الحياة.. شراكة

 

 

فايزة الكلبانيَّة

لا يمكن لأحد مِنَّا أن يُنكر اليوم ما لـ"الشراكة" من أهمية في تحقيق النجاح. ولطالما سمعتُ هذا المصطلح يتردَّد على لسان أستاذي حاتم الطائي، في اجتماعاتنا اليومية، وفي لقاءاتنا العملية مع العملاء، وفي تحفيز الشباب الزائرين لمقر المؤسسة، أو من نلتقي بهم في طرقات الحياة. كما كثُر تداولها في اجتماعات المسؤولين والمؤتمرات والندوات؛ فعلى صعيد حياتنا الاجتماعية نجد أنَّنا نعيش كعائلة نتشارك ظروف الحياة، ونأخذ بأيدي بعضنا البعض (الأب، الأم، الأولاد..وكل من يعيش بينهم)؛ لنضمنَ الاستمرارية والنجاح لأفراد العائلة. وعلى صعيد الحياة الزوجية، نجد الزوج حريصًا على ترسيخ مبدأ الشراكة مع من اختارها رفيقة لعمره، ومؤتمنة على بيته، بكل ما تحملة لفظة "شراكة" من معنى، وهكذا على كافة الصُّعد والمجالات الأخرى بالحياة؛ فالصداقة والأخوة والزواج والحب والعمل والاستثمار والنجاح، وكل خطط الحياة التي تهدف للاستمرارية، لابد أن نجد بها نوعا ما من "الشراكة"؛ لأنَّ الأكيد -ومثلما يُقال- أن "اليد الواحدة لا تصفق"، وبالطبع مهما عشقنا العزلة والابتعاد في أحد جوانب الحياة، فلابد أن نعود لنصنع شراكات جانبية في جوانب أخرى لنواصل المسير.

وفي حقيقة الأمر، تتنوَّع الشراكات سواء بين الأفراد أو المؤسسات، قد تكون شراكة تربوية أو اجتماعية أو اقتصادية أو فنية أو تجارية أو غير ذلك من مُتطلبات الحياة. أما إذا نظرنا إلى جانب الأعمال، فسنجد الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع مُتطلبًا أساسيًّا لصناعة النجاح، والتغلُّب على التحديات؛ فالجميع يسعى لإيجاد شراكات متينة بين القطاع الخاص والحكومي، في ظل ما تمرُّ به الدول من شح في السيولة وتوقف في الاستثمارات والمشاريع والأعمال.

وعبر جريدة "الرُّؤية"، وبمختلف أعمالنا ومبادراتنا، نسعى جاهدين للبحث عن شراكات حقيقية في مُختلف أعمالنا المنبثقة من رؤية المدير العام ورئيس التحرير حاتم الطائي؛ لتعزيز المسؤولية الاجتماعية، ونسعى لإيجاد شراكات مع جميع الفئات؛ سواء القطاع الخاص أو الحكومي أو الأفراد أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. قد تتباين شراكتنا بين الرعايات أو المشاركة في الفعاليات والورش، أو التمويل والدعم المادي، مقابل أن تأخذ الجهة حقها من الترويج والتسويق والاشتراك في العمل.

فمن خلال مبادرتنا السنوية المتمثلة في "جائزة الرؤية لمبادرة الشباب"، والتي تحظى بشراكة حصرية مع إحدى مؤسسات القطاع الخاص الرائدة "أوكسيدنتال عُمان"، والتي نعمل على إيصالها لشرائح المجتمع المختلفة، بالتعاون مع فريق من رواد التواصل الاجتماعي وشباب المجتمع ومسؤوليه، اجتهدنا في الأعوام الماضية من عُمر الجائزة لأن نكتشف نماذج مشرفة جدًّا استطاعتْ أن تُشارك في مُسابقات عالمية؛ كان آخرها قبل شهرين في ماليزيا، وحصدت المراكز الأولى، والعام الماضي أيضا كذلك. فالفكرة التي نُريد قولها هي أنَّه متى ما توفَّر شيء من التحفيز، ومتى ما توفَّرت هذه البيئة لشبابنا الذين نبني بهم المستقبل؛ لأنهم هم مستقبل عُمان التي تعدُّ بلدًا فتيًّا (من 60 إلى 70% من فئة الشباب)، وبالتالي وجبت العناية بهم ووجب تعزيز مفهوم الشراكة، ولا ننسى دور اللجنة الوطنية للشباب ومجلس البحث العلمي وجامعة السلطان قابوس وجمعية الصحفيين، ونحن جميعا كفريق عمل "جائزة الرؤية لمبادرات الشباب" نتعامل مع مختلف القطاعات والمؤسسات والجهات.

... إنَّ مفهوم الشراكة الذي نتحدث عنه هو مفهوم أساسي نحو تقوية النهضة العمانية وتقوية الشباب العماني؛ بحيث يستطيع أن يجد مجالا يُمكِّنه من أن يكتسب مهارات جديدة؛ فعندما يجد فرصه لحضور ورشة وتعلم مهارة جديدة، عليه أن يُسارع لأنه من المؤكد أنَّ هؤلاء الشباب الذين يبدُون صغارًا الان، سيكونون قائدة في المستقبل، والجائزة في هذا العالم مختلفة؛ وذلك أننا في كل عام نحاول جاهدين أن نجدِّد سواء كان في المجالات أو المعايير أو الورش والتي تُقدِّمها ليس فقط الجائزة كجائزة، وإنما الجولات التعريفية والورش التدريبية المصاحبة.

حيث يُرافقنا في هذا العام مجموعة من المختصين العُمانيين في جولاتنا؛ لربط مسألة الابتكار بالاقتصاد، قد نعتقد أنَّنا قطعنا شوطًا في مجال الابتكار، ولكن هناك حاجة ماسَّة إلى أن نقوم بتطوير هذه الابتكارات لما بعد الجائزة، وكيفية كونها مشاريع قائمة للشباب يُمكنه من خلالها أن يصنع من خلالها مصدر دخل لنفسه، وهناك بدايات مُبشِّرة ومجموعة من الشركات التي بَدَتْ صغيرة جدًّا، والآن أصبحت لها مكانة جيدة، ويجب أن نُقدِّم لها الدعم الممكن كإعلام وأشخاص مسؤولين في المجتمع. ومتى ما استطعنا أنْ ندفعَ بهم إلى الأمام من مُنطلق "الشراكة المجتمعية".

واليوم.. نجد تسعى الجهات المختصة تسعى لإيجاد شراكة حقيقية مع "قطاع ريادة الأعمال"، وإسناد جزء من أعمالها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبالرغم من التحديات التي يُواجهها القطاع فيما يخص موضوع "المناقصات" المتمثلة في 10% فقط من أعمال الشركات الكبيرة، إلا أنَّنا نجد نوعًا من التغيير والعمل على حلِّ كل ما يُعيق ذلك، لاسيما بعد الأوامر المنبثقة من ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسيح الشامخات، وما لحقها من مُتابعات لتنفيذ هذه الأوامر.. والقادم أجمل لرواد الأعمال العُمانيين والقطاع.

---------------------------------

همسة لصُنَّاع الـ"شراكة":

- الحياة.. شراكة، والشراكات الحقيقية قادرة على قهر التحديات وصناعة النجاح.

- القطاع الحكومي والخاص بحاجة للمزيد من الشراكات الحقيقية الجادة.

- إخواني أبناء هذا الوطن الغالي، كلنا شركاء للارتقاء بعُمان...!

faiza@alroya.info

الأكثر قراءة