فرحة تكتمل.. وأمل يتجدَّد

 

 

حاتم الطائي

اكتملتْ أفراحُ الوطن بالذكرى السادسة والأربعين لعيد عُمان المجيد؛ بالإطلالة السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي شَمِل برعايته الكريمة العرضَ العسكريَّ الاحتفائيَّ بتلك المناسبة الغالية؛ مجدِّدا آمال عُمان والعُمانيين في مُستقبل مُشرق خلف قيادة حكيمة؛ وسط أصداء مباركة جسَّدت عُمق العلاقة الرابطة بين أبناء عُمان وقائدهم المفدَّى؛ ولاءً وعرفانًا بالجميل لقائدٍ آلَى على نفسه أن يَنْعَم هذا الوطن في عَهْدِه بالخير والرِّفعة والاستقرار، وأنْ يكون أبناؤه الكِرَام على رأس الأولويات، وهدفًا محوريًّا لعمليةٍ تنموية يُشار إليها بالبنان.

وتعكسُ احتفالات هذا العام رَوْح الإصرار والعزم الأكيد والإرادة القوية على أنْ تمضي سفينة هذه المسيرة الظافرة نحو تحقيق المزيد من أهدافها السَّامية من النماء والعطاء؛ فعُمان اليوم تحتكم إلى عدَّة سياسات ومبادئ تشكِّل منظومةً مُتكاملةً تَكفُل للنهضة المباركة التقدُّم بخُطَى مدروسة، والإسهام فِي تشكيل رؤية أكثر حضارةً وألقاً؛ إذ تتسم موجِّهاتنا بأبعادها المتشعِّبة، وظلالِها الممتدَّة؛ التي تدعم بناء الذات بثقة عالية، وتجذُّر القيمَ والثوابتَ في نَسَق مُعتدل بين الأصالة والمعاصرة، وتكفُل التقدُّم إلى رحاب الحداثة.. دولة تنعم بثمرات المنجز التنموي المرتكز على التخطيط السليم؛ نحو مرحلة جديدة من العمل الوطني، تعزِّزه دولة المؤسسات بأدوارها المتعاظمة لمقابلة احتياجات المرحلة ومتطلبات المستقبل.

وفي سياق تلك التكامليَّة المؤسَّسية، تلتئمُ اليوم أوْلَى جلسات دَوْر الانعقاد السنوي الثاني من الفترة السادسة لمجلس الدولة، استكمالاً لعملٍ وطنيٍّ دؤوب يستهدف مواصلة نجاح التجربة البرلمانية بالسلطنة، وِفْق أسس وصلاحيات وتشريعات رقابية وتشريعية، يتطلع إليها المواطن والدولة للإسهام بشكل فعَّال في دفع مسيرة النهضة المباركة إلى الأمام. فما أنجزه المجلس -برلمانيًّا- خلال الفترة الماضية يدعو للفخر والاعتزاز، ويؤكد أنَّ المسيرة البرلمانية في السلطنة تسير من مرحلة إلى أخرى نحو التطوُّر والتقدُّم؛ كما أراد لها قائد المسيرة -حفظه الله ورعاه- ولتثبت أنها تجربة ذات خصوصية متفرِّدة في الفكر والنهج والمسار؛ بالتوازي مع تطوير مؤسسات الدولة وإشراك المواطن في آلية اتخاذ القرار وصناعته، بما يضمن تطورًا ديمقراطيًّا يليق وعراقة الشعب العُماني.

ومن زاويةٍ قريبةٍ في جِدَار الوطن، تحملُ مُناسبة العيد الوطني المجيد هذا العام، إحدى بُشريات الأمل التي تخصُّ تجربتنا الإعلامية؛ حيث تُضع "الرؤية" اليوم بين يَدَي قرَّائها العدد رقم "2000"، في استمرارٍ لا يحيد عن "المسؤولية الإعلامية" برسالة هادئةٍ ومُتزنةٍ، استلهمتْ سُلوكيَّاتها من "نهج الحكمة" الذي أرسى دعائمه سلطان بلادنا -أيَّده الله- وإيمان راسخ وعميق بالإسهام في تطوير نهج و"ثقافة العمل" بما يُسهم في تَجْسِيْر الفجوة بين الأمل والعمل، والواقع والطموح، وبما يَجْعَل الفرصة مُواتية أمام توظيف أمثل لمعطيات الإبداع وتجويد الأداء، واستكمال العمل على ترسيخ مفهوم "إعلام المبادرات" كجزء من إستراتيجيتنا في التفاعل مع قضايا المجتمع وخدمة أهداف التنمية؛ ضمن فهمنا للدور الطليعي والرائد للإعلام في بناء الإنسان المستنير، وتغليب الجانب الرِّسالي للإعلام على التجاري؛ إذ في سياق هذا الفهم، أطلقنا على مدى سنوات مجموعة من المبادرات الهادفة لخدمة مختلف فئات المجتمع وشرائحه؛ وسنعمل خلال الأعوام المقبلة على رفد هذه المبادرات بإضافات نوعية لتوسيع دائرة أهدافها لتشمل مزيدًا من الشرائح المجتمعية. يَدْفَعُنا في ذلك إيمانٌ كبير بكون الإعلام شريكًا أساسيًّا في نقل الحقائق، وما يدور داخل أروقة صُنع القرار السياسي، وما يُصاحب ذلك من مناقشات وتفاصيل، تتمخض في النهاية عن قرارات تهم المواطن والوطن؛ فثمة عمل مؤسسي حديث بدأ يتشكل، وثقافة جديدة علينا أن نُجيد التعامل معها؛ لأنَّ لها أصولًا ومعايير وأسسًا جديدة، وقوانين وقواعد وشروطًا أيضاً جديدة؛ بما يرفع حجم الثقة المتبادلة بين حكومتنا الرشيدة وأبناء الوطن الأوفياء؛ كأحد المرتكزات المهمة لإنجاح عملية التنمية.

... إنَّ سجلاً حافلاً بالإنجاز، ليَرْسِم اليوم ملامحَ واضحة المعالم لخارطة طريق المستقبل؛ ويضع على عاتق الأجيال الحالية والمتعاقبة أمانة ثقيلة للحفاظ على ما تحقَّق من مُكتسبات، استرشادًا بنطقٍ سامٍ لقائد عظيم بأنَّ "هذه المنجزات لم تكن لتظهر على أرض الواقع لولا الجهد المبذول، والعطاء المتواصل، والإرادة الطامحة، التي تستشرف المستقبل، وتعمل من أجل غد أفضل. فطُوبى ‏لكلِّ يدٍ عاملة تُشارك في بناء نهضة عُمان، ودعوة صادقة لبناة الحاضر ورواد المستقبل، للانطلاق نحو آفاق أبعد، وساحات أرحب، ومقاصد أسمى وأعلى".