تراجيديات رياضية...!

المعتصم البوسعيدي

"التراجيديا" في تعريفها البسيط جدًّا تعني "النهاية المأساوية"، لكنها لا تتشكل فقط من أحداث حزينة، بل من الممكن إن تنتج بعد مساقات الفرح والأحداث الجميلة مثل المرآة الجانبية في السيارة حين تعكس حقيقة الأشياء، لكن ثمة ما يُعرف "بالنقاط العمياء" تؤدي لحوادث سير إذا أغفلناها رغم التحذير الموجود.. "مقاسات وبعد الصورة في المرآة غير حقيقية"، وهكذا الرياضة عالم مليء "بالتراجيديا" رغم ما تحمله من المتعةِ والسعادة.

*****

كرة الطائرة العُمانية قصة لا تعلم أين تكمن حبكتها؟! شهدت هذا الموسم حكاية رائعة بطلها نادي السلام الذي حصد ثلاثة ألقاب تاريخية وكسر احتكار أندية لها صولات وجولات وتاريخ حافل، وتغلب على كل التحديات والعقبات، ومع تفوق السلام ظهرت الفكرة العائمة مع كل نجاح "قوة البطل أم ضعف المنافسين؟!" وأجزم هنا بإن "من جد وجد ومن زرع حصد" وأعتقد الجميع بأغلبيته يتفق على جدارة نادي السلام ومشاركتهم الفرحة تشمل الفرحة بكرة الطائرة العُمانية؛ نظير توسع المنافسة، إنما هناك "تراجيديا" في طائرتنا يمكن اختزالها في مشهد إنسحاب نادي صحم من مباراة التراتب على المركزين الثالث والرابع مع شقيقه نادي السيب في بطولة درع الوزارة، والشكل التنظيمي للحفل الختامي.. إن بعض ما ينقص هذه اللعبة يتردد على المسامع بضرورة الإنصات لمطالبة إشراك أكبر عدد للأندية في الدوري؛ حيث بالإمكان دمج الدرجات كأحد الحلول المتاحة.

*****

نادي صُحار كان ولا يزال بجماهيره الوفية العنوان الأبرز منذ وصول النادي لدوري المحترفين؛ لقد قدمت هذه الجماهير صورة رائعة وكانت خير سند لفريقها في الضراء والسراء، التماسيح -كما يحلو لعشاقه تسميته- قدم في الدور الأول من هذ الموسم مستويات جيدة جعلته على صدارة جدول الترتيب، غير أن ذلك لم يستمر طويلاً؛ ففي لحظة فارقة ظهرت بوادر "تراجيديا" قادمة مع رحيل المدرب "المكيس" في ظروف غامضة، ثم مسلسل العقوبات التي طالت بعض اللاعبين والإنحدار الواضح على مستوى الأداء والنتائج، حتى وصل الحال بعد نهاية الموسم لحالة من الغرق للسفينةِ "الصحارية" دون أن ينبري "نوخذة" شجاع يملأ "الفجوة" القيادية ويمسك بزمام الدفة، مما تسبب في الفترة الأخيرة برحيل اللاعبين أثر التعاقدات الأخيرة التي شاهدناها هنا وهناك، والعدد قابل للزيادة.. إنها "تراجيديا" صعبة جدًّا لربما ستزداد مأساتها مع مرور الوقت، فأين المخلصين من أبناء صحار عن أخضر بدأ الجفاف يطاله؟!

*****

وتستهدف بطولة "شجع فريقك" التي تدعمها وزارة الشؤون الرياضية الفرق الأهلية المكون الحقيقي لكل أندية السلطنة، وتأتي ضمن برامج الوزارة المتطلعة لزيادة الوعي بالرياضة، ومع كل التقدير لغايتها ووسيلتها والطريقة الجيدة في تنظيمها، إلا أنَّها بطولة "زادت الطين بله" وإعادتنا للمربع الأول حول جوهر "الأولويات" وضرورة التعاطي على أساس سُلم "الأهم فالمهم" فالتحدي الكبير حول "تفريغ اللاعبين" غايته الحفاظ على حالتِهم البدنية والذهنية وضمان الإستفادة القصوى من إمكانياتهم مع الأندية والمنتخبات الوطنية، إلا ان هذه البطولة تنتهي "بتراجيديا" ضعف إستعدادات الأندية للموسم الجديد، كما إنها تستهلك اللاعب بصفة غير صحية، فعلاوة على مشاركة معظم اللاعبين في بطولات مؤسساتهم كدوري القوات -على سبيل المثال- تجدهم أيضًا ومن سوء تعاملهم الذاتي ينخرطوا في بطولات أخرى كالدورات الرمضانية والصيفية على حد سواء، هذه البطولة -حسب وجهة نظري- تساعد على تعزيز ضعف الانتماء للأندية لحساب الفرق الأهلية، فعن أي استفادة نتحدث تجنيها الأندية من هذه البطولة؟! البطولة تحتاج لإعادة صياغة ومن الجيد إخراج لاعبي الأندية والمنتخبات بطبيعة الحال من المشاركة، كما يمكن إلغاء بند الاستعارة من خارج وداخل الولاية مع مراعاة وضعها في توقيت مناسب.

*****

"التراجيديا" من المصطلحات "التي تستخدم في القواميس الفنية التعبيرية وكان أول من صنفها فناً الفلاسفة الإغريق حيث وظفوها في إعمالهم الفنية والمسرحية" إلا إنني وبعيدًا عن كل ذلك أرى أنها -ربماـ تحمل نتيجة عكسية لتعريفها؛ حيث يمكن إن تكون بداية رحلة جديدة تفضي لنهايات سعيدة، وعلى هذا ندعوا صناع القرار الرياضي لحمل قناديلهم؛ فـ"التراجيديا" وإن اكتسبت التعاطف لكنها ستظل نهاية سوداوية طالما لم نحسن قراءة أحداثها!!

تعليق عبر الفيس بوك