لكي نحمي أطفالنا .. !

 

سيف بن سالم المعمري

 

الطفل كل إنسان لم يكمل الثامنة عشرة من العمر بالتقويم الميلادي حسب ما جاء في المادة الأولى من الفصل الأول في قانون الطفل الصادر بالمرسوم السلطاني 22/2014م، والذي شمل ثلاثة عشر فصلاً تضمنت(الحقوق المدنية، والصحية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية، والاقتصادية، وحقوق الطفل المعاق، والمساءلة الجزائية، وتدابير الحماية، وآلياتها، والعقوبات والتعويضات المدنية).

كما إنّ السلطنة انضمت إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 9 ديسمبر 1996م، بموجب المرسوم السلطاني رقم 54/96، وإلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالاتفاقية بتاريخ 17 سبتمبر 2004م، وذلك بموجب المرسوم السلطاني رقم 41/2004م، بالإضافة إلى تشكيل لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية والتي تضم 16عضوًا مُمثلين من مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات التربوية ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى ممثلين عن جمعيات رعاية الأطفال المعوقين، وجمعية التدخل المبكر لذوي الإعاقة.

ويأتي اهتمام السلطنة بالطفولة وتحقيق الأمان الاجتماعي لهم؛ من أجل إعداد جيل المستقبل والنهوض بالطفولة لبناء سواعد واعية ومدركة لرسالتها ودورها المحوري في خدمة وطنهم ومجتمعهم، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تحمل الجميع المسؤولية بدءا من الأسرة ثم المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني كل في مجاله.

وخلال السنوات الماضية تفطرت قلوب المجتمع العُماني بحوادث مؤسفة كان ضحيتها أطفال في عمر الزهور بأسباب ومبررات مختلفة بين دهس الأطفال من قبل ولي الأمر أو أحد أقاربه في البيت أو الغرق أو الاختناق أو التحرش والاغتصاب وكذلك العثور على أطفال مجهولي الأبوين ونحو ذلك، لكن الذي لا يمكن الاختلاف عليه أنها كانت حوادث بسبب الإهمال وعدم الإحساس بالمسؤولية.

 ومثل تلك القضايا متكررة في المجتمع وبالتالي أصبح من الأهمية أن تتكاتف الجهود وأن يتم الحزم مع المتساهلين واللامبالين في تحمل مسؤولياتهم تجاه من ولي حماية الأطفال ورعايتهم بحسب موقعه ومسؤوليته.

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي تفاعل المجتمع مع ثلاث قضايا تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي وتتعلق بالأطفال، وهي حادثة تحرش أحد الطلاب بزميله بمسمع ومرأى من زملاء آخرين ونشر الحادثة من خلال التصوير بالفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لتفاعل المجتمع مع التعميم الذي أصدره مدير عام تعليمية محافظة مسقط حول المنع المطلق للضرب في جميع مدارس المحافظة وما أثاره هذا التعميم من لغط بين مؤيد ومعارض له، وعدم استناده إلى مصوغ قانوني حسب ما اعتبر بعض القانونيين، أما القضية الثالثة فهي قضية نسيان الطفل في باص المدرسة في محافظة مسقط والذي نتج عنه وفاة الطفل، بالإضافة إلى حوادث أخرى تناولتها الصحف المحلية خلال الفترة الماضية.

ولأننا نتحدث عن حوادث مؤسفة تتكرر عند الأطفال المُقيدين بالمدارس- صحيح إن معظم إن لم يكن جميع تلك الحوادث غير مقصودة ولا أحد يتمنى أن يتسبب في إيذاء طفل أو التسبب في موته- فإنّه من البديهي أن يتحمل ولي الأمر مسؤولية ابنه أثناء وجوده في المنزل، وكذلك قائد الحافلة هو مسؤول عن التلاميذ منذ لحظة صعودهم للحافلة إلى دخولهم للمدرسة وحتى العودة مرة أخرى إلى المنزل، وأن يقوم قائد الحافلة بالتأكد من أخذ كل تلميذ مقعده قبل تحرك الحافلة وأثناء سيرها ولحظة توقفها، والتأكد من إخلاء الحافلة من جميع التلاميذ بعد الوصول إلى المدرسة أو المنزل – وهي لا تكلفه أكثر من 60 ثانية- وخاصة في المراحل الدراسية الأولى، وأصبح وجود مشرف أو مشرفة في غاية الأهمية لحماية الأطفال مما سبق ذكره في صدر المقال، وأن يكون المشرف أو المشرفة مؤهلين ومن العُمانيين وليس كما تقوم به بعض المدارس الخاصة بتوظيف مشرفة وافدة وغير مؤهلة، كما أصبح من الأهمية إلزام قائد الحافلة بتثبيت كاميرا مراقبة داخل الحافلة.

وأما مسؤولية المدرسة فتبدأ منذ نزول الطالب من الحافلة – داخل فناء المدرسة- حيث تقوم مشرفة كل حافلة وبالتعاون مع المعلمات باستقبال الطلبة وحصر الغياب قبيل بداية الطابور الصباحي، على أن تكون بطريقة آلية ودقيقة جدًا، بحيث يقوم النظام الآلي بإرسال رسالة نصية لولي الأمر لإشعاره بتغيب ابنه، وهذا النظام معمول به في مدارس الدول المجاورة، بالإضافة إلى ذلك فإنّ وجود كاميرات مراقبة في جميع زوايا وردهات المدرسة أصبح أمرًا بالغ الأهمية؛ وذلك لتجنب السلوكيات اللاأخلاقية وخاصة في المدارس التي توجد فيها فئات عُمرية متباينة، كما يجب على إدارات المدارس تكثيف التوعية لأولياء الأمور ولطلاب المدرسة والحزم مع المُخالفين؛ لكي نحمي أطفالنا ممن يُهدد سلامتهم وأمنهم النفسي والاجتماعي.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

Saif5900@gmail.com