الإرهاب لا يؤمن بالأديان

أعاد الحادث الأخير الذي شهدته مقاطعة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية إلى الواجهة ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا"، وهو المصطلح الذي أطلقته أبواق التطرّف في الغرب، منتصف تسعينيات القرن الماضي، في محاولة يائسة لوسم أي عنف بالإسلام.

وعلى الرغم من أصوات العقلاء في أوروبا وأمريكا وغيرهم من المثقفين حول العالم، للتأكيد على عنصرية المصطلح وافتقاره لأي من أدوات المنطق السليم، إلا أنّه لا يزال يستخدم على نطاق واسع في دوائر صنع القرار، وليس غريبًا أن يعود المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، ليتحدث عن "الإرهاب الإسلامي المتشدد"، بل إنّه وجد الفرصة مواتية لتعظيم ذاته المريضة قائلا إنّه تلقى "التهاني لأنّه كان على حق" في هذا الوصف الظالم. في حين أنّ منافسته هيلاري كلينتون عبّرت عن رفضها القاطع لـ"شيطنة المسلمين"، ما يؤكد حقيقة أنّ التطرف لا يعرف دينا أو جنسية بعينها.

شواهد عدة تكشف عن جهل كثير من الساسة الغربيين بموقف الإسلام الصريح من العمليات المسلحة والهجمات التي تستهدف المدنيين العزل، وفي المقابل يستخدم البعض هذا الجهل ليبرر هجومه على الإسلام والمسلمين، الذين يعانون أشد من غيرهم جراء مثل هذه العمليات الإرهابية.

الحقيقة الدامغة التي لا تقبل التشكيك، هي أنّ الإرهاب ومن ينفذون عمليات إرهابية لا يؤمنون بدين بعينه، فلا إرهابي يؤمن حق الإيمان بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية، غير أنّهم يتحججون بالقشور، ويجادلون بفقه لم يعرفه أي من علماء الدين. أعمال العنف الشرس التي اندلعت منذ أيام في مارسيليا بفرنسا قبيل مباراة انجلترا وروسيا لم يكن يشارك بها مسلمون، عمليات التقتيل والتهجير بحق المستضعفين في مختلف بقاع الأرض لا ترفع راية الإسلام، بل إنّ المسلمين هم المتضررون في أغلب الحوادث، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

إنّ حاجة ماسة إلى ردع الأبواق التي تلوث ثوب الإسلام الناصع باتت مطلبًا ملحًا، لوقف الافتراءات على دين التسامح والرحمة، وعلى المنظمات والهيئات الإسلامية حول العالم أن تبذل مزيدًا من الجهد لمحو الذهنيّة السلبية التي يسعى إلى ترسيخها المتطرفون أنفسهم.

تعليق عبر الفيس بوك