مدرين المكتوميَّة
جاءَ حديثُ نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- "تَهَادُوا تَحَابُّوا"، ليحثنا على تعزيز علاقتنا الإنسانية بالهدية من فترة لأخرى؛ لننعش علاقاتنا البشرية، خاصة في ظل روتين الحياة اليومية وضغوطاتها على الفرد. وقد تكون الهدية صغيرة وقيمتها المادية بسيطة لكن أثرها على العلاقة قد يكون قويًا، فنحن نفرح عندما نتلقَّى هدية أيًّا كانت وهناك مناسبات كثيرة: العيد، وأعياد الميلاد، وعيد الأم...وغيرها من المناسبات التي يُمكن من خلالها أن نتعاطى الهدايا ونتبادلها.
ومن مِنَّا مَنْ لا تُفرحه الهدية وتسعده؛ فلحظة تسلم الهدية تظل محفورة في دواخل متلقِّي الهدية، وكذلك الحال للشخص الذى قدَّم الهدية ليعبِّر فيها عن حُبِّه ومعزته للشخص الآخر، فإنَّ العبرة التي تقف وراء الهدية لا تتمثل في ثمنها الباهظ أو الرخيص بقدر ما هي طريقة تقدير الشخص الذي تعزه وتحترمه وتحبه، تعبر عن تلك الأشياء بوسيلة تقديم هدية لتبرهن له مقدار ذلك الشيء الذي يجيش بداخلك لإنسان آخر. ما زلت أحتفظ بتلك الهدايا التي تلقيتها من أصدقائي في مناسبات عديدة، وكلما أنظر إليها ينتابني إحساس بأن صديقاتي هم أسرتي وهن أخواتي، وأنا أحبهم بقدر لا يُمكن حسبانه، بل هُنَّ كل حياتي، أشعر دائماً بأنَّ نجاحي وتفوقي يقفن خلفه بدعمهن ومساندهن لي في مختلف دروب الحياة، فأنا أبادلهن الحب بالحب، ولايسعني إلا أن أهدي لهن كل القبل.
ولا أنسى أيضآ أنَّ الله يُكرمنا بأشخاص قد يكونوا هم الهدايا نفسها، ولا نستطيع أن نستنشق الحياة دونهم؛ فهؤلاء مكانهم بوتقة القلب ومهجة الروح، ومسماهم الحقيقي في قلوبنا "الحب"، فلك أيها الحب الذي جئت كقدر جميل أهديك باقي العمر.
ولا أَنْسَى أبدًا أنَّ هنالك هدايا الزملاء التى تُزيد من معدل الطاقة الإيجابية للعمل، وهم جزء من أسرة كبيرة تقدِّم كلَّ العون وتمهِّد جميع الطرق من أجل الإبداع والتفوق والتميز؛ فهدايا الزملاء تعبيرٌ حقيقيٌّ يزيد من دافعية تحول الزمالة إلى صداقة، وتعميق العلاقة، خاصة عندما يكون في العمل من يَفْرَح لتميزك، ويتمنى لك التفوق دوماً من كل قلبه. فالهديا في مُجملها وسيلة تعبير بصورة أكبر، وقد تكون الهدية نصائح وخوفا على الآخر ولهفة وإحساسا متبادلا من شخص يفرح لحدِّ البكاء بنجاحك أو اجتيازك امتحانا في مرحلة تعليمية أو دخولك القفص الذهبي...وغيرها من الأفراح التى تُصادف الشخص في حياته، ويمتد فرحهم بك حتى تشعر بأنَّ نجاحك هو نجاحهم، ومثل هذا الحب والاحتفاء تجده عند الأم والأب والإخوان.. إنَّه الحب الفطري الذى ينبُع من أعماق الإنسانية، وهؤلاء أحبهم ولا أستطيع أن أهديهم شيئًا إذا أردت أن أبادلهم هدية بهدية، ولو أعطيتهم ما تبقَّى من عُمري سأكون مُقصِّرة فيما يحيطوني به من دفء وحنان ومحبة تجعلني أدعو لهم صباح مساء بأن يحفظهم ويُمتِّعهم بالصحة والعافية وجميع الآباء والأمهات، أُرسل لهم محبتي لأنَّهم الشعلة التى بداخلنا التى تضيء لنا الطريق لنسير نحو أهدافنا بنجاح.