إعادة النظر في تحديد الإجازات



خالد بن علي الخوالدي
عاش الشَّارع العُماني مساء يوم السبت صدمة كبيرة وربكة غير متوقعة بعد أن ظنَّ الأغلبية أنّ يوم الأحد سيكون إجازة بمُناسبة رأس السنة الهجرية وهجرة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الصدمة لها ما يُبررها ويجعل إعادة النَّظر في موضوع تحديد الإجازات أمراً في غاية الأهمية وله تأثير كبير على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياحية.
فمن الناحية الاجتماعية كان كثير من الأسر يوم السبت في زيارات عائلية لأرحامهم وأصدقائهم في مُحافظات أخرى وولايات بعيدة عن مناطق سكناهم ظناً منهم أنّ الأحد سيكون إجازة ولن يضطروا للرجوع إلى منازلهم والاستعداد للدوام، كما حدث بعد الخبر الصادم مما جعلهم في ربكة وحيرة من أمرهم فالبعض منهم عليه أن يقطع مئات الكيلومترات للذهاب إلى مناطق عملهم، الأمر الذي يخلق زحمة كبيرة على الشوارع لأن الجميع سيخرج في نفس الوقت، كما أن نسبة التعرض لحوادث مرورية تزيد في هذه الأوقات نتيجة الإرهاق من ناحية والاستعجال في الوصول إلى مناطق العمل للنوم والاستعداد للدوام مع ما يُرافق ذلك من مشاكل في النفسيات الإنسانية التي قد تصل إلى عدم الرغبة في الدوام أصلاً مما يخلق ضعفاً في الإنتاجية وتقديم الخدمات للمراجعين، ومن الناحية الاقتصادية فإنّ الشخص الذي سيذهب للعمل لمناطق بعيدة والعودة إلى المنزل لقضاء إجازة يوم الإثنين مع أسرته ثم العودة إلى العمل مرة أخرى ليوم الثلاثاء سيترتب عليه مستحقات مالية للوقود وللمصاريف الأخرى التي ترافق الذهاب والعودة كما أن الدولة ستفقد عددا كبيرا من الموظفين الذين سيقدمون إجازات وأعذار للعمل في يوم الأحد مما سيؤثر على سير العمل والإنتاجية، أما من الناحية السياحية فإنّ كثيراً من الأسر كانت تعقد الأمل في استغلال تواصل الإجازة مع إجازة نهاية الأسبوع للخروج في جولات سياحية داخل السلطنة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والمتاحف التاريخية وغيرها من المزارات السياحية التي ستقطب السياحة الداخلية مع تنشيط للفنادق والشقق الفندقية والاستراحات ناهيك عن أنّ البعض قد حجز فنادق في يوم الأحد على اعتبار أنها إجازة مما جعلهم يخسرون حجز هذا اليوم إلى جانب تأثيرات أخرى نتيجة عدم تحديد الإجازة بيوم مُحدد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإجازة نهاية الأسبوع .

وارتباط الإجازات الدينية والوطنية بإجازة نهاية الأسبوع أصبح أمراً ضروري يجب إعادة النظر إليه لأنه من غير المنطق أن يقطع الموظفون مسافات طويلة تصل لأكثر من 350 كيلومترا ذهاباً إلى العمل ليوم واحد ثم العودة مرة أخرى إلى ولاياتهم والعودة إلى العمل في ظرف يومين ففي هذا هدر كبير للطاقات بمختلف مستوياتها كما أنه يعرض الكثير من شباب هذا الوطن إلى الحوادث المرورية التي تسعى الدولة إلى التقليل منها، كما يحرم فئات من الموظفين من الاستمتاع بالتجمع العائلي والأسري نتيجة عدم مقدرة البعض على الذهاب والعودة إلى أهلهم وذويهم خلال يومين.

وقرار الإجازة في نفس اليوم قرار نافذ على أغلب المؤسسات الحكومية للتنفيذ، الأمر الذي لا يخلق مرونة في أن تقوم هذه المؤسسات بتنسيق الإجازة مع موظفيها حسب متطلبات مصلحة العمل بينما فتح المشرع المجال لمؤسسات القطاع الخاص في تغييره حسب حاجة العمل مما جعل هناك مرونة عند هذه المؤسسات في التنسيق مع موظفيهم، حيث وجدنا أنّ بعض مؤسسات التعليم العالي في السلطنة وتخفيفاً على طلابها قد قررت أن يكون يوم الأحد والإثنين إجازة لهم من باب التسهيل والاستجابة للتحديات التي يُعاني منها الطلبة بصورة عامة والطالبات بصورة خاصة وهذا التصرف سليم إلى درجة كبيرة جدًا.
إنّ الأمر يتطلب من الجهات المختصة التعجيل في إعادة النظر في تحديد هذه الإجازات بما يتوافق ويتناسب مع رغبات وتطلعات المواطن والمقيم في السلطنة، وشخصياً عندي يقين بأن هذه الجهات لن تألوا جهدا في تحقيق هذه التطلعات بما يخدم المصلحة العامة، ودمتم ودامت عمان بخير.


Khalid1330@hotmail.com