خريف التقشف

علي بن كفيتان بيت سعيد

بدأت أمس تباشير زخات الخريف على جبال ظفار التي تنتظر الفرج من الله بعد سنة عجفاء لم تسقط فيها أمطار منذ الخريف الماضي على ظفار باستثناء زخات على رأس سمحان الأشم، قبل عدة أشهر كما كانت السنة الأصعب حيث تراجعت أسعار النفط لأدنى مستوياتها ولكن مع هيجان بحر العرب وتصاعد السُّحب لكي تُعانق الجبال عاد النفط لاستعادة عافيته وبات يلامس سقف الـ 50 دولاراً جعل الله هذا الخريف فأل خير على عُمان وأهلها.

يتوقع الكثير من المُهتمين بمناشط مهرجان صلالة السياحي لهذا العام 2016م، أنّه سيكون مهرجان التَّقشف في ظل توجه الحكومة لتخفيض الإنفاق، فمُعظم المناشط التي يُشرف عليها المهرجان تدعمها جهات حكومية إن كان ذلك بشكلٍ مُباشر أو غير مباشر، مما يعني أنّ تجربة المهرجان لم تنضج بعد ولم يصل للمرحلة التي يعتمد فيها على نفسه وبمعنى آخر فإنّ المهرجان لم يخصخص وظلَّ مثله مثل مهرجان مسقط عالة على الموازنة العامة للدولة بالرغم من الميزات النوعية لمهرجان صلالة السياحي فمتى سنشهد المهرجان يمول عبر القطاع الخاص؟.

حسب الأرقام المُعلنة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإنّ زوار ظفار في تنامٍ بينما لا نعلم كم يصرف هؤلاء في رحلتهم إلى صلالة وإن ظهرت أرقام فهي تقديرات فقط وصناعة السياحة لا يُمكن قيامها على المزاج والتقديرات العشوائية فقبل أن يعترض عضو من أعضاء المجالس المحلية على مصاريف المهرجان يجب أن نقنع المجتمع بأنّ دخل الموسم السياحي يساوي أو يزيد عما يتم إنفاقه، لا شك أن بلدية ظفار تبذل قصارى جهدها في ظل مشاركة ضعيفة من قبل وزارة السياحة.

في الأعوام الماضية تستقطب صلالة الاجتماعات وورش العمل على هامش الخريف ومُعظم تلك المناشط ممولة من المال العام وفي ظل التقشف نتوقع قلة تلك المناشط هذا العام في ظل عدم نجاحنا في استقطاب ما يُعرف بسياحة المؤتمرات بالشكل الصحيح.

كما ظل الترويج محصوراً في (خريف صلالة) وكأن الخريف لا يشمل إلا صلالة بينما هناك أربع ولايات أخرى تعيش نفس الطقس الجميل وهي (مرباط - طاقة - رخيوت - ضلكوت)، ألم يحن الوقت لتغيير اسم ومفهوم الموسم السياحي في ظفار من فعاليات تُقام في سور البلدية بمنطقة أتين إلى توظيف جميع الميزات النوعية لظفار بولاياتها الجبلية والساحلية والصحراوية. إنّ جل التركيز ينصب على توفير مطاعم ودورات مياه ومواقف للسيارات وكأنّ السائح جاء ليأكل ويقضي حاجته عندنا، لابد أن يفهم من يقوم على تطوير السياحة بأنها مُنتج يدر الملايين على الخزانة العامة لكثير من الدول في العالم.

ما هو موقع هذه المحافظة الجميلة في خارطة إستراتيجية السياحة المرتقبة؟ هذا سؤال تكرر كثيرًا ولم نجد له جوابا إلى الآن كنّا نسمع في الأعوام الماضية مشكلة عدم توافر مواقع إيواء فاشتعلت صلالة بالمباني وضجت بالفنادق التي تظل معظم فترات السنة خاوية في انتظار هطول المطر الخريفي ومعه مواكب النّاس القادمة للاستمتاع بالهدوء والجو المنعش الجميل في ظفار. كما كانت هناك حجة المطار واليوم أصبح المطار ملائماً وهناك عدد من الرحلات الدولية وتضاعفت الرحلات الداخلية عبر الناقل الوطني صعب المراس وسمعنا عن ترخيص لتسيير رحلات للطيران التجاري سترى النور مع بداية العام المقبل وهذه كلها أخبار طيبة لكن الظاهر أنّ الجهات المعنية بتطوير السياحة لم تستوعب الموقف بعد.

يجب أن نفهم ماذا يُريد السائح عندما يشد الرحال إلى ظفار نريد التنوع بين سياحة المؤتمرات والسياحة الثقافية وسياحة المُغامرات والسياحة العائلية حالياً يأتي السائح ويسرح طوال النهار في الجبال الخضراء ويعود في المساء إلى حلبة البلدية في سهل أتين ولا توفر له خيارات أخرى للأسف، أين المتاحف ودور السينما والمُخيمات السياحية في الريف لكي يعيش الجو الخريفي وأخرى في جبل سمحان لكي يعيش السائح سياحة المغامرات الجبلية في ظل إمكانية عالية للطيران الشراعي من على قمم سمحان والنزول في ولاية مرباط ومخيمات أخرى في بادية ظفار الجميلة، الأمواج تكون عالية وهنا يمكن توظيف الولايات الساحلية مثل سدح وشليم لرياضة ركوب الأمواج.

كتبنا مراراً في عدة مقالات عن حديقة للحيوانات يُمكن إقامتها في مركز إكثار الحيوانات البرية التابع لوزارة البيئة بولاية مرباط وحديقة طبيعية رحبة وواسعة واقترحنا أن يتم استغلال محمية خور عوقد لهذا الهدف مع عدم الإخلال بطابعها البيئي وهذا يصب في جانب تطوير محميات الأخوار لتصبح مواقع جذب لما يُعرف بالسياحة البيئية وقد سبق أن تم تشكيل عدة لجان لتطوير تلك المحميات ولكن للأسف لم يتحقق الكثير في هذا الجانب رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة البيئة والشؤون المناخية في هذا المضمار.

ختاماً نتمنى ألا تنعكس سياسة التقشف على مهرجان صلالة السياحي لهذا العام.

حفظ الله عُمان وأدام على جلالة السُّلطان نعمة الصحة والعافية..

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة