مجد يفوق ذرى عليائهِ ويزيدُ

 

أحمد المجرفي

 

‏إنّ الوطن كالقلب الذي يزكي الروح بالحياة، وهو الدافع الذي من أجله تسمو الحياة بمعانيها وهو الهويّة التي نفخر بها بين الأمم، فحب الوطن قيمة عظيمة تستحضر منا الإيمان واليقين بإخلاص على أنه شُعْبة من شُعَب الإيمان، وعلينا أن نذود عن حياضه وأن نؤمن بعقيدة الدفاع عن ترابه.

لقد صدح اسم عمان منذ الأزل وأيقنت الأمم مكانتها وهيبتها التي رسمت عظم إمبراطورتيها التي نافست بكل قوة وشراسة على أطماع ونفوذ الذين حاولوا جاهدين بكل قوة أن يسيطروا عليها لكن إرادة الشعب وتماسكهم دحضت تلك الأطماع والنوايا.

عرفت عمان بعراقتها وبتسامحها التي رسمت ملاح تلك اللحمة الجميلة من أبناء شعبها أفردتها عن غيرها من الأمم، كما أنّ الدين أتانا طواعية دون قتال لتحكي فضائل ما كان عليه أهل عمان من تسامح، والذي كفانا به فخرا هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا "لو أنّ أهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك" كدليل على تسامحنا دون تشكيك، إذ أننا لم ننثني عن تسامحنا مع كل الشعوب ولا عن وحدتنا ونسيجنا الوطني الذي نراه فرضاً وجزءً لا يتجزأ من الشخصية العمانية الفريدة، فالكل مسالم ومتسامح في كنف هذا البلد الآمن، ونسجينا الوطني يرفض التطرف والطائفية بكل أشكالها لا سيما التي تؤول إلى الفرقة والشقاق بين المجتمع، وهذا التسامح ليس وليد الأمس واليوم وإنّما منذُ قرون متطاولة قد تأصلت جذوره جيلاً بعد جيل.

كانت عمان قبل تولي مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أبقاه الله- تعاني الانقسام الذي يفرق الكلمة الواحدة ويعصف بالأخضر واليابس ناهيك عن قلة التعليم والصحة والمسكن المناسب وسط ظروف أكثر تعقيدًا وغموضا، الأمر الذي بطبيعة حاله جعل العديد من أبناء عمان يعملون خارج الوطن.

ثمّ أشرقت شمس مولانا بنهضته التي أسست دعائم الوحدة الوطنية، وجعلها ركيزة أساسية نحو منطلق العدالة والتوازن الاجتماعي بين أبناء المجتمع، فجال سهولها ووديانها توحيدا للصف العماني، وانطلاقا من فكره المتسامح توحدت كلمة الجميع من أجل بناء الوطن والمشاركة في استتباب أمنه واستقراره، فكان فاتحة خير للجميع ولتبني مجد عمان المشرق.

إنّ مكرمات جلالته أكبر من أن تعد وتحصى كونه حشد كل طاقاته من أجل بناء عمان بحكمة ونفاذ بصيرة وبنظرة أبويّة حانية استوعبت كل الشعب، وما كانت لبنة البناء والتنمية في كل شبر من أرجاء الوطن إلا عن جهد جلالته الباذل وعطائه المتواصل الذي لا ينضب أبدا، ورؤيته الثاقبة نحو مستقبل أجمل، قابله إخلاص أبنائه الأوفياء الذين قرنوا الأمل بالعمل وذللوا العقبات بمنجزات وذلك بجدهم وعزمهم وتفانيهم في أداء واجبهم الوطني.

إنّ عمان لتقف موقف الفخر والاعتزاز بما تم إنجازه خلال مسيرة مولانا الظافرة على امتداد 46 عامًا والتي أنعمت على المجتمع الرفاهية والراحة في مختلف ميادين الحياة تمهيدا لاستقراره ورقيه وتنميته، سائلين الله جلّت قدرته أن يحفظ عمان بأمنها وأمانها وأن يديم على جلالته الصحة والعافية والعمر المديد وأن يحقق على يديه كل ما يصبو إليه إنّه سميع قريب مجيب الدعاء.

 

تعليق عبر الفيس بوك