حمد الرحبي
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطنة ودول الخليج وبعض دول العالم، وتعددت التحليلات والتفسيرات، حيث الكل يدلو بدلوه، وفي هذا المقال أود الحديث عن الحلول لا عن البقاء في دوامة أمواج المشكلة، وكما هو معلوم فإنّ السلطنة خلال العقود الماضية مرّت بالعديد من المواقف سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو بيئية وغيرها وكان التعامل معها بحكمة واقتدار شهد على ذلك القريب والبعيد ولعلّ من بينها ما تعرّضت له السلطنة من أنواء مناخيّة غير طبيعة أدّت إلى أضرار وتداعيات ليس هنا المجال لشرحها ولكن ما يهمنا هو كيفية تعامل السلطنة مع هذه الأزمة حكومة وشعبا، طبعا كان هناك تكاتف بكل ما تعنيه الكلمة من معاني التعاضد بين الحكومة وأفراد المجتمع العماني للخروج من تلك المحنة التي سطرت السلطنة حكومة وشعبًا مفردات الصمود والتعاون والتكاتف واستفاد الجميع من هذه التجربة، حيث تم تشكيل اللجنة الوطنية الدفاع المدني واستحداث وزارة باسم وزارة البيئة والشوون المناخية وغيرها من الإجراءات وكذلك المجتمع استفاد فبرزت الجمعيّات التطوعيّة والأعمال الخيرية وتقديم العون والمساعدة للمتضررين وزاد الوعي لدى الموطن بمخاطر تلك الأنواء وكيفية تجنبها والاستعداد الأمثل لها.
من خلال هذه المقدمة الطويلة نوعا ما، أود الدخول في محور الحديث المتعلق بالخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وتجاوزها مثل ما تجاوزت السلطنة أزمة الأنواء المناخية، وأهم عامل هو التعاون والتعاضد والمشاركة بين الحكومة وأفراد المجتمع، وأولى هذه الخطوات هو تشكيل لجنة مشتركة بينهما تضم أعضاء من مجلس الوزراء ومجلس التخطيط ومجلس عمان بشقيه مجلس الدولة ومجلس الشورى وممثلين من الجهات العسكريّة والأمنيّة وكذلك أفراد من المجتمع المدني سواء كانوا رجال أعمال أو أكاديميين أو اقتصاديين أو قانونيين أو غيرهم يكونون معنيين بهذا الأمر ويكون دور هذه اللجنة مشابهًا لدور اللجنة الوطنية للدفاع المدني عندما تعرضت السلطنة للأنواء المناخية أي إدارة الأزمة، وإيجاد السبل والطرق للخروج من الأزمة بأقل الخسائر والتكاليف للحكومة ولأفراد المجتمع المتمثلة في إيجاد خطة وطنية مرنة وفعّالة وواقعيّة بها العديد من البدائل والحلول والإجراءات المختصة بهذا الشأن وبلورة رؤية مشتركة وموحدة متفق عليها وإصدار التوجيهات لجهات الاختصاص لتنفيذ هذه الخطة كل في مجال اختصاصه وتوعية أفراد المجتمع بواجبهم نحو الخروج من هذه الأزمة.
وهنا أود التأكيد بأنّ عمان بلد الخيرات والرسول - صلى الله عليه وسلم- دعا لعمان وأهلها بالخير وقال من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان، وفعلا عمان تزخر بثروات كثيرة أولها ثروة التسامح والأخلاق والتعاضد بين أفراد المجتمع، ناهيك عن الثروات المعدنية والنفط والغاز الطبيعي والثروة الزراعية والسمكية والحيوانية والمركز الجغرافي المتميز الذي يمكن أن يكون له مردود كبير على الدخل القومي المتعلق بالتجارة والموانئ بحكم طول شواطئ السلطنة، وكذلك مطار مسقط الجديد حيث سيجعل من السلطنة نقطة هامة في الملاحة الجوية ويكون له مردود ايجابي، وكذلك الجانب السياحي فالسلطنة تزخر بمقومات جذابة للسياحة بحكم تنوع طبيعتها الجغرافية وتاريخها المادي والثقافي والاهتمام بالمواسم السياحية من بينها موسم خريف صلالة حيث من الممكن استغلاله بشكل أكبر لجذب ملايين السياح في وقت ترتفع درجات الحرارة في معظم دول المنطقة على مشارف الخمسين درجة مئوية.
هذه مؤشرات سريعة على مصادر تنويع الدخل ولا ننسى نعمة الأمن والأمان والسلام التي تعيشها السلطنة وهي تعتبر في مقدمة النعم التي حبا الله تعالى بها عمان.
إن الأمر يحتاج إلى البحث عن حلول ابتكارية جديّة لكيفيّة تفعيل والاستفادة من هذه الثروات في المنظور القريب والبعيد لنخرج من هذه الأزمة الاقتصادية ونستفيد منها الدروس والعبر.
وفي هذه الأثناء يجب أن يكون لهذه اللجنة متحدث رسمي ليقطع الطريق أمام الشائعات والتكهنات، وكذلك من الممكن استمرار عمل هذه اللجنة إلى ما بعد الخروج من الأزمة الاقتصادية وهو إيجاد إستراتيجيّة وطنية لجعل السلطنة أولى دول المنطقة الناجحة اقتصاديًا من خلال الأخذ بالحلول الابتكاريّة لتطوير الاقتصاد المعتمد على تنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمارات والصناعات وتخفيض المديونيات وغيرها من الإجراءات تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله ورعاه وألبسه ثوب الصحة والعافية الذي نتعلم منه يومًا بعد يوم الحكمة والصبر والمثابرة في إدارة ومعالجة الأمور والمواقف.