حمد العلوي
لقد كنت أسمع في الأخبار عن المهاجمين الانغماسيين، ولا أعرف معنى لهذا المصطلح من قبل، ولكن كنت أعرف إنّه صنف شرس لا يعود من مهمته حيّاً، لذلك سأطلق مصطلح الفأر الانغماسي، على الفأر الذي غزا بيتنا، وذلك لسببين أولهما، يأتي منغمساً عبر فتحة المرحاض، وهي ملأى بالماء، وثانيهما، لأنّه يقتل مباشرة لانغماسه في معركة خاسرة، ولا ينجو منها إلا القليل، فالفئران التي غزت بيتنا من خلال أنفاق مجرى الصرف الصحي لشركة "حيا" فقد قتلنا منها اثنين وهرب الثالث، ومن هذا نستنتج إنّه كلما قُضي على إنغماسي، فإنه يتبعه آخر ولو بعد حين.. وهكذا دواليك، فإما أن يحقق الهدف الذي أتى من أجله، وإلا يعود من حيث أتى، وبنفس الطريقة الانغماسيّة عبر المرحاض، ويسلك شبكة المجاري تحت الأرض، استعداداً لمهمة أخرى.
إنّ قصة الفأر الانغماسي، بدأت في الظهور بعدما اكتملت شبكة الصرف الصحي في حارتنا، وكما يقول المثل، (يا فرحة ما تمت) بالأمس القريب انتهينا من إزعاج طفح المياه الآسنة، وكذلك إزعاج الصهاريج ذات اللون الأصفر، ولم نلتفت للزيادة المضاعفة لفاتورة المياه، نتيجة اقتطاع نسبة معينة كقيمة لخدمات الصرف الصحي الجديدة، ولا تخريب الشوارع التي مر بها ذلك الأنبوب الضخم الملتوي بين الأحياء السكنية، والكل نظر إلى النتيجة بعين الرضا والقبول، على أننا لن نعود للاهتمام بمراقبة التخزين الفردي في المنازل لمياه الصرف الصحي، فقد أكفتنا همهما شبكة "حيا" بعد اكتمال المشروع.
كما أنه لم يكن في خلد أحد منا، ولا حتى يتوقع بأن يأتيه فأر تربى في ولاية مسقط، ثم يصل إليه في ولاية بوشر، والعكس صحيح، بل المجالات أصبحت مفتوحة على كل الولايات من خلال الشبكة إياها، وميزة هذا الفأر أنّه يأتي كامل النمو، لذلك يتحمل قطع المسافات البعيدة دون تعب، فيدخل المنازل بهمة ونشاط عبر أنابيب تصريف المياه من خلال المراحيض، وذلك بعدما ينغمس في فجوة التصريف للمرحاض، فقد كان الفأر يأتي صغيراً من جوار المنزل، فيتسلل من أي فتحة صغيرة إلى الداخل، فيذهب ليتربى في مخزن المطبخ حتى يكبر، وقد يكتشف خلال فترة نموه بسبب تدني درجة الحذر عنده، فيُقضى عليه بسهولة، فيرتاح أهل المنزل من أذاه فترة من الزمن، وذلك قبل أن يخلفه سلف آخر.
أمّا الآن يفاجئك الفأر بحجمه (البغلي) أي الحجم الضخم، عندما تجده يجول في دورات المياه، هذا إذا كانت دورات المياه مغلق بابها، فإذا رأيته حتماً ستبقي الباب مغلقاً عليه، فتذهب لإحضار عصا المكنسة، وهو ما يتبادر في الذهن مباشرة، فتحضرها لتساعدك كوسيلة للهجوم عليه، فتبدأ المعركة حامية الوطيس، فينتصر صاحب المنزل بحسب الخبرة والشجاعة، ولكن تصدمك المفاجأة، عندما تعود ولا تجد الفأر، بل تجد أثره في زوايا الحمام، فحتماً غادر المكان من حيث أتى، وذلك إلى المنزل المجاور، لعله يجده أقل شراسة في استقبال الضيوف.
إذن نتيجة لانتشار شبكة "حيا" في الأحياء السكنية، أصبحت المنازل معرضة لغزو الفئران والصراصير، وكل هذه القوارض والحشرات من الحجم البغلي، وليس من السهولة عليك كفرد، أن تتخلص منها ثم لا تعود مرة أخرى، فالذي تقضي عليه اليوم، فإنه يأتيك ضعفه بالغد، فيظل الحال كمن يدور في حلقة مفرغة، وتستمر في محاربة هذا الارهاب المتمثل في صنف آخر غير الصنف البشري، وقد تكون الخطورة هنا في نقل الأمراض المعدية إلى الأسرة، وهي سموم كسموم الكيماوي، بل قد تكون أخطر لديمومتها.
إننا كنا نجد في الماضي الفأر في البيت، وكنا نظن أنّه دخل خلسة من خلال الأبواب، ولكن عندما تغلق باب الحمام، ولا أحد غيرك يفتحه، فتأتي في وقت آخر، وتجد به فأراً وليس هناك من منفذ آخر ليدخل منه، ثم تغلق الباب عليه، وتعود بعد دقيقة فلا تجده، فهنا يقع مكمن الخطر من فأر يلوث المراحيض، إذن مصطلح الصرف الصحي لم يعد كذلك، فلن يظل صحياً بالمعنى الصحيح، أمام هذا الهجوم العارض الجديد، وهنا نعرض هذه الظاهرة الجديدة على شركة "حيا" ونرجو منها ألا تكتفي بنقل مياه المجاري، وإغفال الصحة العامة للسكان، وإلا سنرفع المثل الخاص بأبوزيد، الذي غزا وكأنه ما غزا؛ لأنّ المكاسب ربما تساوت مع المسالب، لأنّ الحالة النفسية تظل متوترة، ويخشى المرء أن يكون في خلوة في الحمام، فيفاجئه انغماسي على حين غرة، فيقطع عليه خلوته ويزيدها حرجاً، وإحراجاً بسبب هول المفاجأة.
Safeway.om@gmail.com