ملوك الكرة.. وتاريخ مُتجدِّد

حسين الغافري

مُباراة قمة أقل ما يُقال عنها بأنها نهائي غني بمتعة كرة القدم. غني بكرة أوروبية أصبحت تتجاوز القارات الأخرى مسافات شاسعة لا تكاد تُرى من جوانب كثيرة متشعبة. ريال مدريد التاريخي وملك البطولة وسيدها وزعيمها بإنجازاته وبطولاته وحتى بحضوره عاد مرةً أخرى على كرسيه المرصع تاريخاً لا يمكن أن يُطال على الأقل حتى نهاية هذا العقد الجاري. أما أتلتيكو جاره بالعاصمة الإسبانية وخصمه في نهائي الحُلم والذي أحدث علامة فارقة مع مُدربه سيميوني وفرض نفسه بوجود مجموعة صعبة كونها فكرا أرجنتينيا مُحفّزا، وقتالية زُرِعتّ زرعاً داخل عقول وقلوب الفريق ككل.. حتى في الجمهور ولا أُبالغ. نهائي إسباني جديد وحصاد إسباني جديد أيضاً.. يكفي أن نعلم بأن آخر ثلاثة أعوام ذهبت لإسبانيا في بطولات أوروبا الكبرى من دوري أبطال أو دوري أوروبي، وعلى موعد مرتقب مع بطل عالمي لكأس الأندية جديد بثالث عام متتالٍ وهو دليل آخر يعزز قوة كرة إسبانيا نظير الفوارق الفنية والبون الرياضي المتصاعد. قد نختلف في جزئيات مُعينة والحديث سيتشعب بالسيادة الكروية والبطولات الأقوى والشعبية الأكبر ولكن لاشك ولا جدال أمام واقع نعيشه يجعل الأسبان فوق الجميع على الأقل في آخر عشر أعوام.. وهو أمر قد تطرقنا إليه كثيراً في مقالات سابقة.

نعم، ففي النهائي بطل واحد وفائز واحد، ولكن جهد الوصول إلى هذه المرحلة يجعل المشاهد فائزاً قبل اللاعبين.. فائزًا بوجبة كروية دسمة طيلة اللقاء.. فائزًا بمباراة أخذت جهدَ لاعبي الفريقين من صافرتها الأولى وحتى الأخيرة.. مُباراة عملاقة شهدت تنافسًا على مستوى عالٍ جدًّا كسبه الزعيم وملك أوروبا في نهاية اللقاء. أتلتيكو مدريد قدم واحدة من اللقاءات الكبرى وما أكثر لقاءاته على هذه الشاكلة فقد أزاح عمالقة كرة القدم وأخضع تكتيكات ومدارس رُشّحت على لعب أدوار متقدمة. أخرج حامل اللقب برشلونة في لقاء عملاق، وأخرج بايرن ميونخ بفكر مدربه جوارديولا وكان قريبا جداً من حلم أوروبا بعدما حاول أن يطاله قبل موسمين ولكن هيهات! وبالجانب آخر، فإن ريال مدريد عاد لمعشوقته دوري أبطال أوروبا وأخضعها من جديد.

... اللقاء ظلَّ عصياً طيلة الأشواط الأصلية والإضافية من ترجمة للفرص القريبة من التسجيل، حتى حُسمت بضربات حظ ترجيحية بخمسة لأربعة وبحسم البرتغالي رونالدو. ومن أنَّ الفوز كان مستحقاً للريال إلا أنه عرف كيف يمتص حماس أتلتيكو منذ البداية وهو ما كان في الهجوم المستمر على المرمى منذ صافرة بداية اللقاء مما جعل حسابات الأتلتيكو مرتبكة بعض الشيء بهدف راموس المُبكر.. وهو أمر شاهدناه كثيراً في لقاءات الأتلتيكو فجودة حضورهم بعد التخلف بهدف تكون أضعف مما لو كان العكس. ومع ذلك، فالريال واصل سعيه لهدف ثانٍ وسيادته لشوط المباراة الأول. وفي شوط اللقاء الثاني كان الوضع مُختلفا وحصل أتلتيكو على أكثر من مناسبة للتعادل وغاب التوفيق للفرنسي جريزمان في ضربة الجزاء. إجمالاً فقد استحق الريال اللقب وسعى إليه ولو إن المباراة كادت تفلت منهم بتبديلات زيدان غير المستساغة بعض الشيء، خصوصاً في خروج الألماني كروس إن لم يكن يعاني من أي ألم. ومع ذلك فاللقاء أثبت مجددًا عظمة نادي العاصمة الإسبانية وتسيده للمشهد العالمي كأكثر من حقق اللقب في نُسخها السابقة وشكلها الجديد. نختلف في الرؤى، ولكن أفضلية النادي الملكي وزعامته لأوروبا لا ناقش فيها.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة