سياسة محاسبية أم اقتصادية

حقيبة ورق

حمود بن علي الطوقي

من خلال قراءة سريعة للوضع الاقتصادي الراهن يتضح جليًا، أنّ الحكومة تعمد إلى تبني سياسات تجنح إلى المحاسبية أكثر منها اقتصادية!.

حيث أعلنت الحكومة انتهاج سياسة جديدة مبنية على واقع تقلبات أسعار النفط والتي لامست المميزات التي كان يستفيد منها الموظف وتمثلت في تقليص حجم الإنفاق إلى دون المستوى، وذلك رغبة من الحكومة في ترشيد الإنفاق من خلال تقليص الحوافز المشجعة للموظف.

وإذا أردنا أن نضع الأمور في نصابها ونعمل من منطلق التكيف مع الأوضاع الاقتصادية، فعلينا أن نعود إلى التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء والتي تنطلق من مبدأ تعظيم الاستثمار وترشيد الإنفاق، وأعتقد أننا ركزنا كثيرًا على مبدأ ترشيد الإنفاق وأهملنا في ذات الوقت جانب الاستثمار، وكأن من شأن هذا الترشيد أن يُعزز من إجمالي الناتج المحلي للدولة ويرفد خزينة الدولة بمبالغ تغنينا عن البحث في الاستثمارات الجادة وذات القيمة المضاف.

أكثر ما أخشاه أن يكون هذا الانخفاض في أسعار النفط سبباً في إصابة التوجه الاستثماري بالشلل، رغم أنّه من المفترض الاستفادة من الوضع الراهن في البحث عن بدائل جديدة تكون مهمة لرفد اقتصادنا الوطني وأعلم يقينًا أنّ المُخططين على دراية كاملة بأن هناك بدائل يمكنها أن تعزز الاقتصاد العماني بعيداً عن النفط، فبلادنا قد حباها الله بخيرات كثيرة، وهي قادرة على أن تحل محل النفط والذي سوف ينضب في يوم من الأيام.

الكثير من الندوات والمؤتمرات عقدت وطرحت فيها العديد من الآراء والأفكار لتعزيز الاقتصاد الوطني ورفد خزينة الدولة بأموال قد تكون البديل عن النفط ولكن يبدو أن التحرك في مجال التنويع الاقتصادي يحتاج إلى سياسة النفس الطويل، لهذا اتجهت الآراء إلى ترشيد الإنفاق على حساب المواطن المغلوب على أمره.

بالأمس وعلى حسابي في تويتر تحدثت حول حجم تحويلات الأموال من قبل الوافدين وطرحت فكرة فرض ضريبة على هذه الأموال والتي تحوَّل يوميًا بمئات الملايين من غير وجود أية قيود وحسب رأي أحد الموظفين في أحد البنوك فإنّ جل عملهم يتركز في تحويل الأموال التي تخرج يوميًا .صحيح إن ما يُميز الاقتصاد الحر هو عدم وجود قيود على الأموال ولكن فرض ضريبة ولتكن بنسبة ١٪ أو٢٪ أمر مهم إذا ما عرفنا أن آخر الإحصائيات الرسمية من قبل البنك المركزي تشير إلى أن حجم التحويلات خلال العام ٢٠١٤ بلغ نحو ١٠،٣ مليار دولار وهذا المبلغ بحد ذاته يمثل أكثر من ٣٥٪ من إيرادات النفط .

هناك مجالات للاستثمار مفتوحة ومتاحة للوافدين وبإمكانهم توظيف جزء من مدخراتهم في الاستثمار في البلاد بدلاً من تحويل كل المدخرات إلى الخارج.

أعتقد أنّه آن الأوان لنبحث عن ما هو مُفيد لتعزيز دخلنا القومي ونعمل على تنميته وتشجيع الاستثمار وتوفير بيئة محفزة له بدلاً من التوجه إلى الترشيد في الجوانب التحفيزية والتشجيعية للمواطن .

علينا أن نتعلم من هذه الأزمة، بحيث لا نحتاج إلى النفط حتى وإن تعافت السوق النفطية، فلدينا البديل والأهم منه ألا وهو الفكر المستنير والرأي السديد الذي يجعلنا نفكر في تعظيم حجم استثماراتنا بما هو متاح في طبيعتنا ومواردنا وعقولنا والتركيز على الاستثمار في العنصر البشري من خلال إصلاح العملية التعليمية والارتقاء بها إلى مصاف العالمية وجعلها مواكبة لمتطلبات سوق العمل والإخلاص في العمل .

تعليق عبر الفيس بوك