العرب.. أين الخلل؟!

 

طالب المقبالي

لا أحب السياسة ولا أحب الخوض فيها، لكننا أحيانا نجد أنفسنا ننجر إلى الحديث فيها؛ لما نشاهده من تداعيات الحروب التي يذهب ضحيتها الأبرياء من الشعوب دون ذنب اقترفوه، ودون مشاركة في تلك الحروب، التي غالبا ما تحدث نتيجة خطط وأجندات خارجية تخدم مصالحها السياسية والاقتصادية لا سيما في استمرار إيجاد أسواق نشطة لتسويق السلاح، مما جعل البلاد العربية سوقا رائجة لتجارة واستهلاك السلاح الغربي.

فقد اختيرت بلداننا العربية كساحات للحروب فوجدت أرضية خصبة للصراعات والحروب والفتن، وعالمنا العربي ينجر سريعا خلف هذه الخطط التدميرية التي تستهدف الإنسان والأوطان وتدمر بنياتها الأساسية؛ لتبقى رهينة للغرب بكل متطلباتها واحتياجاتها، وتبقى تجارة السلاح رائجة.

فقد بدأت بعض دولنا العربية تنهض اقتصاديا وصناعيا مما يشكل هاجسًا مرعبا للغرب، وتخوفا من اكتفاء الأمة العربية بما تنتجه بلدانها من غذاء وملبس، والكثير من المستلزمات الضرورية التي بدأت بلداننا العربية فعليا بإنتاجها؛ وبالتالي هناك هاجس بأن تستغني دولنا عن كثير من المنتجات الغربية في كثير من احتياجاتها.

وهناك معلومات تلقاها الغرب منذ سنين بأنّ جمهوريّة السودان لديها الأرضية الخصبة لتكون سلة الغذاء لجميع الدول العربية فيما لو أقامت الدول العربية مشاريع استثمارية في مجال الزراعة في هذا البلد الكبير.. مجرد التفكير في هذا الأمر يؤرق الغرب ويخشى من قيام الدول العربية لا سيما دول الخليج الغنية بالنفط من الاستثمار في هذا المجال في جمهورية السودان الشقيقة.

فمنذ أن سمعت في صغري هذه العبارة وأنا أفكر فيها كثيرًا، وأحلم يومًا أن تصبح بلداننا العربية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء كأقل تقدير خاصة بعد الغش التجاري للمنتجات التي ترد إلينا من الغرب.

فقد سمعنا مراراً أنّ بعض البلدان الغربية تمنع تداول وبيع المنتجات الغذائية المُعدة للتصدير إلى الدول العربية دون إيضاح الأسباب.

وهذا الأمر لا يحتاج إلى كثير من التفكير، مما يعطينا دلالة واضحة أنّ المواطن العربي في الدول الغربية لا قيمة له.

في المقابل نجد أنّ المواد الغذائية المصدرة للغرب من بلداننا العربية لا سيما الأسماك تخضع لاشتراطات ومواصفات غاية في الدقة، وغالباً ما نسمع عن استرجاع شحنات من بضائعنا المصدرة للغرب بحجة عدم مطابقتها للمواصفات الأوروبية التي تسمح بتداولها في تلك الدول.
وليس خافياً على أحد تلك القضايا التي رفعت في عدد من البلدان الأوروبية وأمريكا على كثير من الشركات التجارية والصناعية العمانية، والتي تعلن عنها وزارة التجارة والصناعة بين حين وآخر عن كسب السلطنة لقضايا رفعت على بعض صناعاتنا الوطنيّة التي بدأت تغزو الأسواق الغربية، مما يدلل على أنّ صناعاتنا أصبحت بالفعل تشكل قلقاً على الشركات المُصنعة في تلك الدول.

وبالعودة إلى الحروب والمؤامرات العديدة التي حدثت في بلداننا العربية بدءًا من العراق مهد التاريخ والحضارة إلى الربيع العربي الذي اطلق عليه باطلا هذا الاسم، والذي أطلق عليه عقلاء العرب لاحقًا بالخريف العربي الذي لم يخلف سوى الدمار في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وقد عمّت أضراره جميع البلدان العربية.

وما يحزننا اليوم المشهد السوري الذي دمّر وشتت شعبه الذي امتلأت به مخيمات اللاجئين.

لقد ديست كرامة الشام والشاميين الأبيّة، وأصبحت تتقاذفهم الأمواج وتطردهم الدول من بلدانها بعد أن هُجِّروا من أوطانهم.

وهنا يستحضرني المشهد اليمني ويدور في ذهني تساؤل سرعان ما وجدت إجابة عنه.

لماذا لم يهاجر الشعب اليمني من بلاده رغم الحرب الطاحنة التي ما زالت تدور رحاها حتى يومنا هذا؟ ولماذا لم تغتصب نساؤه؟

الشعب اليمني شعب مسلح يحمل السلاح، ويستطيع الذود عن حياضه، ومحاربة العصابات التي تنشأ جراء الحروب، ويستطيع الذود عن أرضه وعرضه، ومن الصعب تهجيره، وهذه من فوائد تسليح الشعوب.

فلو كان الشعب السوري مسلحًا لما سمعنا بما نسمعه اليوم من مصائب تطال الشعب السوري في البلدان التي يلجأ إليها، من جانب آخر يرى البعض أنّ المواطن اليمني لم يجد في الجوار الأرضيّة المناسبة للجوء وللهجرة من بلاده مما فضّل خيار المقاومة.

muqbali@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك