فجائية الإجازة ودوام الفجائية!

سيف بن سالم المعمري

أحدث موعِد إجازة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة وحلول العام الهجري 1438 حالة من الإرباك في أوساط المجتمع العُماني، بل تعدى ذلك إلى إرباك المؤسسات الحكومية والخاصة في تنظيم برامجها وفعالياتها ومواعيدها، الأمر الذي دفع ببعض المؤسسات -وفي حالة غير مسبوقة- باتخاذ قرار خاص بها في تحديد إجازة الهجرة النبوية الشريفة لموظفيها وللمستفيدين من خدماتها في يوم الأحد الماضي دون انتظار مساء يوم السبت الموافق التَّاسع والعشرين من شهر ذي الحجة لعام 1437هجرية، وعدم انتظار بيان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والذي أتى على غير المتوقع ليتفاجأ الجميع بعدم ثبوت رؤية هلال محرم لعام1438 هجرية، وليكون يوم الأحد الذي يوافق الثاني من أكتوبر هو المُتمم لشهر ذي الحجة 1437 هجرية، وليصبح قرار الإجازة للمناسبة يوم الإثنين غرة شهر محرم 1438 هجرية الموافق الثالث من أكتوبر لعام 2016م حسب ما جاء في قراري وزير ديوان البلاط السلطاني ووزير القوى العاملة والذي حدد موعد إجازة ذكرى الهجرة النبوية للقطاعين العام والخاص في غرة شهر محرم -على غير المألوف في تحديد الإجازات الرسمية- والذي كان يُحدد بيوم معلوم من أيام الأسبوع وتقييده بالتاريخ الميلادي في المناسبات الدينية والوطنية على حدٍ سواء.

وكما هو معلوم فإنَّ يوم الإجازة يُشكل مناخاً منتظراً للأسر والأفراد حيث يضع له الكثيرون برنامجاً للتجمع الأسري والزيارات والرحلات الترفيهية داخل السلطنة وخارجها بالإضافة إلى كون الإجازة تشكل فرصة ملائمة للاستجمام والراحة والبُعد عن روتين العمل والدراسة، والتهيؤ للعودة إليها بمعنويات عالية وطاقة مُتجددة، لذا فمن الأهمية البالغة أن يتم تحديد منهجية دقيقة في مواعيد الإجازات الرسمية الدينية والوطنية لتلك الأسباب، بالإضافة إلى أنّ الطبيعة الجغرافية للسلطنة وبُعد مواقع العمل للكثير من الموظفين في الدولة حيث تتركز معظمها في العاصمة مسقط وكذلك في مراكز الولايات والتي تبعد مئات الكيلومترات عن أماكن سكن الموظفين في القرى وأيضاً البعد بين ولاية وأخرى.

وليس من المبالغة في شيء أن جميع أبناء المجتمع كانوا متهيئين للاستمتاع بإجازة السنة الهجرية 1438 التي كانت معظم المؤشرات تشير إلى أنّها ستوافق يوم الأحد الثاني من أكتوبر؛ وذلك لثقة المجتمع العُماني بالحسابات الفلكية في تحديد بداية الأشهر الهجرية والذي تترجمه دقة التقويم الهجري العُماني، حيث كانت روزنامة التقويم لعام 1437 هجرية تدلل بأنّ التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة سيكون آخر أيام العام، وأن يوم الأحد الثاني من أكتوبر سيوافق غرة شهر مُحرم لعام 1438هجرية.

وقد جاء بيان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مساء يوم السبت بعدم ثبوت رؤية هلال شهر محرم لعام 1438 هجرية ليحدث حالة إرباك غير مسبوقة في المجتمع، فبعد أن كان الجميع يمضي لقاء يومه وليلته وفق برنامجه الذي أعده لاستثمار الإجازة أحدث ثبوت يوم الإجازة بيوم غرة محرم التي ستكون يوم الإثنين حالة هستيرية لطلب الاستئذان من مسؤوليه في الدوام ليوم الأحد، فيما بدأ الآخر بتجميع الأغراض استعدادًا لقطع مئات الكيلومترات للوصول لمقر العمل مما تسبب في الازدحام المروري والوصول المتأخر إلى الولاية التي قصدها، بعد أن كان هناك تباين في أوقات خروج الموظفين من ولاياتهم إلى الولايات التي توجد فيها مقار أعمالهم.

وليصبح دوام يوم الأحد الموافق الثلاثين من شهر ذي الحجة من أصعب أيام العام ولعله أقلها إنتاجية وهدرا للوقت والمال، فالكثير من الموظفين اقتطع ذلك اليوم من رصيد إجازاته، والبعض أتى إلى الدوام بدون دافعية ونشاط، بينما شكل الغياب الجماعي في الجامعات والكليات وكذلك المدارس سمة بارزة في ذلك اليوم، بينما بعض الموظفين قرر العودة إلى ولايته بنهاية دوام يوم الأحد ليستمتع بقضاء إجازة بداية السنة الهجرية وليشد الرحال مساء يوم الإثنين إلى مقر عمله في الولاية الأخرى، فهل قامت الجهات المعنية باحتساب تلك السيناريوهات وما يمكن أن تحدثه من آثار على الفرد والمجتمع والمؤسسات؟ وكيف يمكن أن يكون أثر الإجازة على الجميع لو تمّ تحديدها في بداية الأسبوع أو في نهايته؟ أليس من الأهمية أن يكون يوم الإجازة مجالاً ليستثمر في التخطيط والتنظيم واستغلاله بما يعود بالنفع والفائدة على الفرد والمجتمع والدولة.

لقد كان بوسع الجهات المعنية أن تحسن التخطيط الدقيق لمواعيد الإجازات الرسمية، وأن يمهد إعلان موعد الإجازة لمناسبة معينة في إعطاء المساحة الزمنية الكافية للفرد ولمؤسسات الدولة الأخرى في استثمار الإجازة في تنظيم الفعاليات والبرامج الهادفة بما يعود على الجميع بالمنفعة وعلى الدولة بمزيد من النجاحات.

فلماذا لا يتم وضع منهجية واضحة لتحديد الإجازات الرسمية للقطاعين العام والخاص؟ لماذا لا يتم تقييد الإجازات الرسمية بيومي الأحد أو الخميس في المناسبات الدينية والوطنية التي تتوافق تواريخها في منتصف الأسبوع أو في يومي الإجازة الأسبوعية الجمعة والسبت؟ وهل رصدت الجهات المعنية ما آلت إليه إجازة بداية السنة الهجرية لهذا العام من حالة الإرباك في مختلف مؤسسات الدولة؟ وما هي المنفعة التي عادت على الوطن من فجائية يوم الإجازة والدوام الفجائي للموظفين والطلاب يوم الأحد الماضي.

بوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

[email protected]