(ميني) إسلام!!

إضاءة

مسعود الحمداني

حدث قبل أيام، في إحدى الدول الأوروبية..أنْ خطبتْ امرأة وأمّت أخرى الرجال والنساء في صلاة الجمعة!!..

إلى الآن يبدو الخبر معتادًا..فهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.. كانت هناك محاولات لكسر هذا (التابو) المُقدّس لإمامة الرجل، وقد حدث ذلك في الولايات المُتحدة، وفي دول أوربية أخرى، وأجازها بعض علماء الدين!!..

في هذه الصلاة (المختلطة) اصطفت النساء والرجال جنباً إلى جنب في الصفوف إعلاناً للمساواة بينهما!!..وهذا كذلك أمر ليس بجديد..فهناك حالات مُشابهة حصلت في أكثر من مكان..

في هذه الصلاة (الحداثية)..لم ترتدِ (الإمامة والخطيبة والمؤذنة) الحجاب وكانت المأمومات حاسرات الرأس..!!..على اعتبار أنّ ذلك يدخل في مشروع تجديد (الخطاب الإسلامي المُتخلّف)!!..وهذا أيضًا لا غرابة فيه لأنّه يُعتبر (جهلا بالتبعية)!!.

ولإضفاء مزيدٍ من الروحانية والتجديد الحداثي على هذه الصلاة (الأوروبية).. قام أحد الموسيقيين العرب بعزف بعض المقطوعات على آلة العود (الشرقية) بين الخطبتين كفاصل روحاني..!!

ما سبق ليس نكتة أو كوميديا هزلية لشارلي شابلن..بل هو واقع لمشهدٍ مضحكٍ مبكٍ حدث قبل أيام في سويسرا وأثار استياء الكثيرين، كما حُظي بتأييد آخرين..

مشهدٌ مضحكٌ لأنّه أشبه بتلك المسرحية المتحاملة التي تُقدّم الدين (الليبرالي) بصورةٍ ساخرة..ومبكٍ لأنّ من ألّف هذه المسرحية وأخرجها نساءٌ (مُسلماتٌ) أكاديمياتٌ من أصولٍ عربية ينتمي بعضهن إلى شبه الجزيرة العربية!!..خرجن من بيئة مُعقدة، ومتزمتة، إلى بيئةٍ غربيةٍ مفتوحةٍ على مصراعيها لكل العبث، فأصبح حلمهن في هذه الحياة هو التخلُّص من عقدة الماضي، وهدم كل ما هو ثابت، وتحويله إلى ركام، وبناء كيانٍ اجتماعي لا علاقة للدين به، شعارهن (المساواة بين الرجل والمرأة) في كل شيء، وابتكار أشكالٍ (مودرن) للصلاة والعبادات يتوافق مع أهوائهن، ومع الصورة المتخيلة لـ (دينهنّ الجديد)..!!.

هناك إسلام (حداثيّ) يتشكّل في الغرب حالياً، يقوده ـ للأسف ـ بعض المُسلمين (بالوراثة)، وستصل آثاره عاجلاً أم آجلا إلى كثير من الدول العربية المُسلمة، لأنّ هذه الدعوات وجدت في أوروبا أرضًا صالحة أو (طالحة) للتوغل والانتشار، غذّته صورة الإسلام (الإرهابي المرعب) من جهة، ووجود ثأرات دفينة في نفوس (اللادينيين) للتخلص من تبعات كل ما يمت للإسلام بصلةٍ، إلى جانب محاولات بعض الدول الغربية لفرض خطوطٍ حمراء للممارسات العقائدية، من خلال التشكيك، والتقليل من أهمية الواجبات الدينية، ودعم المنظمات والأفراد الذين يسيرون في فلك هذا المشروع التدميري، الذي بدأ بتخليص المناهج التربوية الإسلامية من (آيات الكراهية) بعد أحداث سبتمبر 2011م، وتحويلها إلى مناهج تتفق مع النظرة الغربية للعولمة، والتي لا تعترف بخصوصية المُجتمعات ودياناتها، ويمر هذا المشروع حاليًا بحالات تشكّل، وإرهاصات هدمٍ واضحة، بأيدي مجموعة من الجهلة (المتأسلمين)، ولا نعرف إلى أين ومتى سينتهي.

لن نستغرب يومًا لو وجدنا أنّ دولاً عربية وإسلامية سمحت بزواج الشواذ، أو رأينا نساءً ورجالاً جنبا إلى جنب في صف واحد في المسجد والإمام الأنثى تقول لهم: (تراصّوا، وسوّوا الصفوف..)، أو أننا سمعنا فرقة (امعلاية) الشعبية تعزف بين خطبتيّ الجمعة، وسنجد بالطبع من يفتي بجواز كل ذلك، فلكل زمن علماؤه، ومعلموه، وسنجد أنّ ما لا نتخيّله اليوم، هو الواقع الذي علينا (التعايش) معه غدًا.. وإلى الأبد.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك