حقيبة ورق
حمود بن علي الطوقي
يبدو لي أنّ الجيل الجديد الذي فتح عينه ووجد كل شيء أمامه متاحاً ومُيسرا وممهدا، لا يدري حقيقة الحراك التنموي الذي واكب بدايات عصر النهضة، حيث يلحظ المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي وما ينشر فيها أن البعض من جيل النهضة يفتقد لأبسط معاني الصبر ولا يرى إلا ما هو سلبي ويتغنى به، ولم يكلف نفسه للوقوف على الإنجازات التي تحققت خلال فترة العقود الأربعة الماضية، والتي يمكن أن نقسمها إلى ثلاث مراحل، من حيث الإنجازات التي واكبت عصر النهضة.. يمكن وسم المرحلة الأولى بأنها مرحلة جمع الصف الوطني فقد كانت البلاد تقبع في مستنقع الخلافات والانقسامات القبلية
عندما تولى جلالة السلطان مقاليد الحكم، فعمد جلالته إلى ردم الهوة وتضييق الفجوة بين فئات الشعب وقد استمرت هذه المرحلة لقرابة عقد من الزمان، حتى تعافت عمان من آثار الحرب واستنزافها للموارد وبرزت كدولة ذات سيادة وتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي بفضل سياسات صاحب الجلالة الحكيمة، ودعوته للعمانيين في بلاد المهجر للعودة لبناء الوطن ونهضته، وكانت الاستجابة سريعة حيث حزم العمانيون حقائبهم ملبين النداء لكي يساهموا ويشاركوا في عملية البناء.
وبعد أن تمّ التغلب على الخلافات والانقسامات بدأت المرحلة الثانية والتي تمثلت في إعلان الخطط الخمسية التي وضعت حسب الأولويات، فجاء التعليم في مقدمتها لأنه الأساس لكل بناء وبدونه لا تقوم قائمة لأي مجتمع، فكان التعليم المجاني وأطلق جلالة السلطان قابوس المعظم عبارته الخالدة " سنعلم أبناءنا ولو تحت ظلال الأشجار"، ثم بناء المستشفيات وشق الطرق وكانت هذه المرحلة تشهد حركة بناء نشطة وتحولت خلالها عُمان إلى ورشة عمل وشارك الجميع في البناء، وهنا علينا أن نثبت لأهل الجميل حقهم فقد شارك الإخوة في دول مجلس التعاون الخليجي في دفع عملية البناء والتنمية في عمان جنباً إلى جنب مع الشباب العمانيين الذين نالوا الشهادات العلمية وساهموا في بناء وطنهم، كما كانت للشيوخ وأبناء القبائل مشاركاتهم المقدرة في البناء بعزيمة صادقة متحدين ضعف الإمكانيات وجميع معوقات العمل.
أما المرحلة الثالثة فحدث فيها تحول كبير في مسيرة السلطنة، خاصة مع إعلان خطة الحكومة لبناء عمان 2020، وقيام جامعة السلطان قابوس وانتهاج الحكومة سياسة جديدة في التعليم بحيث تمّ تقليص التعليم الجامعي والاكتفاء بالتعليم التقني من خلال تطبيق أنظمة جديدة في تدريب المواطنين على رأس العمل، وهذه المرحلة كانت نقطة تحول بالنسبة للمواطنين حيث تمّ تقليص فرص التعليم، والاعتماد على الخبرات الأجنبية فحدثت العديد من المشاكل، مثل عدم توافر الفرص الوظيفية وسوء استغلال موارد الدولة من قبل المؤتمنين من المسؤولين. وأثر ذلك على حياة المواطنين الذين أبدوا عدم ارتياحهم من بعض السياسات والمسؤولين، وطالبوا بضرورة إجراء إصلاحات وإبعاد عدد من الوزراء، وانحاز لهم وكعادته صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم، مما قرب جلالته إلى شعبه أكثر.
رغم كل ما حدث إلا أن عجلة التنمية واصلت الدوران بشكل إيجابي، بفضل حكمة جلالة السلطان وقربه من المواطنين وتلمسه لحاجاتهم، وفي الختام أوجه الدعوة للشباب العماني للعمل بعزيمة وإصرار وإبدال النظرة السوداوية للأمور إلى نظرة إيجابية والتفاؤل بمستقبل مشرق وغد أفضل يصنع بأيديهم.