"سفراء عمان"

خلفان الطوقي

ليس المقصود بسفراء عُمان في هذه المقالة السفراء الذين يصدر بتعيينهم مرسوم سلطاني من صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- ليكونوا مُمثلين لمولانا في دول العالم التي تربطنا بها علاقات دولية، بل المقصود كل من حصل على فرصة تمثيل السلطنة خارج الدولة في المحافل الدولية في مُهمات عمل حكومية أو مشاركاً في معارض سياحية أو تعليمية أو تجارية وغيرها من المؤتمرات أو المعارض الممولة من ميزانية الدولة أو بتمويل من مؤسسات إقليمية ودولية لتمثيل السلطنة.

ما دعاني أن أكتب في هذا الموضوع عدة مشاركات دولية كنت جزءًا منها أو من خلال تواجدي في هذه الفعاليات بصفتي الشخصية، وما شاهدته بنفسي ومع توافق آرائي مع آراء من تحدثت معهم حول الملاحظات المُتكررة حول عدم تمثيل السلطنة بشكل يليق باسمها وما تستحقه، ولتفادي تكرار هذه الملاحظات يُمكن لممثلي السلطنة أن يكون ثمثليهم أفضل بكثير من تمثيلهم الحالي، وسأسرد واقعة حقيقية لتوضيح ما أقصد.

ففي إحدى السنوات أتيحت لي فرصة المشاركة في إحدى المُناسبات خارج الوطن مع وفد كبير لفعالية وطنية تمتد لحوالي أسبوع وبتمويل كامل من موازنة الدولة، وكانت مُشاركتي كإداري وليس كمسوق أو بمعنى أصح مهمتي كانت تقتصر على القيام بأعمال ثانوية وليس الأعمال الأساسية، أي ليس لي علاقة جوهرية بالتواصل مع جمهور تلك الدولة، وبدأ العمل الفعلي، فتفاجأت بجلوس وفدنا مع بعضهم البعض معظم الوقت وعدم إكتراثهم بمن حولهم، والذي يفترض منهم في تلك الأوقات أن يتحدثوا مع الجمهور الحاضر من تلك الدولة ويتفاعلوا معهم ويروجوا للسلطنة وكنوزها المختلفة، علمًا بأنّ الفعالية كانت تحمل اسم عُمان، وللأسف الشديد انصب تركيزهم في لحظات لا تتعدى النصف ساعة أثناء الافتتاح الرسمي فقط، أما غير ذلك فلا أهمية له، فاستغربت موقف معظمهم بعدم المبالاة وعدم تحمل المسؤولية، وبسبب صدمتي بما حصل تحدثت مع رئيس الوفد، فردَّ عليَّ باحترام وبلباقة بأنّه لا يستطيع أن يتحدث إليهم بسبب أنّهم أناس وقامات معروفة وكبار سن لا يستطيع تغيير طباعهم، ولدي قصص حقيقة كثيرة تتشابه في محتواها، ومُعظمها صادم ومحزن.

لا يختلف اثنان في أنّ قدرات ومهارات الأفراد تختلف من فرد لفرد، وقد تظهر هذه القدرات والمهارات المكتسبة في أي محفل سواء كان في بيئة العمل أو خارجها أو داخل السلطنة أو خارجها، لكن ما يستوجب الكتابة أنّ معظم هذه المشاركات يكون تمويلها من موازنة الدولة بشكل كامل أو جزئي، وأهم من ذلك أن اسم السلطنة يكون جزءًا من الحدث، لذلك فمن الواجب أن يكون للدولة رأي في أي ترشيح لتمثيل السلطنة وخاصة في المحافل الدولية، ولو أن التثميل كان شخصياً أو نزهة عائلية لما تطرقنا للموضوع.

وبما أنّ قرار دعم تمثيل السلطنة في المحافل الدولية مرتبط بمصاريف تتحملها ميزانية الدولة ولها علاقة بواجهة وسمعة السلطنة، لذلك لابد من مراعاة ذلك في أيّ قرار للمشاركة الخارجية سواء كان من جهة حكومية أو شبه حكومية أو مدعوماً من الشركات الحكومية جزئياً أو كليًا، لذلك يجب وضع اعتبارات في الحسبان ومعايير لتعتبر من الثوابت لاحقًا، أقلها اللباقة والقدرة على الحديث والانفتاح في التفكير وسهولة الاندماج مع الآخرين سواء مع الوفود اﻷخرى من تلك الدول أو الجمهور المُستهدف وإلمام المرشح بأهداف المشاركة ومبادئ التسويق، اﻹنصاف في الترشيحات للمشاركات الخارجية لن يتأتى إلا بالابتعاد عن المجاملة والاعتماد على القرارات الفردية التي غالباً ما تكون مبنية على الأمزجة المتقلبة، وخلاصة القول أننا لن ننتقل للقرارات المؤسسية إلا بوضع مصلحة وسمعة السلطنة في قمة كل ما نقوم به، وعليه أقترح وضع دليل استرشادي وآليات ومعايير واضحة في الترشيحات، ويفضل إعطاء دورات تدريبية للمتحدثين أو المُمثلين الرسميين باسم الحكومة وخاصة المشاركين خارج السلطنة أو جهات عملهم إضافة إلى تدريب الوفد المشارك على بروتوكولات وإتيكت المحافل الدولية.

تعليق عبر الفيس بوك