تحديات الإعلام العماني تحت المجهر!

أمل بنت طالب الجهورية

التفت الكثير من المُهتمين بشأن الإعلام يوم أمس لبيان مجلس الوزراء المُوقر الذي تضمن إشارة للإعلام العُماني، والتأكيد على الأهمية التي يحظى بها في مختلف مجالاته، ودوره الملتزم بالثوابت الوطنية؛ حيث أقر المجلس تشكيل لجنة لدراسة تحديات الإعلام العُماني في ضوء النصوص التشريعية النافذة لتنظيمه وتطويره ومعالجة المعوقات التي تعترضه، ووافق على إنشاء مركز للتدريب الإعلامي، وكذلك إنشاء مركز للإعلام الإلكتروني، كما أناط المجلس إلى وزارة الإعلام وضع الآليات المُناسبة التي تُساعد على تقديم الدعم اللازم لقطاع الإعلام لتمكينه من القيام بدوره على أتم وجه، واختلفت النظرة حول مضمون ذلك القرار حيث نظر إليه البعض بعين الرضا والتقدير واستشرف من خلاله مستقبل جميل للإعلام في السلطنة، بينما فسره البعض الآخر بالدلالة على وجود خلل وضعف في مستوى أداء الإعلام بمجالاته المختلفة؛ لهذا جاء القرار كدعوة للتغيير ومعالجة ذلك الضعف.

إنّ الاهتمام بالإعلام والحرص على تطويره والارتقاء به يُعد أحد المطالب الحثيثة في ظل ما نعيشه اليوم من اضطراب منظومة التواصل وتداخلها، وتنوع الرسائل التي تنتقل عبر منافذ الإعلام المتنوعة من أجل الحفاظ على الرسالة الهادفة وعدم المساس بالثوابت الوطنية لكل دولة،وتعزيزها في نفوس النشء، وتهيئة الإعلام باختلاف أنواعه ليكون قادراً على مواكبة التسارع الإعلامي ومحافظًا على التوازن في طرحه ومادته، وليس الإعلام العماني بمنأى عما يشهده الإعلام عموماً وإعلامنا العربي بشكل خاص، والذي يواجه بدوره تحديات كبيرة؛ لذا فإنّ القرار بتشكيل لجنة لدراسة التحديات لا يعكس وجود خلل أو ضعف بقدر ما يعكس النظرة الثاقبة والحكيمة التي ترسمها الحكومة الرشيدة والثقة التي تضعها في الإعلام والذي سيكون أكثر انطلاقاً وتطوراً بعد الوقوف على تحدياته ووضع المُقترحات المناسبة لتجاوزها، وهذا الدور تقوم به اليوم جهات مختلفة جنباً إلى جنب مع دور الجهات الحكومية، ومن أبرزها اللجان الإعلامية بمجلسي الدولة والشورى والتي تعكف خلال كل دور انعقاد على عمل دراسات ومقترحات تلامس متطلبات الإعلام الحالية، حيث رفعت مقترحاً بقانون حق الحصول على المعلومة، ودراسة أخرى لواقع الإعلام المرئي والمسموع في السلطنة، ومقترحاً بتفعيل أدوار المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية في السلطنة قدمته لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى، ودراسة حول واقع الصحافة العمانية في ظل القوانين والتشريعات المنظمة لعملها، وآليات تطويرها، رفعتها لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة، وهذا ما يعكس التكامل الواضح بين الحكومة ومجلس عُمان في تعزيز مسار العمل الوطني البناء.

ويأتي إقرار إنشاء مركز التدريب الإعلامي بمثابة ولادة جديدة لإعداد وتأهيل الكفاءات الإعلامية وفق معاييرعالية كما يُراد لها أن تكون عليه في الفترة المقبلة للسير بقطاع الإعلام للأفضل، وهذا الأمر تعمل به الكثير من الدول العربية والأجنبية اليوم والتي تؤمن بأنّ الارتقاء بالإعلام يتطلب وجود طاقات قادرة على التنوع والإبداع من خلال ربطها بالمُستجدات الإعلامية والمهارات التي تُناسب كل نوع من أنواع الإعلام ومجالاته، وتأتي العناية بالإعلام الإلكتروني والالتفات له في السلطنة خطوة هامة لاسيما في ظل غياب قانون منظم له في الفترة الحالية لحين صدور قانون الإعلام الجديد المنتظر، والذي تذهب إليه الأنظار بشغف؛ كون الإعلام الإلكتروني يُشكل اليوم مهنة الغالبية العظمى من المُهتمين بوسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات تبادل الأخبار والمعلومات عبرها، ليكون ذلك المركز بمثابة الجهاز المُنظم والمؤهل للتعامل مع الإعلام الإلكتروني.

ومع أنّ مجلس الوزراء الموقر أناط إلى وزارة الإعلام العمل على وضع الآليات المناسبة التي من شأنها تقديم الدعم المناسب بقطاع الإعلام؛ إلا أنّ ذلك لا يَعفي الجهات الأخرى من مسؤولية الشراكة الوطنية في هذا الجانب، والذي يجب أن تعمل عليها مختلف الجهات المعنية بقطاع الإعلام في السلطنة من الباحثين والأكاديميين والمختصين للمساهمة في تقديم مقترحات وأفكار بناءة يمكن لوزارة الإعلام بلورتها في آليات يمكنها أن تظهر الوجه الأجمل لإعلامنا في المستقبل القريب.

amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك