جمال بن عبد الله الهنائي
تتميز سلطنة عمان بموقع جغرافي استراتيجي وطبيعة متنوعة ومميزة وخلابة. فمن جهة يمتد الشريط الساحلي بطول 1700 كلم، ومن جهة تتميز بسلسلة جبال طويلة ومن جهة أخرى الوديان والسهول. كل هذا يجعلها وجهة سياحية مطلوبة لمحبي المغامرات والمتعة بدءا من ارتياد البحر وركوب الأمواج وانتهاء بتسلق الجبال والاستمتاع بالطبيعة الخلابة. أضف إلى ذلك تاريخ عمان العريق وتراث أجدادنا الغني الذين خلفوا لنا القلاع والحصون والمناطق والقرى التراثية، فلا تكاد ولاية من ولايات السلطنة تخلو من بناء تراثي سواء كان قلعة أو حصن. فتنوع طبيعة عمان وموقعها، وتراثها كل هذه مقومات وعوامل تجعلها وجهة سياحية من الدرجة الأولى سواء كانت سياحة داخلية أم خارجية.
نحن نعلم كعمانيين بعض الوجهات السياحيّة في عمان وليس جميعها، وهنا تبادر لذهني سؤال، أين الدور الإعلامي والترويجي للسياحة؟ نحن لا ننكر دور الحكومة وجهودها في الترويج للسياحة ولكن انصب كل اهتمامنا على خريف صلالة وتشييد فنادق 5 نجوم في بعض الوجهات السياحية التي يتطلب النزول فيها دفع مبالغ باهظة وغير متاحة للجميع. في حين توجد طرق بسيطة وغير مكلفة للترويج السياحي، فعلى سبيل المثال عند السفر على الطيران العماني نجد كتيبات فقط عن وجهات الطيران العماني وفي شريط الفيديو عند نزول وإقلاع الطائرة تروج لوجهاتها فقط، أين الترويج لعمان كبلد وكوجهة سياحيّة؟!! في حين نجد شركات الطيران الأخرى كل واحدة تروّج لبلادها بالإضافة إلى وجهاتها السياحيّة. ومن جهة أخرى يمكن استخدام المطار كمركز أساسي للترويج عن طريق وضع شاشات عرض مرئي في جميع أنحائه تعرض الوجهات السياحيّة العمانيّة المتنوعة مع توزيع منشورات صغيرة جدًا لكل مسافر ينزل المطار سواء كانت وجهته الأساسيّة سلطنة عمان أو غيرها (تحويل رحلات) شريطة أن يتم توزيعها عن طريق أفراد وليس بوضعها في رفوف مخصصة.
أمّا بالنسبة للمعالم الأثرية كالقلاع والحصون يتطلب توفير عدد أكبر من المرشدين السياحيين الذين يتقنون عدة لغات لجذب السياح وتعريفهم بهذه المعالم ودورها التاريخي في سلطنة عمان.
توجد أماكن سياحية جميلة وعليها إقبال كبير سواء من المواطنين أو الأجانب ولا نجد فيها أبسط المقومات والخدمات التي لا تتكلف مبالغ باهظة مثل المظلات والاستراحات ومكان مناسب لتجميع النفايات، وإن تواجدت دورات المياه فسيكون عددها قليل وحالتها يرثى لها وغير صالحة للاستخدام، للأسف هذا هو الواقع الذي نواجهه، وهذا الذي يدفع الناس للنزوح عن التوجه للأماكن السياحيّة في عمان واستبدالها بالسياحة الخارجية. فعند التوجه إلى صلالة برًا تواجه السياح عدة مشاكل منها عدم توافر الخدمات من محلات تجارية ودورات مياه ومحطات تعبئة الوقود لمسافة طويلة.
من المعروف أنّ للسياحة دخل للدولة لا يمكن الاستهانة به وتعتبر من الاستثمارات الرابحة عند توافر المقومات، فعلى سبيل المثال تشكل السياحة النسبة الأعلى لدخل بعض الدول - مثل ماليزيا وسنغافورة ومصر وتركيا وغيرها من الدول - وتحقق أرباح سنوية عالية تفوق أرباح الموارد الأخرى. أضف إلى ذلك؛ السياحة النشطة توفر فرص عمل للمواطنين عند استثمارها بالطريقة الصحيحة، ولكن في المقابل هذا يتطلب الاهتمام وتوفير الأساسيات وإن كان برسوم رمزية.
إنّ تنشيط السياحة يتطلب خطة شاملة ومدروسة تتضمن أدق التفاصيل وأبسطها بدءًا بتوفير الاحتياجات الأساسيّة كدورات المياه والاستراحات والمظلات ومطاعم وملاه للأطفال والكبار.
إنّ إنشاء مدينة ملاه في بعض المواقع السياحيّة التي تسمح بذلك يعتبر من الاستثمارات الجاذبة حيث تجمع بين المتعة والترفيه والترويج السياحي في نفس الوقت ولنا وقفة عند الملاهي ابتداء من توفير الألعاب وتنوعها وصلاحيتها وانتهاء بالرسوم المفروضة على كل لعبة، حيث نجد أنّ رسوم أغلب الألعاب 500 بيسة ومدة اللعبة لا تتجاوز الدقيقتان في حين نجد في الدول الأخرى تضع الرسوم ثابتة لدخول مدينة الملاهي واللعب لوقت طويل.
إن ما ذكرته في هذا المقال يعتبر مجرد رؤوس أقلام وأفكار بسيطة لاستغلال السياحة كإحدى الخطط لتنمية البلد وزيادة الدخل وتنشيط الاستثمار.