هموم شركات التقنية على مائدة الفعالية "التمكينية"

 

 

عبيدلي العبيدلي

لبَّت ما يقارب 50 شركة بحرينية تعمل في سوق تقنية المعلومات، مثَّلها ما يربو على 75 شخصية، دعوة مشتركة وجهتها الجمعية البحرينية لشركات التقنية (BTECH)، وصندوق إصلاح سوق العمل "تمكين". بعد الكلمة الترحيبية، تناولت الرئيس التنفيذي للعمليات في "تمكين" أمل الكوهجي الكلمة كي تلقي الضوء على الإستراتيجية التي تأخذ بها "تمكين" من أجل النهوض بسوق تقنية الاتصالات والمعلومات البحرينية، في نطاق رؤية شاملة متكاملة لا تقف عند حدود تطوير الشركات والمؤسسات، وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها، فحسب، بل تتجاوز ذلك كي تمس تطوير الموارد البشرية والمهارات المحلية العامل في هذه السوق الناشئة، كما وصفتها الكوهجي.

توقفت أمل عند احتياجات السوق، وعرجت على ضرورة الوصول إلى المعادلة الصحيحة القابلة للتطبيق التي تنظم العلاقة بين برامج "تمكين" ومشروعاته، وخُطط الشركات وتوجهاتها في سوق يشهد نموًا مضطردًا، ويشكل دعامة أساسية لأيّ اقتصاد نامٍ طموح، يجتهد من أجل مغادرة الاعتماد على سلعة واحدة هي النفط، ويطمح إلى تنويع قاعدته الاقتصادية، وزيادة عدد مصادر دخله.

تلا ذلك كلمة مستشار مجلس إدارة (BTECH) أحمد الحجيري الذي رسم صورة متكاملة لمسيرة (BTECH)، متوقفًا عند محطات رئيسة في تلك المسيرة التي تمتد لما يزيد على العقد من الزمان.

سلط الحجيري الضوء على مسألتين مركزيتين: الأولى منهما الإنجازات التي حققتها (BTECH)، خلال تلك المسيرة، وخاصة فيما يتعلق بالحضور البحريني في فعاليات سوق تقنيات المعلومات والاتصالات، والثانية مشروعات الجمعية من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الوطني.  وفي هذا السياق تعرض الحجيري للعلاقة الإيجابية التي حكمت مسيرة التعاون بين "تمكين" و(BTECH).

وكان العامل المشترك بين كلمتي الكوهجي والحجيري هو أهمية هذه الصناعة ودورها المتزايد في الاقتصاد الوطني، خاصة بالنسبة للأسواق الناشئة، وضرورة تنمية التعاون بين خطط "تمكين" وبرامج (BTECH) من أجل النهوض بهذه الصناعة البحرينية، كي تُساهم بشكل ملموس ومتصاعد في الاقتصاد الوطني، وتتطور كي تتحول إلى إحدى ركائزه الإستراتيجية. قضية مركزية حكمت ما جاءت به الكوهجي، وركز عليه الحجيري هي أنّ متطلبات النهوض بالصناعة تقتضي التوجه نحو سوقها بشكل شمولي، عوضًا عن مساعدة الشركات العاملة فيها بشكل فردي مُبعثر.

بعدها أخذت أمل، وهي إحدى الكوادر المتألقة في "تمكين" الكلمة وطافت بالحضور في جولة سريعة مكثفة، لكنها غنية بالمعلومات، في سرادق برامج تمكين وأزقة مشروعاته، مشيرة إلى أنّ تلك المشروعات لا تتوقف عند الشركات، بما فيها تلك الحديثة الولادة (Startups)، ولكنها توسع من دائرة تغطيتها كي تشمل الرواد بمن فيهم طلبة المدارس.

أثار اللقاء مجموعة من القضايا ذات العلاقة بسوق وصناعة تقنية الاتصالات والمعلومات عموماً والبحرينية منها على وجه الخصوص.

أولى تلك القضايا كانت سُبل البحث عن المعادلة السليمة التي تضمن الخروج من "دوامة" الحلول التقليدية التي لم تعد مناسبة، أو حتى قادرة، على التصدي لمتطلبات الاقتصاد الابتكاري (Innovative Economy). هنا جرى التركيز على موضوع الموارد البشرية الماهرة التي تتمتع بقدرات ابتكارية تحتاج إلى برامج رعاية خاصة تتجاوز في أطرها تلك التقليدية المتعارف عليها. فعند الحديث عن الاقتصاد الابتكاري تتراجع متطلبات النهوض والتطوير بالاقتصادات التقليدية كي تأخذ مكانها آليات أخرى أن أريد للموارد البشرية الرائدة والمبدعة أن تأخذ مواقعها الصحيحة في هذه السوق.

ثاني تلك القضايا التي تمّ التوقف عندها بشيء من الإطالة كانت تنمية دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعلى وجه الخصوص العاملة في سوق تقنية المعلومات والاتصالات كي تصبح ركيزة أساسية من ركائز تطور الاقتصاد الوطني البحريني، ودعامة رئيسة في تنوع مصادر دخله، كي يغادر مواقع الاعتماد الكلي على سلعة واحدة وهي النفط. واتفق الجميع على النمو الملموس الذي تشهده صناعة تقنية المعلومات والاتصالات، والحيز الواسع الذي باتت تشغله في مشروعات التنمية التي تغمر الاقتصادات الخليجية.

أهمية صناعة تقنية المعلومات والاتصالات الخليجية، مسألة يؤكدها أيضا رئيس شركة "هواوي" الصينية في الشرق الأوسط، شي ياوهونج، حين يقول "إنّ منطقة الخليج شهدت استثمارات ضخمة من قبل القطاعين العام والخاص في البنية التحتية لتقنية لمعلومات والاتصالات، تجاوزت في بعض البلدان اقتصاديات الدول الأكثر تقدماً، متوقعاً أن ينمو حجم الإنفاق على التقنية في منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2013 بنحو 5.5 في المئة مقارنة مع العام الماضي لتصل إلى 192 مليار دولار".

وعلى نحو مواز تنوه جميع الأرقام بالدور المتزايد لتقنية المعلومات والاتصالات في الاقتصاد العالمي، وفي القلب منه الاقتصاد الخليجي، إذ تتحدث دراسة نشرت مؤخرا عن "ضخامة أرقامها التي تؤكد وجود ثلاثة مليارات ومئة مليون إنسان حول العالم يملكون أجهزة كمبيوتر يرسلون يومياً تريليون وسبع مئة مليار رسالة إلكترونية مع توقعات بارتفاع أجهزة الكمبيوتر المتصلة بشبكة الإنترنت إلى خمسة عشر مليار جهاز عام 2015، (كما أن) سوق البرمجيات في الشرق الأوسط  ينمو بمعدل أربعة وثلاثين بالمئة مع وجود ثمانية وثلاثين مليون مشترك عربي على شبكة الإنترنت، السعودية تنفق ما بين من سبعة إلى عشرة مليارات دولار سنوياً على تقنية المعلومات، كما زادت الإمارات وقطر قدرتهما التخزينية بنحو ستين بالمئة".

وترجح تقارير أخرى "أن يصل الإنفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 200 مليار دولار خلال الأعوام 2014 – 2016، مما يتوقع معه توليد عشرات الآلاف من الوظائف الموجّهة للعمالة الوطنية. كما أن الإنفاق على هذا القطاع زاد بمعدل قوي في دول التعاون، خاصة في دولة الإمارات، والسعودية، حيث نما الإنفاق على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بمعدل نمو سنوي مركّب 18 في المائة خلال الأعوام الخمسة الماضية، تبعًا لبيانات الاتحاد العالمي لتكنولوجيا وخدمات المعلومات (WITSA)".

لقد بثت شركات التقنية البحرينية في ذلك اللقاء همومها، وتلقاها "تمكين" بصدر رحب، مما أشاع أجواء من الأمل والتفاؤل أزاحت غمامة التشاؤم التي تسيطر على أذهان البعض بسبب الأوضاع الاقتصادية المأزومة.