العراق يقترب من الخلاص

 

 

تؤذن المعركة الموسّعة التي أطلقتها القوات العراقيّة لتحرير مدينة الموصل، بقرب خلاص الدولة المتعددة الأعراق والإثنيات من أخطر تنظيم إرهابي يفتك بالأمن والاستقرار الإقليمي منذ نحو أكثر من عامين، كما تعكس عزم السلطات العراقية على اجتثاث هذا السرطان الداعشي، في ظل ما أحدثه من خلل في منظومة الأمن الدولية.

وبقدر الآمال المعقودة على هذه العملية العسكرية، إلا أنّ المخاوف تتزايد كذلك من مخاطر انتكاسة هذه القوات، إذا ما قوبلت بدفاع مستميت من قبل مرتزقة التنظيم، حيث تمثل الموصل آخر معقل كبير له، خاصة بعدما خسر معركة "دابق" في سوريا، والتي كان يزعم- من بين مزاعمه المتواصلة - أنّها معركة آخر الزمان. ومثل هذه المُصطلحات تعكس البيئة الفكرية المريضة التي ترعرع فيها، إذ يستشهدون زورًا وبهتانًا بنصوص شرعيّة لتبرير أعمال العنف المتوحّش الذي يرتكبونه باسم الدين.

القوات العراقية أمام تحد حقيقي في معركتها هذه، إذ تشاركها عناصر البشمركة الكردية والعشائر التي تنتمي إلى الطوائف السنية، فإذا ما نجحت هذه القوات في التلاحم مواصلة التقدم على قلب رجل واحد دون تمييز طائفي أو عرقي، فإنّها ستحقق الهدف المرجو، وتدحر التنظيم في حصنه المنيع.

وفي المقابل، تخشى منظمات الإغاثة الدولية من عواقب هذه المعركة، التي تنذر بفرار نحو 100 ألف عراقي ووجهتهم ستكون إمّا سوريا القابعة تحت ويلات المعارك، أو تركيا التي تخوض هي الأخرى معركة داخل الأراضي العراقيّة. وهذا الأمر يشير إلى خطورة الوضع الإنساني بالغ السوء، لاسيما في ظل توجس المواطنين من الفترة الزمنية التي قد تستغرقها الحملة العسكرية، والتي أشار مسؤولون إلى أنّها قد تصل إلى شهر أو أكثر، ما يعني أنّ قرابة 1.5 مليون عراقي في الموصل، ربما يواجهون مأساة جديدة، فلا هم يتخلصون سريعًا من بطش داعش ولا هم يحصلون على ما يحتاجونه من مواد غذائية ومؤن. الأمر الذي دفع مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لإطلاق مناشدة بتقديم 61 مليون دولار لتوفير خيام ومخيّمات وأفران للنازحين داخل العراق والدولتين المجاورتين له.

إنّ العراق أمام مفترق طرق في هذه العملية العسكرية، بيد أنّ التطلعات تشير إلى احتمال تحقيق نصر على هذا التنظيم الإرهابي، وبدء تطهير المنطقة منه.

تعليق عبر الفيس بوك