عيسى بن علي الرواحي
قد يكون من الحلول المُقترحة لتوزيع حصص الاحتياط في حالات الغياب معلومة الموعد من ذي قبل أن يقوم المعلم بتوزيع حصصه على زملائه الذين يشتركون معه في تدريس نفس الفصول؛ ثم يأخذ فيما بعد عنهم تلك الحصص التي شغلوها في غيابه، وفي هذه الحالة لا يؤثر غياب المُعلم على الطلاب ولا سير المنهج، ولا يخلق أيّ حصة احتياط، ولعلنا نؤيد هذا المقترح ونشجع على تطبيقه في المدارس.
وما ينبغي أن نُشير إليه أن مما يسيء الإدارة المدرسية بشكل أكبر هو أن يوقع المعلم على حضور حصة الاحتياط، لكنه لا يحضرها أو يحضرها متأخرًا.
ورغم ما تسببه حصص الاحتياط من هاجس مؤرق للهيئتين الإدارية والتدريسية، فإنّ هناك حلولاً وفوائد كثيرة لا حصر لها يمكن أن نُحققها من خلال حصص الاحتياط، وهذا بلا ريب يعتمد على سياسة إدارة المدرسة ورغبة معلميها في إفادة أنفسهم وأبنائهم الطلاب باستغلال ذلك الوقت الثمين.
بل إنّ حصص الاحتياط مرتع خصب لتحقيق نتائج كبيرة وفوائدة عديدة وثمار طيبة لأبنائنا الطلاب في شتى الجوانب، وهذا بلا ريب يقتضي أن تكون هناك رغبة وقناعة لدى المعلم، واستعداده لبذل مزيد من العطاء في الرقي بمستويات أبنائه الطلاب؛ مستشعرًا في ذلك عظمة الأجر والثواب الذي يناله من الله سبحانه وتعالى، فإذا كانت تغطية حصة الاحتياط من واجبات المعلم أو هي ما يُسمى بأعمال العدل في نطاقه الوظيفي؛ فإنّ تثميرها في مصلحة الطلاب من أعمال الفضل التي يُثاب عليها بإذن الله تعالى.
يمكن لمُعلم حصة الاحتياط أن يُراجع للطلاب ما سبق دراسته إذا كان معلماً من نفس تخصص المعلم الغائب، ويمكن له إعطاء طلابه أنشطة صفية أو مواصلة المنهج إذا كان معلماً لذلك الفصل ومثل هذه الأعمال تخدم المنهج الدراسي سواء بأخذ دروس جديدة أو بالتغذية الراجعة لهم.
ويمكن لمعلم حصة الاحتياط أن يُنجز بعض أعماله المدرسية كتصويب الكراسات أو تصحيح الأنشطة وأوراق الاختبارات وغيرها من الأعمال الكثيرة الموكلة إليه، ويطلب من الطلاب التزام الهدوء وإنجاز أعمالهم من كتابة الواجبات أو مراجعة دروسهم، أو الحديث المؤدب فيما بينهم.
كما يُمكن له أن يصحب معه مجموعة من الكتيبات أو القصص ويوزعها على الطلاب ويناقشهم قبل انتهاء الحصة فيما قرأؤوه، أو إقامة المسابقات الثقافية فيما بينهم، أو التَّعرف إلى مواهبهم وطموحاتهم أو سرد القصص المُفيدة عليهم.
وكم هو جميل ورائع أن يستغل المعلم هذه الحصص في مناقشة وطرح قضايا مهمة تعني الطلاب، وتوعيتهم وتبصيرهم بالجوانب الأخلاقية وأمور دينهم، ونصحهم وتوجيههم نحو الخير والفضيلة خاصة في ظل الضحالة المعرفية والأخلاقيات السيئة المُنتشرة كثيرًا بين طلابنا، وفي نظري أنَّ الاهتمام بالطلاب في جوانبهم الأخلاقية، والأخذ بأيديهم نحو جادة الصواب، وتبصيرهم بشؤون دينهم أهم بكثير من استغلال حصص الاحتياط في سير المنهج الدراسي.
وكم جميل أن تسعى إدارة المدرسة لجعل حصص الاحتياط ذات قيمة وفائدة لأبنائنا الطلاب بمقترحات عدة أهمها إضافة المُختصين في مختلف العلوم بين الفترة والأخرى؛ ليستفيد منهم أبناؤهم الطلاب في أوقات حصص الاحتياط، أو تشكيل مجموعة من المُعلمين المُبادرين من ذوي الكثافة الحصصية المتدنية للاهتمام بالقضايا الطلابية المختلفة وذلك من خلال استغلال حصص الاحتياط في هذا الشأن، أو توفير قاعة مُتعددة الأغراض تحتوي الكتب الهادفة والأفلام العلمية وغيرها مما يُفيد الطلاب بحيث تكون هذه القاعة مخصصة لطلاب حصص الاحتياط، إضافة إلى استغلال مصادر التعلم في هذا الشأن.
وما المانع أن يقوم طلاب حصة الاحتياط ببعض الأعمال داخل مدرستهم كسقي المزروعات، أو إصلاح الكراسي والطاولات التالفة التي يمكن إصلاحها، والقيام ببعض أعمال النظافة؟! ومثل هذه الأعمال لا تنقص من الطلاب شيئًا، بل تغرس فيهم قيما كثيرة.
إننا نأمل أن تستبدل النظرة إلى حصص الاحتياط من عبء ثقيل إلى وقت ثمين؛ فالحلول كثيرة والمقترحات عديدة في شأن استغلالها وتثميرها بما ينفع الطلاب في مستوياتهم الدراسية والسلوكية، ولعل حصص الاحتياط فرصة أخرى سانحة لغرس القيم الحميدة والسلوكات النبيلة في نفوس أبنائنا الطلاب، وجميع ما تمَّ ذكره من مُقترحات لاستغلال هذه الحصص لا يلزم بها المعلم، ولكن لابد من تغطية هذه الحصص من قبل المعلمين، فكما ذكرت في المقال السابق بأنّ حصص الاحتياط إذا لم تنل الاهتمام والمتابعة؛ فإنَّ طلابها قد يتسببون في إخلال النظام بالمدرسة، وإحداث سلوكات غير محمودة فيما بينهم... والله المستعان.
issa808@moe.om