فلاديمير بوتين وسيرجي لافروف

علي بن مسعود المعشني

فلاديمير بوتين:

الرئيس الحالي لجمهورية روسيا الاتحادية، ولد في 7 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1952، في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حالياً) خريج كلية الحقوق من جامعة لينينغراد في عام 1975، وأدى خدمته العسكرية في جهاز أمن الدولة. وعمل في جمهورية ألمانيا الشرقية بالفترة من 1985 - 1990. تولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشؤون الخارجية منذ عام 1990، ثم أصبح مستشارًا لرئيس مجلس مدينة لينينغراد. تولى منصب رئاسة لجنة الاتصالات الخارجية في بلدية سانت بطرسبورغ (لينينغراد سابقًا) منذ يونيو 1991. وفي الوقت نفسه تولى منصب النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بطرسبورغ منذ عام 1994.

أصبح نائبًا لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية منذ أغسطس 1996. ثم أصبح نائبا لمدير ديوان الرئيس الروسي ورئيسا لإدارة الرقابة العامة في الديوان منذ مارس 1997 وفي مايو 1998 أصبح نائبا أول لمدير ديوان الرئيس الروسي. وعين في يوليو 1998 مديرًا لخدمة الأمن الفيدرالية في روسيا الاتحادية. وتولى في الوقت نفسه منصب أمين مجلس الأمن في روسيا الاتحادية منذ مارس 1999. وفي أغسطس 1999 أصبح رئيساً لحكومة روسيا الاتحادية وذلك باختيار من الرئيس بوريس يلتسن. تولى اختصاصات رئيس روسيا الاتحادية بالوكالة منذ 31 ديسمبر 1999 بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسن. وانتخب في 26 مارس 2000 رئيساً لروسيا الاتحادية. وتولى منصبه في 7 مايو 2000. وأُعيد انتخابه للرئاسة في 14 مارس 2004 وهو يشغل منذ 8 مايو عام 2008 منصب رئيس وزراء روسيا الاتحادية .

أعيد انتخابه رئيسًا لجمهورية روسيا الاتحادية في 4 مارس، 2012 وبعد فرز 88.06% من الأصوات تبين حصوله على 64.72% من الأصوات، وهو ما لا يجعل هناك حاجة إلى جولة ثانية من الانتخابات، حيث يشترط القانون حصول الفائز على أكثر من 50% للفوز بالانتخابات من المرحلة الأولى. وكانت جهات من المعارضة قد اتهمته بتزوير الانتخابات وخرج على إثرها مظاهرات عدة. حصل على المركز الأول في قائمة مجلة فوربس لأكثر الشخصيات العالمية تأثيرًا عام 2013 وعام 2014 وعام 2015 على التوالي.

في 2014 فاز فلاديمير بوتين بوسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم من قائمة الملوك والرؤساء وكبار السياسيين، خلال التصويت الذي دشنه المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والإستراتيجية

كانت لودميلا بوتينا زوجة فلادمير بوتين إلى أن أعلنا طلاقهما عبر التلفزيون الرسمي في يونيو 2013م. أنجب الزوجان ابنتين: ماريا - ولدت عام 1985 وكاترينا- ولدت عام 1986. ويعرف عنه أنّه عارض الحرب الأمريكية على العراق. يتقن اللغتين الإنجليزية والألمانية إلى جانب الروسية. حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية. (ويكيبيديا الموسوعة الحرة).

سيرغي لافروف

سيرغي فيكتوروفيتش لافروف:

ولد سيرغي لافروف في 21 مارس/آذار عام 1950 في موسكو لأب من أصول أرمنية من تبليسي وأم روسية من جورجيا وتعمل موظفة في وزارة التجارة الخارجية السوفيتية. أنهى لافروف عام 1972 قسم اللغات الشرقية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (مغييمو) حيث درس اللغات الإنجليزية والفرنسية والسينهالية (لغة أهالي سريلانكا). وبدأ يترقى في السلم الدبلوماسي في هذا البلد بالذات بعد تعيينه ملحقًا دبلوماسيًا في السفارة السوفيتية في سريلانكا.

بعد إنجاز مهمته في سريلانكا عاد لافروف عام 1976 إلى موسكو ليعمل في إدارة العلاقات الدولية بوزارة الخارجية السوفيتية. ثمّ تمّ إيفاده إلى الولايات المتحدة حيث عمل في البعثة الدبلوماسية للاتحاد السوفيتي في هيئة الأمم المتحدة وتولى مناصب السكرتير الأول والمستشار وكبير المستشارين.

وفي أعوام 1988 - 1994 ترقى في السلم الدبلوماسي في أجهزة وزارتي الخارجية السوفيتية والروسية إلى أن تولى منصب نائب وزير الخارجية الروسي آنذاك أندريه كوزيريف ليتحمل مسؤولية التعامل مع المنظمات الدولية ويشرف على إدارة رابطة الدول المستقلة.

وفي عام 1994 قام الرئيس الروسي بوريس يلتسين بتعيين لافروف مندوباً دائماً لروسيا الاتحادية في هيئة الأمم المتحدة. وذاع صيته آنذاك، وكان اسمه يذكر بشكل دائم في الصحف الروسية والغربية. وتعرف لافروف في نيويورك بالعديد من الدبلوماسيين الأجانب، ودرس جيدا القضايا الدولية الرئيسية، علماً أن جلسات مجلس الأمن الدولي التي كان يحضرها كانت تبحث الأجندة العالمية الرئيسية، بما فيها الوضع في يوغسلافيا ومنطقة الشرق الأوسط وقبرص وشبه جزيرة كوريا ومشكلة مكافحة الإرهاب بعد وقوع العمليات الإرهابية عام 2001 في الولايات المتحدة وما أسفر عنها من عمليات حربية أمريكية في أفغانستان والعراق.

وزارة الخارجية:

في 9 مارس 2004 عين فلاديمير بوتين سيرغي لافروف وزيرًا للخارجية، خلفاً لإيغور إيفانوف.

في 21 مايو/أيار عام 2012 أعيد تعيينه في منصب وزير الخارجية بحكومة ديميتري مدفيديف. (ويكيبيديا الموسوعة الحرة)

هذه المعلومات أعلاه هي السير الذاتية الرسمية لأقوى رجلين في العالم اليوم، وهما الزعيم بوتين ووزير خارجيته لافروف، ولكن هناك أوجه أخرى للرجلين تتردد على ألسنة العامة ورغم أهميتها في تشكيل هوية وشخصيات الرجلين في أذهان من عرفهم، أو أراد معرفتهم وتقييمهم، إلا أنها لايعتد بها أو يتطرق لها بشكل رسمي، وهو ما سنتطرق إليه في هذه المقالة.

يعتبر فلاديمير بوتين المؤسس الثاني للدولة الروسية بعد مؤسسها الأول يوسف ستالين، والذي أسس جبروت وعظمة الاتحاد السوفيتي وجعل منه قُطب قوة يتقاسم العالم مع القُطب الأمريكي.

الفارق بين الزعامتين بوتين وستالين أن كل منهما وليد ظرفه التاريخي وأسير معطياته، والقاسم المشترك بينهما هو حب الريادة والزعامة والعظمة لبلادهما .

فستالين اعتمد الديكتاتورية الفردية والحزبية أحيانًا لتمرير مشروعه النهضوي الطموح للاتحاد السوفيتي ليجعل منه قوة صناعية وعسكرية متفردة في العالم، ونجح في ذلك بامتياز، بينما حكمت الظروف على الزعيم بوتين أن يكون ديكتاتورًا مستنيرًا لتمرير مشروعه التنموي الشامل للاتحاد الروسي، بدءًا من التعامل العقلاني والواقعي مع إرث الاتحاد السوفيتي، وصولًا إلى تعزيز نصيب روسيا من هذا الإرث والتفرد من خلاله لاستعادة عرش ومكانة الاتحاد السوفيتي العالمية مع عدم تجاهل حكم الزمان والعصر.

بعد خروج بوتين من الخدمة كضابط ارتباط في برلين، عمل كسائق لسيارة أجرة في العاصمة موسكو، وذات يوم عرض عليه صديق السفر إلى مدينتهم لينينغراد للمشاركة في احتفالها بمرور ثلاثمائة عام على تأسيسها والتعرف على عمدتها، فوافق بوتين ورافق صديقه وشهدا احتفالات مدينتهما والتقيا بعمدتها على هامش تلك الاحتفالات، حيث أُعجب العمدة كثيرًا بشخصية بوتين وعقليته وخبراته العملية وعرض عليه التخلي عن سيارة الأجرة والعمل كمدير لبلدية مدينته والتي تعاني من الإخفاق ومظاهر التسيب والتخلف، والبلدية في معظم البلاد الأوروبية معنية بكل ما يتعلق بحياة المواطن من تخطيط ونظافة ومعمار وأحوال مدنية كذلك.

وافق بوتين على العرض وقبل التَّحدي وهو لا يعلم بلا شك أنّ هذا الوظيفة ستكون مفتاحه إلى سلم المجد والشهرة. فعين بوتين صديقه ميدفيديف نائبًا له، وقام بمخطط تنظيمي شامل للبلدية ظهرت ملامحه بجلاء بعد عامه الأول.

وبعد مضي ثلاثة أعوام على عمل بوتين كرئيس لبلدية لينينغراد، زار الرئيس يلتسين المدينة فأُعجب بالتغييرات الواضحة على معالمها وأبدى ذلك لعُمدة المدينة والذي أشار بدوره إلى بوتين وقال: كل الفضل فيما تراه سيدي الرئيس يعود لهذا الرجل.

أعجب يلتسين ببوتين وتحاور معه طويلًا وما أن عاد إلى موسكو حتى أصدر قرارًا رئاسيًا بتعيين بوتين على رأس جهاز الاستخبارات العامة (كي.جي .بي) وقال له بالحرف الواحد: أرجو منك تطهير الجهاز وإعادة هيكلته وبتفويض مطلق مني.

عمل بوتين على تطهير الجهاز الذي عمل به وأحبه ويعلم كل خباياه ومراكز القوى والتأثير فيه، فجعل منه جهازًا مهنيًا عاليًا وحيويًا وجعل عقيدته خدمة الاتحاد الروسي حيث عمل على التخلص من جميع العناصر التي كانت محسوبة على لوبيات بعينها في الدولة.

وبعد هذا النجاح الباهر لبوتين في جهاز الكي جي بي العملاق، كلفه الرئيس يلتسين برئاسة الحكومة ورسم ملامح اقتصادها والنهوض به ومقاومة بارونات المال والأعمال ولوبيات النفوذ والتي أصبحت تشكل حكومات ظل حقيقية مستغلة مرحلة وهن الدولة في مرحلتها الانتقالية بين العهد السوفيتي واقتصاد الدولة والعهد الروسي ونهج الاقتصاد الحر.

أغلب المتضررين من إصلاحات بوتين في جهاز الاستخبارات والحكومة كانوا من اللوبي اليهودي الروسي، والذي لم يتأخر في التعبير عن سخطه بتفجير أزمة حرب الشيشان، تبعها إستراتيجية إعلامية ضخمة لتشويه بوتين وإصلاحاته بداخل روسيا وخارجها، ومازالت تتعاظم في كل يوم لغاية يومنا هذا.

لم ينحنِ بوتين أمام رياح الدعاية اليهودية والغربية كما لم ينكسر أو يستسلم في الشيشان أو داغستان أو عموم القفقاز، بل واجهها بروح مسؤولة وبخط مواز من التنمية الشاملة والإصلاحات والبناء الرأسي والأفقي للدولة.

في عام 2004م، توجه الزعيم بوتين إلى نيويورك ليلقي كلمة بلاده في الذكرى الـ60 لإنشاء المنظمة الدولية، وكان القدر معه لأن يلتقي ولأول مرة بسيرجي لافروف مندوب روسيا الدائم بنيويورك عن قرب، حيث رافق بوتين وفدًا كبيرًا جدًا من المعنيين والمختصين برئاسة الجمهورية ومجلس الأمن القومي والاستخبارات الخارجية ووزارة الخارجية.

لفت لافروف نظر بوتين وجعله يستغني عن استشارة أغلب المرافقين بخبرته الواسعة وحيويته وبعقليته التنظيمية ونظرته التحليلية العميقة. وما أن عاد بوتين إلى موسكو حتى استدعى لافروف وبيَّن له إعجابه به ورغبته في تولي حقيبة وزارة الخارجية الروسية. كان لافروف على وشك التقاعد، وقد مورست ضده الكثير من الضغوط والتهميش في عهد وزير الخارجية أندرية كوزيريف (والذي يحمل الجنسية الأمريكية ويقيم بأمريكا حاليًا) حيث حُرم لافروف من حق النقض وأمره بالعودة إلى موسكو في جميع القرارات المصيرية، وهي سابقة في الدبلوماسية الروسية حيث كان المندوب مخولًا بحق النقض (الفيتو) ، إضافة إلى قيام كوزيريف بالاستغناء عن أغلب الكوادر والخبرات الدبلوماسية الروسية في عهد ماسمي بالبريسترويكا وإحلال أشخاص لا توجه ولا خبرات لهم.

لم يتفاعل لافروف مع طلب رئيسه بوتين بالتعيين الجديد وفضل التقاعد وتمسك به مستعينًا بتجربته المرة وغياب هيبة الدبلوماسية الروسية لغياب وتغييب آبائها الحقيقيين. ولكن بوتين لم يترك له خيارًا آخر سوى القبول وقال له: إنه أمر تكليف رئاسي وليس مشورة، هنا قبل لافروف بالتكليف ولكن بشروط وهو أن تكون السياسة الخارجية الروسية من المهام الحصرية بوزارة الخارجية فقط، وأن يُعيد جميع الكوادر الدبلوماسية القديرة إلى عملها، وأن يتمتع بإجازة سنوية قدرها أسبوعين يتخلى فيها عن جميع مسؤولياته ليمارس رياضته المُحببة وهي التجديف في المنحدرات الجبلية رفقة أصدقائه المقربين.

وافق بوتين بلا تردد على شروط لافروف الثلاثة وسط ذهول من عرفوا شخصية بوتين بأنّه شخص يملي الشروط ولا يُملأ عليه، حيث أصدر قرارًا رئاسيًا في اليوم التالي يتضمن تعيين سيرجي لافروف وزيرًا للخارجية، وقرارًا رئاسيًا آخر بحصر السياسة الخارجية الروسية في وزارة الخارجية لا غير وإلغاء الدوائر السياسية في الرئاسة ومجلس الأمن القومي الروسي وجهاز الاستخبارات الكي جي بي.

عُرف عن لافروف إدمانه للعمل الدبلوماسي، فهو شخص لا يكل ولا يمل من السفر والترحال في مهام خاصة وروتينية وحضور الندوات والمؤتمرات ورئاسة اللجان المشتركة، إضافة إلى ممارسته لعمله الروتيني المكتبي اليومي، كما أحاط نفسه بعدد من النواب والمساعدين والمبعوثين الأكفاء لتكون الدبلوماسية الروسية على قدرٍ كبيرٍ من المتابعة والتحليل والحضور الإيجابي في المحافل والقضايا الدولية تناغمًا مع العهد البوتيني الجديد والذي رسم ملامح ومفاهيم جديدة لمصالح روسيا وأمنها القومي ومكوناته وأطره وجغرافيته.

كان لافروف كمندوب لروسيا ذا حضور قوي ومميز على الصعيدين الرسمي والشخصي، وكان شخصًا متسلحًا بكل عظمة بلاده وتاريخها وطموحها، لهذا كان شخصية جادة ومُهابة ويصر على ممارسة صلاحياته على الوجه الأكمل دون تدخل من أحد. يروى عنه ذات يوم أن الأمين العام كوفي عنان أصدر قرارًا بمنع التدخين في مبنى الأمم المتحدة انسجامًا مع قرار رئيس بلدية نيويورك بمنع التدخين في الأماكن المغلقة، حيث امتثل الجميع لقرار كوفي عنان عدا لافروف، وحين وصل الخبر لعنان داهم لافروف وهو يُدخن في مقهى للجمعية العامة، فأبدى عنان امتعاضه من عدم التزام لافروف بذلك، فسأله لافروف: هل أنت أمين عام للأمم المتحدة أم موظف لدى بلدية نيويورك!؟ فأجاب عنان: أنا أمين عام للأمم المتحدة، فقال لافروف: وهل أنا مندوب لجمهورية روسيا الاتحادية أم موظفًا لديك!؟ فرد عنان: أنت مندوب لروسيا.. فقال لافروف: إذن قرارك لا معنى ولا قانونية له.

لاشك أنّ روسيا اليوم في ظل وجود الثنائي بوتين ولافروف تعيش أزهى أيامها بوجود كوادر قديرة على إدارة الدولة وبتشابه يكاد يصل إلى حد التناسخ فيما بينهما حيث تجمعهما العقيدة الفكرية والسياسية الواحدة وانعكس ذلك إيجابًا على جميع المؤسسات في الدولة الروسية فكان هذا التناغم العجيب.

قبل اللقاء: " القادة الحقيقيون لا يصنعون أتباعًا، إنهم يصنعون مزيدًا من القادة"

وبالشكر تدوم النعم.

Ali95312606@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك