افتتحها هيثم بن طارق بمشاركة باحثين من السلطنة والخارج

بدء فعاليات ندوة إحياء ذكرى إبحار السفينة صحار إلى الصين

 

 

 

مسقط – الرؤية

تحت رعاية صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد، وزير التراث والثقافة، افتتحت وزارة التراث والثقافة أمس بقاعة المحاضرات في جامع السلطان قابوس الأكبر أعمال ندوة "السفينة صُحار دلالات واستشراف"، بمناسبة إحياء ذكرى مرور 35 عاما على إبحار السفينة صحار من ولاية صور إلى مدينة كانتون الصينية، بمشاركة نخبة من الباحثين والمتخصصين من السلطنة والصين وإيرلندا وأستراليا، وتستمر حتى اليوم، وذلك في إطار سعي السلطنة إلى تعزيز العلاقات التاريخية مع جمهورية الصين الشعبية، حيث يشارك في الندوة عدد من الجهات والهيئات الحكومية، وجامعة السلطان قابوس، جامعة نزوى، كلية العلوم التطبيقية في بالرستاق، البحرية السلطانية العُمانية، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ومركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم. بالإضافة إلى جمعية الكتاب والأدباء، النادي الثقافي، والمنتدى الأدبي. بالإضافة الى المختصين والأكاديميين والمهتمين في التاريخ البحري والملاحي للسلطنة.

وقد افتتح صاحب السمو وزير التراث والثقافة، على هامش الندوة معرض الصور الفوتوغرافية الذي يحكي تفاصيل هذه الرحلة التاريخية.

 

ذكرى تاريخية خالدة

 

الجدير بالذكر، أن فكرة رحلة السندباد بدأت عام 1980م لتعيد ذكرى تاريخية خالدة كان للإنسان العُماني الدور الفاعل في صناعة أحداثها، من خلال الرحلات البحرية التجارية التي قام بها العُمانيون في العصور الإسلامية إلى الصين، عبر الطرق البحرية المعروفة بواسطة سفن شراعية مصنوعة من الخشب والحبال واستخدموا فيها النجوم وعلوم الفلك والأدوات الملاحية التي اخترعوها، واستحقوا بها لقب رواد البحار في المحيط الهندي.

تهدف الندوة إلى إبراز تطور العلاقات التاريخية بين السلطنة والصين في المجالات الثقافية والاقتصادية، بالإضافة إلى إبراز إسهامات البحارة والتجار العُمانيين في توطيد العلاقات بين عُمان والصين في العصور الإسلامية.

استهلت الندوة بكلمة الوزارة التي ألقاها سعادة المستشار حسن بن محمد بن علي اللواتي-مستشار الوزير لشؤون التراث- رئيس اللجنة المنظمة للندوة، كما ألقى محمد بن سعيد الوهيبي المتحدث الرئيسي للندوة كلمة أعقبها كلمة الجانب الصيني ألقاها د.دينج لونج نائب عميد كلية دراسات اللغات الأجنبية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية بكين-جمهورية الصين الشعبية.

 

 فيلم وثائقي

 

تضمنت فعاليات الافتتاح عرض فيلم وثائقي موجز عن رحلة "السفينة صُحار" التي أبحرت خلال عامي (1980-1981م)، واستُلهم بناؤها من مغامرات السندباد وسفن العصور الوسطى، حيث أشرفت حكومة السلطنة على تنظيم وتسيير هذه الرحلة بالرعاية المباشرة من صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -يحفظه الله ويرعاه-.

تم بناء السفينة "صحار" النسخة المماثلة لسفن القرن التاسع الميلادي العربية التي يبلغ طولها 87 قدمًا أي ما يقارب (26.5 متر) وذلك خلال سبعة أشهر من ألواح خشبية ضمت مع بعضها البعض بواسطة حبال ملفوفة تتكون من قشر جوز الهند التي بلغ طولها حوالي 400 ميل أي ما يقارب (640 كم).

انطلقت السفينة "صحار" في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح 23 نوفمبر 1980، وعلى ظهرها عشرون بحارا معظمهم من العُمانيين تحت قيادة المغامر الأيرلندي تيم سيفرن، وأبحرت وسط صعاب شتى وواصلت تحديها للمستحيل الذي اضطر أن ينحني أمام عبقرية الإنسان العُماني الذي لا يعرف المستحيل، وعند وصول السفينة إلى ميناء قوانجتشو الصيني، كانت قد قطعت 6000 ميل بحري في مركب بدون محرك، وقوبلت بترحيب حار من قبل الشعب الصيني، وأقيمت مراسم استقبال رسمية يوم 11 يوليو عام 1981.

وبقيت السفينة "صحار" بعض أيام في قوانجتشو، ثم أبحرت إلى هونج كونج ومن هناك نُقلت إلى مسقط حيث وُضعت في مكان قريب من فندق البستان، وقد أبحرت السفينة دون استخدام وسائل المساعدة الحديثة في الإبحار، واستغرقت رحلتها عاما كاملا.

وقد انتهت مهمة سفينة صحار بمجرد انتهاء الرحلة ولكن مهمتها كسفيرة ورمز للصداقة لم تنته، وستظل تؤدي دورها.

الجدير بالذكر أنّه أقيم نصب تذكاري للسفينة في قوانجتشو بتبرع من جلالة السلطان قابوس، وفي يوم 1 أكتوبر عام 2001 وبمناسبة الذكرى الـ 52 للعيد الوطني الصيني أهدى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه-نموذجا للسفينة إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية جيانج تسه مين، ويمكن القول أنّ سفينة صحار هي بمثابة التقدير العالي من جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه- للتبادلات التاريخية بين الصين والسلطنة وتطلعاته لآفاق مستقبلية للعلاقات الحديثة بين البلدين.

 

استعراض المنصة الرقمية

وضمن فعاليات الندوة، قدمت رحمة بنت قاسم الفارسية- ممثلة السلطنة في الشبكة الدولية لليونسكو لمنصة طرق الحرير الرقمية على الانترنت، تعريفا بالشبكة الدولية حيث تم استعراض المنصة الرقمية على الانترنت، بالإضافة إلى تقديم شرح عن المواضيع التي تهتم بها هذه الشبكة. كما أشارت إلى طرق الحرير باعتبارها جسراً بين الحضارات وساهمت على مدار آلاف السنين في تلاقي الشعوب والثقافات من شتى مناطق العالم، مما أتاح تبادل البضائع وحدوث تفاعل بين الأفكار والثقافات أسهم في رسم ملامح عالم اليوم، وفي ضوء هذا الإرث. كما يسعى برنامج الإنترنت المعني بطرق الحرير إلى إحياء هذه الشبكات التاريخية وعرضها ضمن حيز رقمي يتلاقى فيه مختلف الأشخاص ويتشاركون في حوار مستمر، يُعنى بطرق الحرير بهدف التوصل إلى فهم مشترك للثقافات المتنوعة، والمترابطة في الكثير من الأحيان والتي نشأت في محيط طرق الحرير.

وأشارت الفارسية إلى أنّه قد تمّ إعداد وتنفيذ "منصة طرق الحرير الرقمية على الانترنت" الذي يشرف عليه قسم التاريخ والذاكرة (للحوار) في اليونسكو بدعم من: السلطنة، وجمهورية أذربيجان، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، وجمهورية كازاخستان، بالإضافة إلى مجموعة استثمارات الصناعة الثقافية لسوق غرب تانج، حيث تمثل وزارة التراث والثقافة السلطنة في الشبكة الدولية منذ عام 2015م، وشاركت الوزارة في المؤتمر الأول بمدينة شيان بجمهورية الصين الشعبية في مايو 2015م، والمؤتمر الثاني في مدينة فالنسيا بجمهورية إسبانيا يونيو 2016م حيث انتخبت السلطنة بالإجماع في إعلان فالنسيا في 12 يونيو 2016م لتكون أحد نواب رئيس الشبكة الدولية لليونسكو للمنصة الرقمية لطرق الحرير على الانترنت (online). وفي أكتوبر شاركت السلطنة ممثلة في الوزارة بالمؤتمر الدولي لطرق الحرير، بمدينة مشهد بالجمهورية الإسلامية الإيرانية– جامعة فردوسي.

 وتضمنت الندوة في يومها الأول جلسة حول العلاقات العمانية الصينية عبر التاريخ، ترأسها د. محمد بن سعد المقدم- أستاذ التاريخ بجامعة السلطان قابوس، وقدم خلالها الدكتور بدر بن هلال العلوي رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس ورقة حول بدايات العلاقات العُمانية الصينية وفترات ازدهارها، كما قدمت ورقة من الجانب الصيني وأخرى قدمها الدكتور خالد بن خلفان الوهيبي بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس حول رحلة التاجر العُماني أبو عبيدة عبدالله بن القاسم، وتركز الندوة في يومها الثاني على إنجازات رحلة السفينة صحار وآفاق العلاقات العمانية الصينية عبر التاريخ.

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك