"يورو 2016".. طموحات وتطلعات

حسين الغافري

التطلّعات المُرتقبة

نعيشُ خلال هذه الأيام الرمضانية سهرات كروية بأطباق كُروية دسمة، فمع مُتابعة لمنافسات كوبا أمريكا، وما ننتظره يومياً من متعة كروية مُرتقبة سواء من الأرجنتين بلاد الشمس وراقصي السامبا البرازيلية وحامل اللقب تشيلي.. أو حتى من أحصنة سوداء أُخرى تسحب البساط خارج المألوف، فقد واكب بطولة الكوبا مُنذ إيام إنطلاق لبطولة اليورو بفرنسا. وإذا ما تحدثنا عن اليورو فإننا نتحدث عن الكرة الحقيقية بكل أوصافها. ولعل بطولة كاليورو تُصنّف "فعلياً" البطولة الأقوى منافسةً عبر العالم على صعيد المُنتخبات كما يقول ذلك كثير من الخبراء والمُتابعين متجاوزين فيها بطولة كأس العالم التي لربما تقدم لقاءات كثيرة تُظّهر من خلالها فوارق وإمكانيات فنية بشكل ملموس بين المُنتخبات، مع أنني شخصياً أجد متعة أيضاً في بطولة أمم إفريقيا؛ لتنافسها الشرس وقتالية اللاعبين في الملعب.

لربما في أمم أوروبا لا يحدث ذلك كثيراً في أن تُشاهد فوارق فنية متكررة خلال لقاءات البطولة؛ نظراً لما تشكله مُنتخبات القارة العجوز لمحور الرئاسة في كرة القدم والبقعة الأم للكرة الاحترافية الحديثة. مع أنَّ المتوقع هذا العام انخفاض نسبي في شراسة هذه المنافسة على الأقل في دور المجموعات على عكس ما حدث في الدورتين السابقتين وخروج عدة منتخبات كبيرة كانت مرشحة للذهاب لأدوار متقدمة. ولكن لربما خيار ترفيع عدد المشاركين من 16 منتخب سابقاً إلى 24 مُنتخب في يورو 2016 سيقلل مثل هذه المفاجآت.

طموحات المستضيف

ما يشّد الانتباه كالعادة في أي مناسبة رياضية هو مدى جاهزية المستضيف وحضوره التنظيمي والفني خلال البطولة. من ناحية التنظيم، قد تبدو الأمور يعكر صفوها إلا تلك الفوضى الجماهيرية وأعمال الشغب خاصة من الجمهور الإنجليزي والروسي وهو أمر قد لا يصعب احتواؤه، ومؤكد أنَّ كل حدث رياضي يُنتظر كهذه الأفعال في أسوء الأحوال. أمر آخر يبدو مقلقاً أيضاً، وهو ما تعيشه فرنسا هذه الأيام من أجواء مناخية غير مُستقرة أنتجت فيضانات على نطاق واسع، وأمطار غزيرة على مُعظم أنحاء فرنسا والعاصمة باريس. وبحسب التقارير الإخبارية تُعد هذه الفيضانات الاستثنائية الأسوأ منذُ ما يقارب القرن تقريباً، وقد وصل ارتفاع نهر السين لأعلى مستوياته خلال آخر ثلاث عقود. ومع هذه الأجواء "الباردة" يأمل الفرنسيون أن يخالف فيها مُنتخبهم الشاب والجديد ليكون "حاراً" بالملعب ويذهب بعيداً خلال أدوار البطولة ومن ثم تحقيق اللقب. فرنسا اليوم تراهن بأسماء جديدة مؤمل أن تحذو حذو جيل زيدان وهنري وتورام وتريزيجيه وبارتيز...وغيرهم. اليوم يحل جيل بوجبا وكانتي ولوريس وجيريزمان وجيرو بقيادة الفرنسي ديشامب وقد قدم المُنتخب شكل غير متوازن في أول لقاءاته رغم فوزنه بآخر اللحظات .. ولكن لربما هي صعوبة البدايات ليس إلا!.

تطلّعات رونالدو

بطولة اليورو لا تبدو حدثا عابرا لنجم البرتغال وريال مدريد والتي عرفت بدايته في العام 2004م بوطنه البرتغال وقدمته كاسم جديد حلّق في سماء النجومية إلى اليوم. بداية يورو البرتغال تنبئت بولادة نجم كبير صال وجال في الملاعب وحقق من الألقاب ما يُثبت قيمته الفنية باستمرار وآخرها قبل أقل من شهر لقب وهداف بطولة دوري أبطال أوروبا. يصل رونالدو إلى هذه البطولة وهو على قاب قوسين من دخول التاريخ بثلاثة أهداف تضعه على قمة هدافي البرتغال تاريخياً، ولعل قيادته لبلاده وتجاوز الدور الأول والذهاب بعيداً في أدوار البطولة سترفع أسهمه في استفتاء الكرة الذهبية المقبل. صحيح أنَّ الوقت مبكر حتى بداية العام المقبل، إلا أنَّ الأحداث الرياضية كهذه مهمة في التصويت، وأعتقد أنَّ رونالدو مُتقدم في هذا الصراع خطوة إضافية عن منافسه ميسي بتحقيقه لقب هام كدوري الأبطال وهدافاً للبطولة كذلك. ولكن حضور ميسي وقيادته للأرجنتين للقب كوبا أمريكا قد يقلب الطاولة على رونالدو خصوصاً إذا لم يقدم ما يشفع له خلال بطولة اليورو الحالية. إذاً هي منافسة خاصة لرونالدو مُنتظر منه صورة مغايرة عن صورة برتغال كأس العالم الأخيرة إذا ما أراد لقب الكرة الذهبية مجدداً. وأجزم إنها لن تخرج مجدداً عن الثنائي ميسي ورونالدو.

طموحات جديدة

تدخل مُنتخبات عديدة صراع اليورو كأول مرة. هي فرصة مُناسبة لا تشوبها ضغوطات كبيرة مثل ضغوطات جماهير كبار القارة كإسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا مثلاً. الضغوطات شبه معدودة إذا ما تحدثنا عن ويلز ورومانيا وألبانيا وسلوفاكيا والنمسا وإيرلندا الجنوبية والشمالية وحتى أوكرانيا والبقية. هي فرصة للعب كرة قدم غير معقدة قد تنتج مفاجأة وصعود للدور المقبل وهو أمر لمسناه من أول لقاءات البطولة عندما قدمت رومانيا كرة قدم تنافسية أمام فرنسا وكانت تستحق على الأقل الخروج بتعادل!. صحيح أن الفرصة قد تبدو ضئيلة في رؤية يونان ريهاجل جديدة تتسلل صعوداً نحو اللقب ولكن هي فرصة أخرى لبروز أسماء رياضية تسرق العدسات والأضواء. البطولة مناسبة هامة لسماسرة كرة القدم والأعين تترقب ولادة نجوم تنتقل إلى كبار أندية العالم مثلما شاهدنا أضواء العدسات لباييه بطل فرنسا في الافتتاح.

تعليق عبر الفيس بوك