروندي، وبعده بفرنسا، وها نحن اليوم نختم المؤتمر الخامس بجزر القمر، تلك المؤتمراتُ بقيت وتبقى سجلاً خالداً في ذاكرة التاريخ، موثقاً بهيئة الوثائق والمحفوظات بسلطنة عُمان، وذلك من خلال المعارض الوثائقية المصاحبة لهذا المؤتمر، والذي كشف العديد من الوثائق والمخطوطات التي تناولت أبعادًا تاريخية وحضارية.

جلسات العمل

وكان جدول أعمال اليوم الختامي للمؤتمر بدأ بجلستي النقاش الأخيرتين الخامسة والسادسة، والتي تضمنت المحور الثالث والرابع والخامس، الجغرافي والسكاني، والأدبي واللغوي والثقافي، ومحور الوثائق والمخطوطات والآثار من خلال 25 ورقة عمل مختلفة، والتي ترأسها الدكتور سعيد محمد الهاشمي، حيث قدم الدكتور عيسى الحاج زيدي عميد كلية اللغة السواحلية واللغات الأجنبية بجامعة زنجبار الحكومية، الورقة الأولى بعنوان "القمريون ودورهم في تطوير الوظائف الإدارية في سلطنة زنجبار بين 1832-1910" وذكر فيها أن ملامح زنجبار تغيرت بمجيئ السيد سعيد إليها فأصبحت مركزا للتجارة الدولية والمنافسات السياسية والمنتديات العلمية والدينية والثقافية، وقد أنشأ السيد سعيد نظامه الإداري "برازا" (Baraza)، أو المجلس الذي ضم رؤساء العشائر العمانية.

الورقة الثانية "العلاقات الوثيقة بين جزر القمر وسلطنة عمان منذ وصول القبائل العمانية إلى جزر القمر" قدمها الباحث هاشم محمد علي محاضر سابق بجامعة جزر القمر ورصد خلالها وصول القبائل العمانية إلى جزر القمر باعتبار ذلك من أهم الدلائل الواضحة والقاطعة التي تشير إلى ارتباط جزر القمر بسلطنة عمان من قديم الزمان في الأنساب والقبائل.

وقال الأستاذ الدكتور، يفيم ريزفان نائب مدير متحف الأنثروبولوجيا والأثنوجرافيا في سان بطرسبرج بروسيا، في الورقة الثالثة بعنوان "التراث الثقافي العماني في جيمّا (إثيوبيا)" إن السلطنة ارتبطت بعلاقات وثيقة جدًا مع زنجبار، وكان لسلطانها أبّا جيفار الثاني علاقات وطيدة ومستمرة مع سلاطين البوسعيديين بزنجبار وشرق أفريقيا.

 بينما رصدت الورقة الرابعة للدكتور خلفان بن ناصر بن خلفان الجابري أستاذ مساعد بكلية التربية، التأثير العماني في مدارس تحفيظ القرآن الكريم (الكتاتيب) وتوثيقه في إحدى دول القرن الأفريقي (جزر القمر) باستخدام المنهج التاريخي الذي يتتبع التطور التاريخي لهذه المدارس والتأثير الذي أحدثه العمانيون في تأسيسها.

وجاءت الورقة الخامسة بعنوان "بعض الشخصيات ذات أصول عمانية في جزر القمر" للدكتور عبد الرؤوف عبده عمر، عميد كلية الإمام الشافعي للعلوم الإسلامية والعربية بجامعة جزر القمر، تحدث فيها عن العلاقة والتواصل الكبير والمبكر بين العمانيين وجزر القمر، وأشار إلى أنَّ قبيلة جمل الليل من القبائل العمانية التي وفدت إلى جزر القمر؛ ومن علماء وشخصيات هذه القبيلة في جزر القمر الشيخ أحمد الطيور، الذي يقال عنه أنّه عندما أراد أن يعود إلى عمان بعد أن قضى أكثر من ستين سنة في جزر القمر، ولكنه توفي في البحر، ولم يعرف له قبراً، فسمي بأحمد الطيور.

وتناول الدكتور عيسى بن محمد السليماني، أستاذ النقد الأدبي، بكلية العلوم التطبيقية بنزوى، في الورقة السادسة "الروابط السياسية والاجتماعية بين زنجبار وجزر القمر مدائح السلطان خليفة بن حارب أنموذجا" حيث تعد الصلات السياسية والثقافية والاجتماعية بين سلطنة زنجبار ودول القرن الأفريقي عامة، وبين زنجبار وجزر القمر خاصة، ذات بُعد تاريخي؛ خاصة في عُمق العلاقات الإستراتيجية بين زنجبار وجُزر القمر؛ مما جعل تبادل الصلات بينهما قوية ومتينة.

وناقش الدكتور أحمد محمد طويل من جمهورية القمر المتحدة،" أثر التراث الثقافي العماني في المجتمع القمري"، واختتمت الجلسة بورقة الباحث حاجي حميدي بن محمد، بعنوان "حلقة الوصل بين الثقافة والفكر العماني الزنجباري في جزر القمر (1891-1958)" .

جاءت الورقة الأولى من الجلسة الثانية التي ترأسها الأستاذ الدكتور العروسي الميزوري، تحت عنوان " العوامل الأدبية العمانية المؤثرة في الأدب القمري" وهي دراسة أدبية وصفية تحليلية للدكتور محمد مؤمن صادق محاضر في كلية الإمام الشافعي، بجامعة جزر القمر واهتم خلالها بدراسة المؤثرات الأدبية العمانية في الأدب القمري لوجود عدد كبير من العلماء والأدباء القمريين الذين تأثروا بالأدب العماني حينما تتلمذوا عند الأدباء والعلماء العمانيين في جزيرة زنجبار، حينما كانت هذه الجزيرة تحت إمبراطورية سلطنة عمان في القرن التاسع عشر.

وجاءت الورقة الثانية بعنوان "التقاليد الموسيقية القمرية بين أفريقيا وإمبراطورية عمان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر" للدكتور موسى سيد أحمد، محاضر التاريخ والحضارة القمرية بجامعة جزر القمر، بينما قدم الدكتورعلي طبيبو إيبوروا، محاضر بجامعة جزر القمر ورقته الثالثة بعنوان "معالم الحضارة العمانية في جزر القمر: التاريخ، الحضارة، الإنسانية"، وحملت الورقة الرابعة عنوان"الملامح العمانية في المفردات الأدبية واللغوية والثقافية بجزر القمر" للباحث معلم الأزهر عبد الله، المراجع الشرعي الداخلي لميثاق للصيرفة الإسلامية، وقدم الدكتور فوزي محمد بارو، عميد كلية الآداب بزنجبار، الورقة الخامسة تحت عنوان "أثر اللغة العربية على الصومالية والعلاقة بين اللغتين" .

وكانت الورقة السادسة بعنوان "هرار وهرلاء: الآثار الإسلامية والصلات التجارية في أثيوبيا الشرقية في العصور الوسطى" للأستاذ الدكتور تيموثي انسول، أستاذ في علم الآثار في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة اكستر، واختتمت الجلسة بورقة الدكتور عبد العزيز بن هلال بن زاهر الخروصي، مدير دائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق، "حضور القُمريين في الحياة الزنجبارية خلال الفترة من عام 1911 إلى 1964م" .

تعليق عبر الفيس بوك