العالم يدير ظهره لآلام المسجد الأقصى

 

 

لم تكن الاقتحامات البربرية التي نفذها مستوطنون يهود أمس داخل ساحات المسجد الأقصى الأولى، ولن تكون الأخيرة للأسف، فلا يزال الاحتلال الإسرائيلي يشرعن جميع الانتهاكات؛ بدءًا بعمليات القتل والاعتقال بحق الشعب الفلسطيني، ومرورًا بالقرارات المتتالية لبناء المزيد من المستوطنات، وانتهاءً بعمليات التدنيس المتعمد لباحات أولى القبلتين وثالث الحرمين.

تتوالى الاقتحامات تحت مرأى ومسمع العالم أجمع، وبحماية سلاح الاحتلال الذي يوجّه فوهاته صوب صدور المقدسيين؛ دون أن تتحرك أي منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان، أو يصدر تعبير عن القلق لمسؤول هنا أو هناك، ولا حتى صدور أحد بيانات الشجب أو الإدانة الجاهزة في أدراج صناع السياسة الإقليمية والدولية؛ فقط المقدسيون وحدهم من يتكبدون الثمن، يفقدون حريتهم في غيابات سجون الاحتلال دفاعًا عن الأقصى الأسير، والبعض يغيب إلى الأبد برصاصة لا يساوي سعرها سنتات معدودة..

إنّ العنجهيّة الإسرائيلية تتواصل في فلسطين رغبة من المحتل الغاشم في إذلال ذلك الشعب الصامد، والمرابط في أرضه؛ فتارةً يرفض مبادرات السلام المتعددة، وأخرى يؤجج العنف في الأراضي المحتلة، فيما يقبع الفلسطينيون بين شقي الرحى.

نأمل أن تجد الدعوة التي أطلقتها وزارة الخارجيّة الفلسطينية لعقد اجتماع طارئ في الجامعة العربيّة ومنظمة التعاون الإسلامي؛ الصدى المأمول، وأن يلتف المسؤولون العرب والمسلمون حول مطلب واحد؛ وهو سرعة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والعمل بكل الطاقات لإعادة بناء الدولة الفلسطينية وإنعاش الاقتصاد المريض، ورفع مستوى معيشة الفلسطينيين، ومنحهم حقوقهم الكاملة في حرية التنقل والعمل والحياة.

والمتأمل للمشهد الفلسطيني يدرك جيدا أنّ لا حلا جذريا لقضية العرب الأولى سوى عبر الضغط الأمريكي والأوروبي على المحتل الإسرائيلي، الذي لا يعرف إلا لغة المصالح. وربما ما طرحته باريس من مبادرة سلام تعكس التوجه الأوروبي نحو إنهاء هذا الصراع الممتد الذي أهدر الكثير من الطاقات وشرّد أجيالا بأكملها، بينما تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي تترقب ساكن البيت الأبيض الجديد.

لكن من المؤكد أنّه لا مناص من توحّد الجهود العربية والإسلامية والدولية المخلصة التي تريد إنجاز اتفاق للسلام ينشر بساط الطمأنينة في ربوع فلسطين، ويظلل عليها بالحرية والحق في حياة كريمة آمنة.

تعليق عبر الفيس بوك