اتفاق متأخر!

 

من المؤكد أنَّ الاتفاق الذي توصل إليه أعضاء مُنظمة البلدان المُصدرة للنفط "أوبك" سيُسهم في دعم أسعار الخام، بعد تخفيض مستويات الإنتاج وبالتالي انحسار تخمة المعروض، والتي أصابت الأسواق بتراجعات حادة.

ورغم مرور عامين ونصف العام على بدء المسار النزولي في الأسعار، إلا أنّ كبار المُنتجين لم يتفقوا على خفض الإنتاج إلا بعدما تأثرت الاقتصادات بصورة عنيفة، أدت إلى تبني خُطط للتقشف وكبح الإنفاق على المشروعات الحكومية، وغيرها من الإجراءات التي أضرت الكثير من الدول. الأمر يبدو للوهلة الأولى نجاحاً كبيراً واتفاقًا تاريخياً، لكنه في جوهره يعكس حجم الاختلاف في رؤية الدول الأعضاء حول كيفية إدارة هذه السوق الضخمة التي تؤثر في حياة الملايين من البشر حول العالم، ويبرز أن كبار المُنتجين هم من تسببوا في هذه التخمة جراء سياسات كلاسيكية كانت تصر على التَّحكم في السوق من خلال المحافظة على الحصة السوقية لكل دولة منتجة، دون أيّ اعتبار لمؤشر السعر، سواء ارتفع أم انخفض.

ولا شك أنَّ المنظومة الاقتصادية العالمية كانت تواقة إلى مثل هذا الاتفاق، والأسواق ترقبت المشهد على مدى اليومين الماضيين، مُعلقة الآمال ببدء انقشاع غيمة التراجعات واتجاه المؤشرات نحو درب الارتفاع والقفزات. وهو ما تُرجم خلال معاملات أمس عندما قفزت أسعار النفط بأكثر من 8 في المئة، وتبعته العملات والسلع الأخرى، وهو تطور منح المستثمرين دفعة إيجابية وأطلق بصيصاً من الأمل في نفق الاقتصاد العالمي المُظلم.

الخُطوة المُرتقبة في الفترة الحالية تتمثل في أهمية التزام الدول المُنتجة بما تمَّ الاتفاق عليه، لاسيما الدول التي كانت تصر على عدم التَّخلي عن الحصة السوقية، فالأهم من التوصل للاتفاق الالتزام بتطبيقه. وخيراً فعلت المُنظمة عندما حددت 3 دول هي الكويت وفنزويلا والجزائر، لمُراقبة التزام الدول الأعضاء بمُعدلات الإنتاج بعد قرار الخفض، إذ تسعى المنظمة إلى خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا من الخام.

مرحلة أخرى من المُنتظر الكشف عنها، وهي التزام الدول المُنتجة غير الأعضاء في أوبك، بتخفيض معدلات الإنتاج أو تثبيته عند مستويات مُحددة. والحال لا تختلف مع الولايات المُتحدة التي تنتج النفط الصخري، والذي رغم ارتفاع تكلفة إنتاجه وتقليص عمليات الحفر خلال الفترة الماضية إلا أنَّ الموقف الأمريكي لا يزال غير واضح.

تعليق عبر الفيس بوك