المعرض الوثائقي السابع يعزز معرفة العماني بماضيه وهويته الحضارية المتجددة

الحراصي: النصوص الصحفية والأدبية العالمية كنوز بحثية لدراسة تاريخ عمان

 

 

 

 

مسقط - العمانية

 

قال معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إنَّ النصوص الصحفية والأدبية العالمية هي كنوز في غاية الأهمية الوطنية والبحثية لدراسة عُمان وتاريخها وهويتها وهي زاد ثقافي وإبداعي لابد من الغوص فيه لكشف عمق الحضارة العمانية، وعمق جذور شجرة هذه الحضارة التي أثمرت في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أعزه الله ـ  تنمية حضارية شملت مختلف جوانب الحياة. وأضاف معاليه أنَّ التنمية الحضارية في السلطنة هي مسيرة تنطلق بثقة نحو المُستقبل متكئة على رصيد حضاري ضخم نراه في رموز هذه الحضارة من قلاع وحصون مجيدة، وعلى تراث معرفي وأدبي وفقهي عظيم كما نراه في ما كتب عن عُمان في صحافة وآداب العالم في الشرق والغرب.  

 

وحول ما تضمنه المعرض الوثائقي السابع "عُمان في الصحافة العالمية" الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية حاليًا بفندق جراند ميلينيوم بالخوير ويختتم أعماله اليوم والدراسات التي تناولها المؤتمر الذي عقد حول هذا الموضوع، قال معاليه إنّ الثقافة بمفهومها الشامل تعد انعكاسًا للوضع الحضاري والسياقات التاريخية التي تؤطر حياة الأمم المختلفة، والصحافة تحديدًا تؤدي دورًا أساسيًا في تسجيل الأحداث التاريخية من جانب، والانطباعات الإنسانية حول المواضيع المختلفة من جانب آخر، مشيرًا إلى أنَّ تقصي حضور عُمان في الصحافة العالمية جاء وفق هذا المنظور وهو موضوع في غاية الأهمية من نواحِ مختلفة، فهو  يكشف عن المكنون التاريخي لدور عُمان في السياسة العالمية في حقبها المختلفة، وهو ما توثقه الصحافة في مختلف دول العالم، ومن الناحية الثانية فإنّه يُعزز معرفة العماني بماضيه وارتباط ذلك الماضي بالهوية الحضارية المُتجددة وانطلاقها للمستقبل من خلال رؤية الذات الوطنية العمانية كما سجلتها صحافة العالم.

 

وأشار إلى أنَّ حضارة عُمان كانت تتصدر الصفحات الأولى للصحف والمجلات العربية والأجنبية وكانت تلك الصحف تشيد بالفضائل التي تقوم عليها السياسة العمانية التي ارتكزت على الهوية العمانية وعلى تأكيد أهمية العلاقات مع دول العالم. 

وكانت الدراسة التي نشرها معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي في مجلة "نزوى" استعرضت بعض نماذج المواد الصحفية التي نشرت عن عُمان في صحافة أمريكا في القرن التاسع عشر وبعض أوجه الاهتمام الأمريكي بها وأحداثها الطبيعية والسياسية وغيرها، كما بينت بعض النماذج الإعجاب الأمريكي ببعض حكام عُمان وعلى رأسهم السيد سعيد بن سلطان وكذلك الإعجاب بالمرأة العمانية كما تجلى في السيدة موزة بنت الإمام التي وردت قصة حكمها لعُمان في كتاب «مذكرات أميرة عربية» للسيدة سالمة بنت سعيد بن سلطان ونشرتها الصحافة الأمريكية، كما أوضحت بعض النماذج الصحفية في تلك الدراسة أشكالاً أخرى غير معروفة على وجه عام من العلاقات العمانية الأمريكية مثل نقل بذور التمور العمانية إلى أمريكا، والخلافات المتكررة المتعلقة بجهل الأمريكان بموقع مسقط على خارطة العالم برغم قوة علاقتهم الاقتصادية معها". 

وأشارت الدراسة إلى أنّ بعض الجرائد الأمريكية نشرت مقالات تعرف بمسقط تحديدًا وبما جاورها من المناطق العمانية، فقد نشرت جريدة «آلتون أبزرفر» نقلا عن جريدة «نيويورك إكسبرس» في يوم ٩ مارس 1837 مقالاً تعرف فيه بمسقط والقوة التجارية والعسكرية الضخمة للسيد سعيد بن سلطان حيث قالت إنّ القوة البحرية للسلطان تمنحه اليد الطولى في كل موانئ شرق أفريقيا والبحر الأحمر وساحل الحبشة والخليج. وتتكون هذه القوة، فيما يبدو، من عدد من السفن يتراوح بين سبعين إلى ثمانين سفينة شراعية تحمل عدداً من المدافع يتراوح بين أربعة مدافع وأربعة وسبعين مدفعاً، ويمارس ضباط هذه القوة البحرية المراقبة القمرية ولديهم أجهزة ميقات ممتازة". 

ورصدت الدراسة أن هناك مقالا مطولا نشرته جريدة «ذَ نيويورك هيرالد» في 27 مارس ١٧٨١ حول مسقط يحمل عنوان «مسقط: حالها السياسي والتجاري، مع التاريخ الحديث لأسرتها الحاكمة» يبدأ كالتالي "بعيداً في الشرق وفيما يكاد أن يكون عند بوابة الخليج الشهير بلؤلؤة توجد مدينة مسقط الصغيرة، عاصمة مملكة عُمان، والمركز السياسي والاقتصادي للجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية السعيدة. كما وثقت الصحافة الأمريكية من خلال أخبار نشرت في أكثر من جريدة الإعصار الحلزوني الكبير الذي حلّ بمسقط في يوليو 1890 .

وقالت الدراسة إن "محورين يتعلقان بالعلاقات العمانية الأمريكية شغلا الصحافة الأمريكية في القرن التاسع عشر هما قضية الاتفاقية الموقعة بين السيد سعيد بن سلطان والولايات المتحدة الأمريكية عام 1833 وزيارة السفينة العمانية «سلطانة» لنيويورك عام 1839، حيث تابعت الصحافة الأمريكية رحلة السفينة «ذَ بيكوك» إلى مسقط في عامي 1833 و1835 لتوقيع اتفاقية مودة وتجارة مع مسقط في المرة الأولى، ولتبادل وثائق التصديق عليها في المرة الثانية. 

وبحسب الدراسة، فإنه كما كان للجوانب السياسية والاقتصادية في عمان نصيب الأسد في اهتمامات الصحافة الأمريكية في القرن التاسع عشر فإن هناك أيضا إشارات إلى جوانب أخرى لهذه العلاقات، نذكر مثالًا عليها بذور التمور العمانية التي نقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن التاسع عشر، حيث أوردت جريــدة «ذي ربيبليكان كومبايلر» الصادرة في جيتيسبرج في بنسلفانيا نص رسالة من الدكتور ميتشيل مؤرخة بتاريخ ٢٢ يونيو 1819"أهنئكم على النجاح الذي حالفكم في أقلمة نخيل التمر في الولايات المتحدة الأمريكية، إن رجلين من جنوب كارولينا، أحدهما كان مزارعاً بالقرب من سينت ماريز في جورجيا أكدا لي قبل بضع ليالٍ بأن الهدف العظيم قد تمّ تأمينه، إن بذور التمر التي جلبت من شبه الجزيرة العربية السعيدة على يد القبطان هنري أوستن والتي تمَّ تحويلها من نيويورك إلى السيد سنكلير قد نبتت بنفس سرعة الجوز الأسود أو لب الخوخ، والكمية الأكبر من البذور التي زرعها تنمو الآن، وقد وصل طولها إلى أربعة إنشات.

تعليق عبر الفيس بوك