شريفة الصارخي
النجاح حق مشروع لكل من يستحقه بلا منازع؛ ولكن غير المشروع هو أن يسعى البعض وراء نجاحه بطرق بشعة جدًا؛ مثل محاولته إحباط الآخر وتدميره معنويا على أمل البقاء في الساحة بلا منافس؛ متجاهلا حقيقة أنّ وجود المنافسة الشريفة يعد من أقوى الدوافع نحو اﻹبداع والتفوق والنجاح.
ومن الظواهر المزعجة والمقلقة التي نلاحظها بين طلاب النجاح سواء كانوا طلاب علم أو موظفين هي وجود أولئك الذين يرون تحقيق النجاح في القضاء على الآخر، ونبذه من دائرة المنافسة فمنهم من يكرس جهده في نشر السلبية بين أقرانه وزملائه بهدف امتصاص طاقتهم اﻹيجابية وملئهم بالسلبية، وهو في داخله يخطط لزعزعتهم والتخلص من وجودهم كمنافسين له في مجال الدراسة أو في مجال العمل. وبغض النظر عن مدى تأثير ذلك على الآخر فإنه ليس من أخلاقيات العمل ولا من أخلاقيات التعامل. فالطالب حين يحاول تصوير المادة الدراسية لزميله على أنها مادة صعبة، وأن مدرس المادة لا يُحتمل، وأنّ الحصول على معدل مرتفع أمر شبه مستحيل وهو في داخله يؤمن بأنّه قادر، وأنّ الأمر بالنسبة له العكس فهو بذلك يحاول تدمير زميله معنويا بقدر المستطاع ليكتب لنفسه البقاء صامدا متخلصا من منافسه؛ متخيّلا أنّ الساحة الخالية من المنافسين تجعل طريقه نحو نيل النجاح، كما يراه هو، يصبح أسهل بكثير. والحقيقة أنّ أمثال هؤلاء وإن نجحوا فإنّ نجاحهم لا يكاد يعتبر نجاحا كما لو كان نتاج منافسة شريفة وتفاعل مع الآخر والاستفادة من خبرته ومعرفته وحسن معاملته، فأي نجاح هذا الذي يمكن أن يتحقق وهو قائم على التخلص من الآخر، وتجنب منافسته والعمل بإبداع للتفوق عليه والاستفادة من وجوده والتعلم من أخطائنا وأخطائه كوننا نعمل في نفس المجال.
إنّ من مطالب النجاح والتي لا يختلف عليها اثنان هي تقبل المنافسة الشريفة على أنّها دافع لبذل المزيد والعمل بإبداع وليس على أنّها عقبة تحد بيننا وبين التفوق، وتجعل طريقنا نحو تحقيق النجاح أكثر صعوبة فيصيبنا وجودها باليأس ويدعونا للتراجع. ووجود المنافسة وروح التنافس يجب أن يلاقي تقديرا إيجابيا من قبل كل طالب علم، ومن قبل كل موظف ومن قبل كل مجتهد في أي مجال كان؛ ﻷنّها باﻹضافة إلى كونها دافعا حقيقيا نحو بذل المزيد والتميز فإنّ وجودها يخلق أناسا مبدعين وبأساليب عمل خلاقة كما أنها تصنع أرواحا قوية تتحلى بخبرة ومعرفة في كيفية التعامل مع الأخر وبأخلاق العمل الجماعي. والأمر الذي لابد يعيه الجميع أن وجود من ينافسنا إنما هو يدفعنا للبذل وإذا ما تفوقنا فلا يجب أن ننكر دور الآخر فهو جزء من نجاحنا، كما أن تفوقنا لم يسمى تفوق إلا بعد أن تمت مقارنته بما حققه الآخر.