خلفان الطوقي
يزيد الاستياء يومًا بعد يوم في وسائل التواصل الاجتماعي وتكثر المقارنات، وهذا مؤشر غير صحي، وزاد الاستياء والتَّذمر والسلبية في الفترة الأخيرة بسبب تذبذب أسعار البترول كل شهر، وإجراءات التقشف في الإدارات الحكومية من إلغاء الترقيات وتقليل الإنفاق الحكومي والبيانات التي تصدر من وزارة المالية بين فترة وأخرى.
أتوقَّع أن هذا الاستياء سيتكرر وسيستمر من المواطنين البسطاء والذين يشكلون الأغلبية العظمى التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، ويعود السبب في ذلك إلى أنّهم يشعرون بأنّ حقوقهم ستقل يوماً بعد يوم وأنّ هناك إجراءات أخرى قادمة في الطريق ستزيد من معاناتهم، لذلك ستزيد وتيرة الاستياء يومًا بعد يوم لعدم وجود حيلة لهم إلا وسائل التواصل الاجتماعي، لعل أصواتهم تصل إلى الحكومة وتحرك المياه الراكدة باستحدث حزمة من الإصلاحات الاقتصادية وإيجاد حلول غير الحلول التي تمس حياتهم اليومية بشكل مُباشر.
تشعر هذه الفئة المستاءة وهي الغالبية العظمى أنّ فئة من النّاس حصلت وتحصل إلى هذا اللحظة على كل شيء من منح وأراضٍ تجارية ومكرمات واستثناءات ومساعدات مجزية وتسهيلات مبررة، لذلك يرون أن الحكومة تطبق التقشف والقوانين الصارمة عليهم "المواطن البسيط" دون غيرهم، أما الفئة الأخرى فلا تُطبق عليها نفس الإجراءات التي تطبق على هذه الفئة التي يصفونها بالمدللة، وكأنهم من كوكب ثانٍ، ويحق لهم ما لا يحق لغيرهم، ويرون أن هذه الفئة مدللة لعشرات السنين، وهم الأولى بالتضحية في أوقات الأزمات، وإن لم تضحي بما لديها من مزايا، فعلى الحكومة كأقل إجراء مساواة الجميع وتطبيق نفس السياسات والإجراءات على الجميع خاصة من الآن وصاعدا، ويرون أنّ الحكومة عليها إعلان ذلك بشفافية.
هذه الفئة ترى أنّ صمت الحكومة دليل على الكلام المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ هناك تمييز بين فئة وأخرى، وإلا فلماذا لا تخرج الحكومة وتقول إنّ ما يتم تداوله غير صحيح، وأن ما يتداول إنما هو فرضيات وليست حقائق، لذلك تلاحظ بين وقت وآخر أنّ البعض يبعث بملكية أرض لمسؤول حكومي بالكيلومترات وفي موقع كامل الخدمات وإستراتيجي وبمساحة شاسعة تتسع لقرية كاملة، وأحيانا صور جوية ملتقطة لقصور مسؤولين وتأتيك الصور الساخرة التي تثير حفيظة المواطن وخاصة المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة إلا الاستياء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتزيد من تذمره وسلبيته.
لهذه المقارنات آثار سلبية كثيرة وأهمها توسعة الفجوة بين الحكومة والمواطن، وخلق سلبية في الجو العام وآثار كثيرة لا داعي لذكرها لحساسيتها، ومن هذه الآثار قلة الإنتاجية في المؤسسات الحكومية بعد هذه الإجراءات التقشفية، وتلاحظها عند استياء المراجع لجهة حكومية لهذه الحالة سيرد عليك أحدهم باستياء من خلال حديثه أو من خلال سلوكياته التي تدل على استيائه، وسيبعث للمراجع برسالة صامتة مفادها أن قوة الدولة على البسطاء والكادحين، لذلك أيها "المراجع" اذهب ليقوم بعملك من هو مُكرم ومدلل من الحكومة.
وجهة نظري المتواضعة أنّه ما لم تكن الحكومة جادة وأقصد كلمة "جادة" في التحدث بلغة موحدة وشفافة لتوصيل فكرة أن الممارسات القادمة تشمل الجميع بدون استثناء، سيستمر الاستياء في نطاق واسع، ويصعب السيطرة عليه بعد حين، وأرى أنّ هذه الأزمة هي الفرصة الذهبية لها لاحتواء الجميع واستحداث سياسات منصفة للمزايا الحكومية وتكون معلنة من خلال تطبيقات تشمل الجميع، وأتوقع ألا يعترض عليها أحد، وهنا سيتعرف الجميع على معنى المواطنة الحقيقة لأنّه الوقت المناسب لتقديم تضحيات من الجميع وبدون استثناء، ومعرفة المحبة التي يكنها المواطنون لوطنهم وسلطانهم.