الألماني الذي عشق السلطنة على مدار 33 عامًا وروج لها سياحيًا في أوروبا
الرؤية - مدرين المكتوميّة
يجهز الألماني جورج بوب حاليًا لإصدار الطبعة السابعة من دليل عماني السياحي، الذي صدرت طبعته الأولى بدايات التسعينيات ولاقت رواجا واسعا. ولا يزال جورج بوب على حبه للسلطنة منذ تعرف لأول مرة على صديقه العماني جمعة بن عبدالله المسكري الذي كان مبتعثا للدراسة في ألمانيا وذلك في العام 1983، والذي ساعده على التعرف على ملامح الثقافة والطبيعة العمانية، ومن ثم اهتم خلال زياته الأولى للسلطنة في بداية التسعينيات بالتقاط الكثير من الصور المميزة لمختلف المواقع العمانية واستخدامها فيما بعد لإصدار أول دليل سياحي للسطنة في ألمانيا قبل ترجمته لأكثر من لغة.
وعن بداية تعلقه بالسلطنة، قال جورج بوب في حوار لـ"الرؤية" إنّه في العام 1983 تعرف على جمعة المسكري، أول شاب عماني مبتعث لألمانيا بميونخ، وأضاف بوب أنّ كان يود التعرّف على الطبيعة العمانية ولديه اهتمامات في مجال التصوير والفن؛ دفعه ذلك لأنّ يفكر مع المبتعث جمعة في مشروع مهم يعود على عمان بالفائدة من خلال تعريف المجتمع الألماني بالسلطنة ومقوّماتها الأثرية، وبذلك بدأنا التفكير الجدي في توثيق الحياة العمانية بمختلف جوانبها الحياتية عبر معرض مشترك.
تبادل الثقافات
وأضاف جورج بوب: من خلال اللقاءات المشتركة مع جمعه، ساعدت جمعة في التعرّف على تفاصيل الحياة والثقافة الألمانية التي كانت بالنسبة له جديدة في تلك الفترة لكنه سرعان ما تأقلم مع الوضع وأصبح من أهم الشخصيات العمانية الملمة بالثقافة الألمانيّة، وكان له دور إيجابي في العمل على حل النزاعات والخلافات التي تنشب بين الطلبة العرب حيث يلجأ الجميع إليه لما يتميز به من هدوء وحكمة، خاصة وأنّه كان يمثل الشخصية العمانية التي تتميز بالاعتدال والتوازن في حل الأزمات والمشكلات.
ومع مرور السنوات توطدت العلاقة بينهما، حيث قال جورج بوب: بعد 9 سنوات كانت العلاقة توطدت مع جمعة الذي ساهم في تعريفي بالثقافة العمانية وزرع في نفسي رغبة في التعرف عليها عن قرب، وبدأت التخطيط لزيارة عمان وظلت البلد الذي لطالما كنت في انتظار فرصة زيارته وتحقق ذلك بأول زيارة في العام 1992، وقد أبهرتني السلطنة من الوهله الأولى، ولم أترك بقعه إلا وزرتها، والتقطت صورًا متنوعة عن طبيعة الحياة والبيئة العمانية التي تتميز بتضاريسها المتنوعة بين البيئة الصحراوية والساحلية والسهلية والجبلية، وهو ما منحني مخزونًا كبيرًا من الصور المميزة.
ويواصل بوب: في العام 1993 اجتمعنا أنا وجمعة على حب التصوير والفن التشكيلي ونظمنا معرض فن تشكيلي مشترك لعرض الصور الخاصه بعمان، وبعض اللوحات المختلفة التي تعتمد على المفردات العمانية التي لاقت اهتمامًا واسعًا لأنّه عكس التجربة المشتركة بين ألمانيا وسلطنة عمان في ظل كافة التمازج الحضاري في المعرض، خصوصا كان الهدف الأول من المعرض هو تسليط الضوء على اللون العماني.
دليل عمان السياحي
وفيما يتعلق بدليل عمان السياحي، قال بوب: توجهت في إحدى زياراتي لأحد الناشرين بهدف بيع الصور لكنّه فاجأني بأن طلب منّي الاستفادة منها بتوثيقها في كتاب خاص عن سلطنة عمان كدليل سياحي، وفي البداية تخوّفت لأنّ ليس لديّ خبرة كافية في هذا المجال لكن قبلت العرض من باب التحدي خصوصًا وأنّ بحوزتي الكثير من الصور التي تكفي للتعريف بمختلف المناطق العمانية وبدأت مشوار إنجاز الكتاب المطلوب خلال 6 أشهر تقريبًا، وخلال الأشهر الستة كنت قد زرت عمان مرة أخرى لضمان شموليّة الكتاب بكل ما يحتاج إليه الزوار، وصدر أول دليل سياحي شامل عن عمان باللغة الألمانية وتمّت ترجمته لاحقًا للإنجليزية حيث لاقى رواجا كبيرًا لأنّه يحتوي على صور ومعلومات كل المواقع السياحية ويعرف بالثقافة والحضارة العمانية التي لم يكن يعرف عنها المواطن الألماني الكثير في التسعينيات. ومن حسن الحظ أنّ الطبعة الأولى بيعت بالكامل خلال عدة أشهر وهو ما فاجأ الناشر وفاجأني أيضًا، وهو ما شجع الناشر على تنظيم رحلة سياحية لعشرة من كبار الصحفيين الألمان إلى سلطنة عمان بإشراف جمعة المسكري، ليسجلوا مشاهداتهم عن سلطنة عمان ونشرها في صحفهم ومجلاتهم. ونحن حاليًا نعمل على الإعداد للطبعة السابعة بعد تجديد المعلومات وإضافة صور حديثة سيتم نشرها خلال الاشهر المقبلة.
عمان بلد الجمال
واختتم جورج بوب بقوله إن عمان بلاد جميلة ولديها الكثر من المقومات الطبيعية لجذب السياح إليها والتعريف على طبيعتها وتراثها الذي يستحق بذل كل الجهد للمحافظة عليه لأنّه يمثل أهم نقاط الجذب الرئيسية للسياحة في عمان، لأن الفنادق الكبيرة والإسمنتية موجودة في كل بقاع العالم ولم تعد مميزة، لكن عمان لديها بيئتها المميزة وتزخر بالتنوع الاحيائي ومفرداتها القديمة المرتبطة بالماضي الثري والمنسجمة مع الحاضر المتطور، ومن الطبيعي أننا إذا ما فكرنا بهذه الطريقة سنعمل على الحفظ علي هذه المقوّمات وتنمية السياحة دون المساس بالمكونات والمفردات الأصلية للبيئة العمانية.