التحرش.. تغليظ العقوبة رادعًا

 

 

مدرين المكتومية

يقشعر البدن وتنتاب الإنسان حالة من الغثيان الممزوجة بهول الصدمة عندما يقرأ خبرًا عن تعرض أحدهم للتحرش أو الاغتصاب؛ كم هو شعور محزن حين تطالعنا شبكات التواصل الاجتماعي والصحف وبعض القنوات الإذاعية والتلفازية بأخبار على هذه الشاكلة، في تلك اللحظة يتمنى المرء لو كان مسؤولا؛ ليصدر أحكاما رادعة في مواجهة الجناة، الذين يحاولون أن يقتلوا البراءة، ويهدموا الثقة التي اكتسبناها عن آبائنا وأجدادنا؛ مثلها مثل الأمن والاستقرار الذي عُرفت به عمان على مر العصور.

فالتحرّش الجنسي من المواضيع التي لا ينبغي السكوت عنها طويلا، وإنما ينبغي طرحها كمشكلة والعمل على وضع العلاجات اللازمة والمناسبة لها سواء كان عن طريق بث الوعي في المجتمع حول هذه الظاهرة أو بواسطة التشريع القانوني من أجل كبح جماح هذه الآفة التي باتت تنخر في جسد المجتمع، بما تخلفه من آثار نفسية واجتماعية يدفع ثمنها المتضرر مستقبلا، خاصة وأن هناك فئات معرضة لمثل هذه التحرشات في العمل والمدرسة وفي الشارع والأماكن المزدحمة، وهذه الفئات تجد صعوبة في التعبير عنها أو ربما تخاف من الإفصاح عن مواقفها كي لا تجد ردود فعل غير متوقعة من راعيها.

يعرف "التحرش الجنسي" على أنّه مضايقة، أو فعل غير مرحب به من النوع الجنسي، ويتضمّن مجموعة من المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحيّة، وصولا إلى النشاطات الجنسيّة، ويعتبر التحرش الجنسي فعلا مشيناً بكل المقاييس. وهو عمل غير أخلاقي يدل على وجود مرض نفسي ويعتبر شكلا من أشكال التفرقة العنصريّة غير الشرعيّة، وهو شكل من أشكال الإيذاء الجسدي (الجنسي والنفسي) والاستئساد على الغير.

ومن هنا فإننا نستند على المقولة التي تقول: "لا حياء في الدين"، فعندما تكون هناك قضايا ومشاكل واقعة علينا الإسراع في مناقشتها والعمل على بحث الحلول لها للتقليل منها إن لم نسهم في اقتلاعها من جذورها، والبحث عن العلاجات اللازمة من خلال تكاتف الجهود بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنيّة، خاصة وأننا أصبحنا نعيش في ظل العولمة التي تحكم علينا التصرف بشكل سريع قبل أن تصل الأمور لأسوأ من ذلك.

ولقد صدر قرار منذ ما يقارب السنتين وأكثر من شرطة عمان السلطانية "إدارة التأشيرات" عدم السماح لأي أجنبي راتبه أقل من 600 ريال إحضار عائلته، وهو أمر له تبعاته وتأثيراته خاصه وأنّه سيزيد من نسبة الجريمة في السلطنة إلى جانب أنّه سيزيد من حجم التحرّشات التي قد يتعرض لها الطفل بالدرجة الأولى أو حتى الفتيات، ولسنا بعيدين عن جرائم قتل راح ضحيتها أطفال أبرياء كان سببها الأول يعود للتحرش ومن ثمّ الاغتصاب إلى أن تصل المسألة للموت، وهنا لا نعمم على العاملين جميعا؛ ولكن علينا أن نضع بعض الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها وعلينا أن نتجنب ما يمكن تجنبه كي لا نؤذي من لا حول لهم ولا قوة عملا بفقه "سد الذرائع".

في مثل هذه الحالات نحتاج لتغليظ العقوبات القانونية على المذنبين الذين يقومون بأفعال مشينة كالتحرش، خاصة مع وجود فئات ضعيفة في المجتمع مثل الأطفال وأحيانا مثل النساء والعاملات في المنازل، لأنهم قد يقعون عرضة للخوف أو قلة الوعي حول الأضرار والسلبيات المُترتبة على التحرش الجنسي، والذي تتفق عليه العديد من القوانين في العالم وفي الكثير من الثقافات، والعمل على الحد منه بشكل عام عن طريق نشر مبادئ الثقافة الجنسية بطريقة تتماشى مع ديننا الإسلامي الحنيف، واهتمام أولياء الأمور بأبنائهم من خلال التقرّب منهم والتعرّف على مشاكلهم وما يعترض طريقهم في كل يوم من الصباح للمساء حتى يشعرون بنوع من الرقابة التي تكف عنهم الأذى، وتشعرهم بالثقة التي تقودهم للتحلي بـ"الصراحة" التي من شأنها أن تنقذ كثيرين من براثن الكارثة.

 

madreen@alroya.info