مال الميراث السائب.. يعلّم السرقة ويقطع الأرحام

الشقيق الأكبر أدار أموال إخوته الصغار.. فطمع فيها

رصد التجربة - مدرين المكتومية

توفى والد "خ.س" وهو لا يزال يدرس بالجامعة. وهو ينتمي إلى عائلة تتمتع بوضع مادي جيد، حيث إن لديهم منزلا كبيرا وأكثر من قطعة أرض ومزرعة، وبعد الوفاة جاء وقت تقسيم الميراث، لكنّ الأخ الأكبر رفض أن يسمح لإخوته الصغار بأن يديروا أموالهم. وبعد مرور سنوات، كبر الإخوة وطالبوا بحقهم بعد أن تساهلوا في البداية وتنازلوا عن كل شيء ثقة في شقيقهم الأكبر، لكنه تمسك بتأجيل البت في الأمر.

أصر الأشقاء على الاستقلال بحياتهم عن بيت العائلة، لكن بعضهم كان لا يريد أن يتورط في صدام مع الشقيق الأكبر. وكان "خ. س" يمر بضائقه مالية دفعته للدخول في مشاحنات مع شقيقه الأكبر خصوصا وأنه تزوج وأصبح لديه أطفال يحتاجون مصاريف أكثر من راتبه الشهري الذي يتقاضاه من شقيقه. لكن الأخ الأكبر تمسك بالتأجيل لأنّ الأمر في حاجة إلى مزيد من الوقت لتصفية الأموال والممتلكات، ووصل الأمر إلى طريق مسدود، مما استدعى تدخل آخرين للوساطة.

كان "خ.س" يدرك أن شقيقه يماطله كسبا للوقت دون نية لإعادة الأموال بسهولة. وتدخل عدد من أصدقاء والدهم دون فائدة، فما كان من "خ.س" إلا أن اجتمع بإخوته وشجعهم للتمسك بحقهم من الميراث وكانت ردة فعل الأخ الأكبر إيجابية مشترطا مهلة لمدة شهر. لكنه في نهاية الشهر منح كل منهم ألف ريال فقط من حصتهم من الميراث، خصوصا وأنه استثمر أموال والدهم وميراثهم في تجارة المقاولات حتى امتلك بنايتين، واعترض الجميع على المبلغ مطالبين بإعادة تقسيم حصصهم من الميراث، فما كان منه إلا أن طلب منهم يتريثوا قليلا حتى يستطيع أن ينظم كل شيء، وأعطوه مهملة جديدة.

حاول "خ. س" أن يتعرف على تفاصيل الأمر من الزاوية القانونية، وتواصل مع عدد من المحامين وأصحاب التجارب، وكان هناك من يعطيه أمل والبعض يخبره أن الأمر انتهى بعبارة بسيطة مضمونها "القانون لا يحمي المغفلين" حيث إنّهم وقعوا على التنازل دون أي ضغط. وظل التفكير في حقوقه أمر يشغله طوال الوقت، وما كان منه إلا أن اتفق مع أحد أصحابه يعمل في السلك القانوني ليتدخل ويخبره بأنّ هناك بلاغا مقدما ضده، مما أصاب الشقيق الأكبر بالتوتر لكنّه أصر على أن لديه أوراقا قانونية تثبت تنازلهم عن رضا.

حاولت زوجة "خ .س" أن تقنعه بنسيان الأمر تجنبا للمشاكل العائلية، فذهب إلى منزل شقيقه ليبلغه أن حقه معلق في رقبته ليوم الدين. ومرّت السنوات ولم يتغير شيء، ولم يطالب أي من الأشقاء الصغار بحقوقهم مجددا بل تركوا كل شيء يمضي بهدوء فكل واحد يعيش حياته برضا وبعيدا عن المشاكل، حتى فوجئ "خ. س" باتصال من شقيقته تخبره أن ابن شقيقه الأكبر توفي في حادث سير، فحضر الجميع العزاء دون نقاش في أمر الميراث، وانتهت أيام الحداد. وعاد كل منهم إلى بيته. وبعد مرور عدة أشهر أبلغ الشقيق الأكبر أخوته أنّه يرغب في أن يرد إليهم أموالهم، لكنه ادعى أنّه خسر الكثير من المال في إحدى الصفقات وأنه مديون للبنك بمبلغ كبير، لذلك لن يستطيع أن يعيد أموالهم ويطلب منهم أن يسامحوه.

رفض الجميع مسامحته بل قالت له إحدى شقيقاته إنّها تريد أن تراه في السجن انتقاما من رب السماء.

لم يكن بيد "خ. س" سوى أن ينسى أن لديه أخا أكبر، ويتجاهل ما يسمعه عنه وعن أسرته وأنهم يمرون بضائقة مالية وظروف سيئة بين فترة وأخرى. ورفض أن يكون هناك أي علاقة بين أبنائه وأبناء شقيقه.

تعليق عبر الفيس بوك