100 مسلسل درامي عربي

نظرة

آمنة الربيع

على الرغم من قلة الأعمال الدرامية في هذا الموسم الرمضاني محليا وخليجيا وعربيا؛ فالسؤال المطروح: كم من الزمن المطلوب انتظاره لحضور كاتبة السيناريو بكثافة في سوق الدراما وإنتاجها المتصاعد يظل له وجاهته؟ ونطرح هذا السؤال لمناقشته انطلاقا من اهتمامنا بالكيف على صعيد الكم. فالملاحظة العامة أن كاتبات السيناريو في كل الرمضانات السابقة هن قليلات بالقياس إلى كتاب السيناريو المعروفين لنا سواء من المخضرمين أو من الكتاب الشباب.

ومهما يكن من أمر، فإنَّ سؤالي السابق لا يبحث في المسألة الجدلية المعنية بالفروق الإبداعية بين كتابة المرأة وكتابة الرجل. ليس هذا ما أهتم به ولا أتحمس له. إن الأمر الرئيس الذي أريد أن أضعه نُصب عيني، حين أشاهد عملا دراميا بتوقيع كاتبة هو أن ذلك المسلسل كتبته كاتبة سيناريو لتزاحم به سوق إنتاج الأعمال الدرامية، وأنها قد فتحت المجال الحر لقدرات خيالها وابتكاراته الخاصة أن تتنافس مع المخيلة التقليدية التي عالجت الواقع معالجات سطحية منذ عقود.

ففي غضون السنوات السابقة من عُمر الدراما التليفزيونية في عالمنا العربي جرى الإسهاب في تناول مشكلات مجتمعية غارقة في القِدَم كالجهل والفقر والمرض والسحر والعنوسة والخيانة الزوجية والختان والبطالة وزواج القاصرات ومشكلات الشباب، وهي كما ترون ليست من نوع القصص العظيمة بشروط التراجيديا العتيدة، لكن لها مزاياها، فعبر تاريخ طويل للدراما التليفزيونية أدرك المشاهدون أن تلك القصص هي مصائبهم المجتمعية الحتمية التي سيظلون يعانون منها، فلا مبرر أن يجتهد الكُتَّاب والكاتبات مع المنتجين لإثبات أن تلك المصائب تخصنا وحدنا ولا شيء عداها، أو أن علينا التعايش معها دون مقاومتها، أو أن المسلسلات لن تلقى الإقبال والمتابعة إلا بتناول تلك الموضوعات.

بديهي أن الدراما تحيا على الصراع وتقتات على الموبقات، هذا إذا أردناها أن تكون دنيوية ومادية، وعند هذا الوضع لن يجد الصراع معارضة شديدة إلا إذا سخرنا من تلك المصائب وأغلقنا شاشاتنا. وعلى مدى ذلك التاريخ، حدثت تنويعات لمعالجة تلك المصائب، تقاسماها كتاب وكاتبات السيناريو معا. ظهرت نهايات بعضها في انتصارات غنائية، بينما اتجهت التنويعات الأخرى للتأكيد على أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، والمعنى هنا أن حال الدراما ليس أفضل من الشعر والسياسة!

لا يهتم السؤال بالكمية كما تقدم أعلاه، وإنما يهتم بالكيف الذي تقدمه كاتبة السيناريست. والكيف النوعي في سوق إنتاج الأعمال الدرامية يعني عندي القيمة المضافة التي يمكن إلحاقها بتاريخ الدراما التليفزيونية العربية. فإذا تساءلنا عن مائة مسلسل درامي محلي، وخليجي، وعربي، استطاعت منذ اكتشاف البث التليفزيوني للدراما في كل دولة أن تُمثل تاريخ ذاكرة المجتمعات العربية بعاداتها وتقاليدها وتراثها الإنساني جنبا إلى جنب انكساراتها وهزائمها ومراحل يئسها المبكر. فما هي هذه الأعمال الدرامية المنتخبة؟ وهل لدينا مائة مسلسل لنباهي به السينما، والفنون التشكيلية، ورسومات الكاريكاتير؟ هل نستطيع فعليا تحقيق ذلك؟

هذا.. إذن، هو الأمر الذي أنظر إليه. وفي سعينا لتكوين صورة ذهنية عن النتاجات الدرامية لكاتبات السيناريو، ينبغي ألا نسمح لأنفسنا أن ننجر إلى موقف راديكالي متطرف ومتعصب لبلداننا فيكون ذلك في عقد مقارنات حسابية سياسية سريعة بين نتاج كل دولة؛ فالنظرة الموضوعية إنما تكون لمصلحة جماليات العمل الفني في المطلق؛ فنحن مسرحيا ما زلنا نعود إلى شكسبير لنغرف منه، وروائيا نرجع إلى دوستويفسكي لنتَّكئ عليه في سبر أغوار التناقضات الداخلية للشخصية الروائية، وهما ينتميان -شكسبير ودستويفسكي- إلى دولتين تطحنان البلاد العربية طحنا سياسيا لا هوادة فيه! فهل يجب قتلهما بدافع السياسة! إن العمل الفني الذي يُمثل هويتنا العربية هو الذي نتأمله دون تجاهل (لـ) أو تغافل (عن) حيوية مجتمعاتنا. وللحديث تتمة...!

تعليق عبر الفيس بوك