" الكرة في مضربهم"

ايمان الحريبية

تخطو ريادة الأعمال في السَّلطنة خطواتٍ حثيثةٍ لبناء قاعدةٍ رصينةٍ لهذا القطاع الواعد الذي يُمكن أن يؤمل منه أن يحدث تنويعًا اقتصادياً كما وكيفًا إذا ما تهيأت له البيئة المواتية لنموه وتطوره فمنذ تأسيس الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، شكَّلت الوعاء الحاضن لهذا القطاع ليُقدم الدعم الفني ويكون مرجعاً لرواد الأعمال ولينمو هذا القطاع على أسس وإستراتيجيات واضحة ويأخذ بأيدي الجادين من الرواد ليلهموا غيرهم من الراغبين في دخول غمار عالم الأعمال وريادتها ليخلقوا فيما بينهم قصص نجاح تلهم الأجيال وتنمو معها الخبرات في بيئة خصبة مُتجددة الأفكار مليئة بالإبداع والابتكار الذي يولد بدوره المنافسة والتجويد في المنتجات. وهناك دور كبير يقع على عاتق ثلاثة أطراف وهي الحكومة والكثير من البرامج والدعم عن طريق "ريادة" و"صندوق الرفد" وغيرها من المؤسسات الحكومية التي تأخذ بقرارات ندوة سيح الشامخات وتقدم الفرص لرواد الأعمال وتدعم جهودهم ومشاريعهم. وهناك دور آخر يقع على عاتق القطاع الخاص ويتمثل في الأخذ بيد الرواد والوقوف على مشاريعهم وهناك مؤشرات طيبة هنا وهناك تتناغم من تدريب وتأهيل وتمويل ودعم فني ومالي وتخصيص الجوائز لذلك كجائزة الرؤية الاقتصادية التي تفرد لرواد الأعمال والأعمال المنزلية ست جوائز سنوية ضمن فئات الجائزة. وثالثا دور المجتمع في دعم رواد الأعمال وهذا الأمر ضروري ليحاط رواد الأعمال بروح إيجابية من المُجتمع تدفعهم لمواصلة أعمالهم فتغيير ثقافة المجتمع لدعم رواد الأعمال تظهر بوادرها من خلال قياس حجم الإقبال على مشاريع ريادة الأعمال والتفكير فيها كخيار ومسار موازٍ للعمل الحكومي والعمل في القطاع الخاص ويمكن أن يبدأ ذلك من الأسرة التي تغرس في أبنائها مثل هذه الاتجاهات ويدعمها دور المدرسة وما فيها من خدمات تدعم ذلك كالتوجيه المهني على سبيل المثال وتعزز ذلك المجالات التي تتيحها الأنشطة المدرسية أيضًا، ولعل من أبرز ما يتم تقديمه على صعيد المؤسسات التعليمية ما تُقدمه مؤسسة إنجاز عُمان من مسابقة هادفة لإيجاد شركات طلابية تلهم الطلبة لإيجاد مشاريعهم ويتعلمون من خلال هذه التجربة الكثير من المهارات، التي يحتاجها رواد الأعمال فيبقى على هؤلاء الطلبة البحث عن سبل تطوير مشاريعهم والاستفادة مما يُتاح لهم من دعم لتنمية هذه المشاريع، وتحويلها إلى أفكار وشركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة مستقبلاً بمشيئة الله تعالى.

فيجب أن تنشأ لدى المجتمع مسؤولية وطنية لدعم هذا القطاع بشراء منتجاته والترويج لها وإقامة المعارض، فعلى سبيل المثال معرض الأسر المنتجة الذي أسدل ستاره مؤخرًا في ولاية صلالة والذي قدّم تجارب لمشاريع مختلفة وناجحة بشراكة ما بين ريادة ولجنة صاحبات الأعمال بفرع غرفة تجارة وصناعة ظفار في تجميع العشرات من رائدات الأعمال وصاحبات المشاريع المنزلية في خطوة تُعزز الثقة في مثل هذه المشاريع وقدرات الرواد وتعرف بهم وبمشاريعهم وتكسبهم المهارات اللازمة للتعامل مع الجمهور من جانب آخر.

وأخيراً .. ريادة الأعمال ثقافة وتجربة خاضها الكثيرون على مر الزمن ولكنها تتبلور الآن في هذا البلد بدعم سامٍ من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – عندما قال إن " الكرة في مضربنا" وهو يشير بارتياح إلى ما أبداه شباب الوطن من همة وإقبال على العمل الحر وتنفيذ المشاريع ليأخذوا بالأسباب ويمضوا قدمًا لاستكمال هذا الدرب الواعد بهمة عالية وعزائم ماضية .. والله الموفق ..

تعليق عبر الفيس بوك