الرياضة العمانية واللوبي

 

أحمد السلماني

الحدث الأولمبي الكبير يلفظ أنفاسه الأخيرة وكالعادة تتصدر مشهد القائمة الملونة من الميداليات الدول التي كانت ولا زال لها قصب السبق في كل بطولة أولمبية، من خلال تحقيق أكبر عدد من الميداليات، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين وألمانيا وروسيا وبعدها تأتي بقية دول العالم ولكن السِّباق المحموم دائماً ما يكون بين الدول العظمى أولمبياً، وعلينا نحن العرب أن ننظر إلى كل ذلك بحسرةٍ وألم بعد التراجع الكبير في عدد الميداليات الملونة التي حصدناها كعرب، وعندما أتحدَّث عن العرب فدول مثل الصومال وموريتانيا واليمن وجزر القمر وفلسطين والسلطنة ليست ضمن القائمة العربية الملونة فهي لم تحقق أيّ شيء ولا أرى لها أفقًا قريبًا لتحقيق أي شيء.

ولست هنا في خضم استعراض النتائج والأرقام فهذه متاحة للكل ويسهل الوصول إليها ولكن اللافت في الأمر أنّ تكون بلادي ضمن زمرة البلاد العربية التي لم تحقق شيئاً!!، وكلنا يجد العذر وكل العذر للصومال واليمن وفلسطين والتي تعاني من أزمات سياسية وحروب ولكن ماذا عن بلد الأمن والأمان والحمد لله؟، ماذا عن دعم الدولة والبنية التحتية الرياضية التي تنتشر في كل مكان؟، ماذا عن الهيكل التنظيمي الرياضي من وزارة ولجنة أولمبية واتحادات وأندية والتي تأسس نظامها قبل أكثر من 30 عامًا إذا ما استثنينا الوزارة الموقرة فإنّ باقي مؤسسات الرياضة لدينا تعتمد الانتخاب لا التعيين في الطواقم البشرية التي تُدير دورة عملها؟ أين تكمن المشكلة إذًا؟ وما هو الحل؟

أقلام كثيرة كتبت وفنَّدت وبألم كبير المشكلة والحلول وشخصيًا هذا هو المقال الثالث لي في ذات الموضوع في أقل من شهر، لا لشيء سوى غيرة على الوطن فكثير من الرياضيين بالسلطنة بل والمتابعين والمحبين للرياضة والمسابقات الأولمبية يعتصر قلوبهم الألم وهم يشاهدون لاعبي الدول الأخرى يتوشحون أعلام بلدانهم قبل الولوج للمضمار أو الحلبة وبعد التتويج يعزف النشيد الوطني لبلدانهم، كل هذا الألم والحسرة والمطالبات ومع ذلك لا يتغير شيء ولا نرى أفقاً لإحداث أيّ اختراق يمكن لرياضتنا من النفاذ إقليمياً وعالميًا، فاللوبي الرياضي المقيت لا يرغب في مغادرة مكانه.

إنَّ مكمن الخلل إنما هو في الكوادر التي تُدير منظومة الرياضة العمانية خاصة تلك الموجودة باللجنة الأولمبية والتي مصدرها الاتحادات الرياضية وهذه هي بيت الداء، أما الأندية فهذه هي المتهم الأول في الجريمة بحق الرياضة العُمانية.

تبدأ القصة في اختيار مجالس إدارات الأندية ومن ثمّ تتشكل الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية وهي من الأندية نفسها وهذه هي من تنتخب أعضاء مجالس الاتحادات ومن الاتحادات تتشكل اللجنة الأولمبية باستثناء عضو واحد وهو من أصحاب الإنجازات الرياضية، ولأننا في موسم الانتخابات لكل هذه المؤسسات فمناشدتي في مسارين:

الأول أن ينسحب من المشهد الرياضي العماني وللأربع سنوات القادمة كل من كان عضوا في مجلس اتحاد ما بعد أن أثبتت هذه الاتحادات فشلها، ويجب أن ينتبه الجميع لأمر هام وهو أن ما يحدث إنما هو "تبادل للكراسي" فمن اتحاد اليد سيذهب أحدهم إلى اتحاد الطائرة وهذا الأخير سيتوجه للقدم ومن السلة سيتجه أحدهم إلى الهوكي رغم أنّه لم يمارس هذه اللعبة في حياته أبداً، فكل من ساهم في جريمة تراجع رياضتنا عليه أن يتحلى بالشجاعة وينسحب بنفسه وأتحدى أيّ من الاتحادات الرياضية أن ينبري ويقول" إنجازاتي كذا وكذا" وبالتالي صار جلياً أن يفسح المجال للكوادر الرياضية المهمشة والتي تريد أن تحقق شيئاً ما لا أن يكون أقصى ما تطمح إليه المنصب والسفر هنا وهناك، أحدهم وقبل أيام غرد يقول" نزولاً عند رغبة كثير من الأندية فإنني أعلن ترشحي لرئاسة اتحاد.... لدورة ثانية" قبل كل ذلك ماذا حققت من إنجاز وما مدى انتشار اللعبة بالسلطنة بعد تراجع قاعدتها؟ سيدي، هلا تملكتك الشجاعة مثل غيرك وانسحبت من المشهد، ولأنه موسم الانتخابات فإليكم العبارة الأكثر تداولا" خدمة للرياضة العمانية وللرياضيين، أعلن ترشحي لعضوية اتحاد...." وهكذا تستمر القصة سنة بعد سنة وليتنا نراوح مكاننا، الحقيقة المرة إننا نتراجع والعالم من حولنا يسابق الريح، فهل أنتم منتهون؟ .

المسار الثاني هو أن تتحمل الجمعيات العمومية مسؤولياتها من حيث ترشيح الكوادر المؤهلة وخاصة صاحبة الخبرة الميدانية الكبيرة كلاعب أو إداري ومن ثم انتقاء وترشيح أفضلهم في الاتحادات الرياضية أما اللجنة الأولمبية فكلي أمل كبير أن تحظى بكوادر تعي معنى "رياضة وأولمبياد" و"بطولات ومنصات تتويج".

مجلس الوزراء الموقر، مجلسي الدولة والشورى، معالي الشيخ وزير الشؤون الرياضية الموقر، رياضتنا تستنجد وتستغيث فهي بحاجة إلى بعث جديد لتعكس من خلاله الطفرة التنموية الهائلة بالبلاد ومن حقي كمواطن أولاً وكرياضي ثانيًا أن أرى واستمع لعلم ونشيد السلطنة الغالية في المحافل الرياضية الدولية.