نقطة نظام

علي بن سالم كفيتان

 كثرت خلال السنوات الأخيرة الانتقادات لمستوى أداء مستشفى السلطان قابوس بصلالة، وقبل كتابة هذا المقال ترددت كثيرا في أمر واحد فقط وهو ذكر اسم المستشفى، وليس ذلك من قبيل إضفاء صبغة رمزيّة على الموضوع ولكن كون هذه المؤسسة الصحيّة العريقة تحمل اسم مولانا جلالة السلطان، لكن لم يكن لديّ خيار.. والله المستعان.

مستشفى السلطان قابوس بصلالة يعد من أقدم الصروح الصحية في السلطنة؛ حيث أنشئ في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ولا شك أنّ الشركة التي أنيط بها إنشاء هذا المشفى كانت واحدة من أعرق الشركات العالمية آنذاك؛ إذ لا زالت مبانيها صامدة شاهدة على التاريخ الذي مضى، ولكن تغير الزمن والمستشفى لم يتغير، إلا من بضع إضافات، وكأن الأمر هو مسكن عائلي عندما يتزوج أحد الأبناء تضاف له غرفة ودورة مياه في فناء المنزل.

هكذا هي للأسف حال هذا المشفى العتيد في وجه الزمن؛ حيث تم إضافة ممر بغرفتين ومنافعهما كوحدة عناية مركزة للقلب، وتمّ ترميم غرفة الولادة على القائم، وإضافة طابورين من الغرف لقسم الأطفال وطابور ثالث لقسم الحوامل وفتحت صالة للطوارئ للجنسين بجنب القديمة التي خصصت لطوارئ الأطفال. هذا جل ما تذكرته من الامتدادات الأفقية لهذا المستشفى ولكي أكون أميناً معكم توجد خيمة لولبيّة خلف المستشفى خصصت للعظام يقال إنّها ثمرة من ثمرات إحدى الاتفاقيات مع دولة صديقة والله أعلم!

في هذا المشفى الآن وجد كثيرون ضالتهم، فهناك البائعون المتجولون والمتجولات، فعند دخولك الرواق الرئيسي تتخيل نفسك في سوق شعبي؛ حيث تفوح رائحة المأكولات الشعبية من الصواني الطائرة على رؤوس وأكتاف الزوار الكرماء، وهناك بائع الجرائد وآخر يصيح (حياك نورس...) وستجد حلقات "سوق عكاظ" في ممرات الطوارئ؛ حيث يجتمع الأهل والأصدقاء على صوت رنين جهاز العناية المركزة لمريضهم المسكين الذي ينتظر الفرج من الله لا من الطواقم الطبية التي باتت تأكل من صياني الزوار القابعين في الممرات.

يحكى أن غرف العناية المركزة باتت بؤرة خصبة لانتشار بكتيريا مجهولة وأنا شخصيا وخلال عام فجعت باثنين من أقاربي قضوا نحبهم وقيل إنه ربما بسبب البكتيريا، ولم تستطع أدوية العناية المركزة وطواقمها الطبية وقفها ولا زال الحبل على الغارب، كما يقولون، عقب تلك الحوادث المؤلمة، وصار عدد من المرضى يفضلون البعد عن هذا المستشفى.. إنّها مأساة حقيقية لم يلتفت إليها أحد.

مؤخرا توفي شاب في مقتبل العمر مصاب بمرض الحمى النزفية في هذا المشفى، ولم يعر الأمر كثير اهتمام، وبعد ضغوط كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي صدر تصريح من وزارة الصحة عن هذه الحالة. لذا نتساءل ما هي الإجراءات الاحترازية المتخذة لمجابهة هذا الوباء المميت؟ وهنا نطالع قصاصة ورقية كتبت بخط اليد ومعلقة في ممرات المستشفى كتب عليها للوقاية "لا تقترب من الحيوانات"، ويعلم الجميع بمن فيهم الجهات الأخرى ذات الصلة كوزارة الزراعة بأن معظم سكان المحافظة مربو ماشية، فهل يجب عليهم هجرانها بموجب هذه القصاصة الإعلانية.

إن انتقادنا للمستشفى لا يقلل من كفاءة بعض الأطباء والأطقم الفنية العاملة فيه.

وهنا يجب أن نسأل لماذا لم تنفذ الأوامر السامية الكريمة التي قضت بإنشاء مستشفى مرجعي في صلالة منذ عام 2009؛ حيث إن هذا المشروع مدرج في الخطة الخمسية الثامنة المنتهية ورصدت له مبالغ جيدة وحسب التصريحات والتي أطلعت على بعضها على لسان الدكتور مدير عام الخدمات الصحية بظفار عام 2012 تم نشر صور ومجسمات للمشفى الجديد، وذكر أنه عبارة عن 6 أدوار وبه حوالي 700 سرير ولكن أين هو على أرض الواقع أليست سبع سنوات كفيلة ببناء هذا المستشفى؟

في نقاشات مجلس الشورى الأخيرة مع وزير الصحة ذكر الأخير بأنّ الاستشاري أنهى الرسومات، وسيطرح المشفى قريبا للمناقصة. ألم تشفع سبع سنوات للاستشاري لإنهاء الرسومات والخرائط؟! كما لفت انتباهي تلميح أحد أعضاء مجلس الشورى الممثلين لولاية صلالة في عدة تصريحات بأنّه وتقديرا للوضع المالي الحالي يقترح أن يقوم القطاع الخاص ببناء المستشفى ومن ثمّ تشتريه الحكومة؟!! شيء لا يمكن للعقل أن يقبله وله تفسير واحد فقط بأنّ الشفافية باتت مفقودة في هذا المشروع الحيوي الإنساني الذي سيخدم ثاني أكبر مدينة اكتظاظًا بالسكان في السلطنة (صلالة).

استودعتكم الله موعدنا يتجدد معكم بإذن الله.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك